في كثير من اللحظات لا تستطيع الكلمات وصف حادث.. خاصة إذا كان الحادث من القبح والبشاعة بحيث لا يمكن وصفه فما قام به القتلة من مجزرة بشعة في مسجد الروضة بشمال العريش يدل علي كيفية تفكير هؤلاء. الهجوم في حد ذاته لا يعد هجوماً تكتيكياً لأن اختيار بشر عزل من السلاح وقتلهم يؤكد إفلاس هؤلاء القتلة وعدم قدرتهم علي المواجهة وهذا الأسلوب اتبعته داعش في العراق مع بداية النهاية لدولتهم وعندما أحسوا بنهاية وجودهم اتجهوا إلي إرهاب العزل والأبرياء لإحداث رعب لدي المواطنين. المؤكد أن ما حدث في سيناء ليس جديدًا علي مجرمي التطرف ولكنه جديد علينا في مصر فلم يحدث أن راح هذا العدد الضخم من الضحايا 305 في حادث إرهابي لذلك كانت الصدمة كبيرة لنا ووجب معها أن نغير أسلوب التعامل مع الإرهاب فالجميع خلف الدولة المصرية في حربها علي الإرهاب.. والجيش والشرطة يتحملان الضغط الأكبر في هذه الحرب ضد عدو قذر لا عقل له إنما الجهل هو فكره. وفي الحقيقة أن القضاء علي الإرهاب ليس فقط بالاستراتيجيات الأمنية رغم أهميتها إلا أن هذا الفكر يجب أن يجتث من فوق الأرض ولكن كيف؟ الإجابة ليست سهلة فالفكر التكفيري ليس بجديد علي الإسلام فهو متأصل في التاريخ فكثير من الجماعات انتهجت هذا الفكر خاصة في العصر الحديث. لكن الفرق الآن أن أصحاب هذا الفكر ولأول مرة في التاريخ يجدون التمويل والدعم ليس فقط من دول عربية إنما أيضاً من دولة غربية.. والأغرب الحماية ومنحهم الفرصة لنشر هذا الفكر الظلامي بين الناس سواء في العالم العربي أو في الدول الغربية والكل يعلم ذلك لكن المشكلة الأكبر هي عدم وجود فكر مضاد لهم فكر وسطي يستطيع أن يجذب الشباب ويحميه من التطرف. في الماضي كان لدينا شيوخ إجلاء مثل الشيخ الشعراوي أو الغزالي وغيرهما من المدرسة المعتدلة للإسلام ولكن للأسف رغم وجود الكثير من المشايخ الذين يحاولون.. إلا أننا نفتقد إلي الشيخ العالم الذي لديه القدرة علي التأثير في الشباب والبسطاء. فكما أن هناك حربًا علي الإرهاب يقودها رجال الجيش والشرطة البواسل إلا أن الحرب علي الإرهاب بالفكر لم تنجح حتي الآن في تحقيق تقدم ومازالت إمكانيات الدعوة إلي الإسلام الوسطي لم تجد طريقها إلي النجاح. هناك أسباب عديدة لهذا الوضع وأنا لست بعالم دين حتي أفند هذه الأسباب ولكن كمسلم ممكن أن أقول إن التركيز علي سماحة الإسلام والنبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام قد تكون وسيلة أو تطوير المناهج الدينية لتخريج دعاة قادرين علي توصيل صحيح الدين للناس هنا الكثير من الطرق التي يمكن من خلالها دعم الفكر الوسطي وعلي سبيل المثال لا الحصر هؤلاء التكفيرون يستخدمون وسائل التكنولوجيا الحديثة من خلال النت لنشر أفكارهم الهدامة في حين أن أصحاب الفكر الوسطي لم ينجحوا حتي الآن في غزو النت ونشر أفكارهم.. المشكلة أن أصحاب الفكر الظلامي نجحوا في اختراق الشباب من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وجندوا الكثير من الشباب فاقدي الهوية الدينية لتحويله إلي التطرف. واعتقد أننا نحتاج إلي استراتيجية دينية بجوار الاستراتيجية الأمنية لمواجهة هذا الفكر الذي يدمر البشر والحياة فهل نحن قادرون علي ذلك؟ اتمني ذلك وأدعو الله عز وجل أن يرحم شهداء مسجد الروضة ويتقبلهم في رحمته.