لا يمر أسبوع إلا ويخرج علينا أحد أدعياء الثقافة والفكر في مصر بتطاول علي القرآن أو السنة النبوية أو أحد الصحابة أو مرجع من المراجع الدينية الموثوق فيها أو عالم من العلماء الذين أفنوا حياتهم في سبيل هداية الناس الي تعاليم وآداب الإسلام والغريب والعجيب أن شجاعة هؤلاء لا تظهر إلا في التطاول علي الإسلام وعلمائه ومؤسساته ولا يجرؤ واحد منهم علي التطاول علي دين آخر أو رمز ديني غير إسلامي فهم علي الإسلام وعلمائه "أسود" وعلي غيره "نعام". لا أدري ما الذي دعا السيدة فريدة الشوباشي الي التطاول علي الشيخ محمد متولي الشعرواي- رحمه الله- في هذا الوقت بالذات وبعد رحيل الرجل بحقبة طويلة من الزمن؟ ما الذي فكرها به الآن وما هي الدوافع الحقيقية لشغل الناس بجدل حول شخصية دينية رحلت عن عالمنا وتحظي بتعاطف شعبي جارف حتي ولو وجدنا عليه بعض المآخذ؟ وهل من الحصافة أن أتحدي مشاعر ملايين من الجماهير المحبة للشعراوي وهو الميت الذي لا يستطيع أن يرد أو يدافع عن نفسه لأتلقي بعدها سيلا من الهجوم والإهانات في كافة وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي؟ الحقيقة التي لا يدركها هؤلاء "الأشاوس" من أمثال يوسف زيدان وشريف الشوباشي وإسلام بحيري ومعهم فريدة الشوباشي أنهم بهفواتهم يهدرون ما تقوم به مؤسسات الدولة الدينية التي تحاول تأكيد أنها تعمل علي ترسيخ قيم التدين الصحيح وأن الدولة تدعم كل القيم الإسلامية النبيلة وتحافظ علي مكانة العلماء. هؤلاء المنفلتون للأسف يقدمون مبررا قويا للعناصر المتطرفة لأنهم يرون في مزاعمهم وتطاولهم مبررا لتشددهم ورمي المتطاولين بالكفر نتيجة هفواتهم ودعواتهم المرفوضة دينيا.. بل ويعتقدون أن الدولة تدعم هذه الأصوات النشاز وهذا في الواقع غير صحيح.. وبذلك يدعم هؤلاء التطرف والارهاب من حيث لا يدرون.. أو لعلمهم يدرون ولكن لا يعبأون بنتيجة ما يفعلون.. وهي السفاهة بعينها التي أعيت من يداويها!! ينبغي أن يدرك هؤلاء أنهم يمثلون وجها آخر للتطرف الفكري لا يقل خطورة علي المجتمع من التكفيريين الذين يتخذون العنف وسيلة لتحقيق أهدافهم الرخيصة.. وأنهم بتطرفهم هذا منبوذون من كل فئات المجتمع لأنهم يعرضون أمنه وسلامته الدينية والاجتماعية والأخلاقية للخطر ولذلك ينبغي أن تتبرأ منهم كل مؤسسات الدولة لأنهم عوامل هدم وتخريب ولا يحملون فكرا ولا ثقافة.. كما ينبغي تقديم نصيحة للقائمين علي الفضائيات المصرية بالتوقف عن استضافة هؤلاء المنفلتين لأنهم يصدمون مشاعر الناس.. ويكفي حالة اللغط وحرق الدم وتلف الأعصاب والتوتر الذي عاشته السيدة فريدة الشوباشي منذ أن تطاولت علي الشيخ الشعراوي وحتي الآن. تعقلوا أيها السادة وكفوا عن هذه السفاهات.. وتأكدوا أن هذه البلاد لن تستقر أحوالها بعيدا عن التدين الصحيح الذي يحمي الجميع من التطرف بكل صوره وأشكاله. مصر في حاجة الي مثقفين عقلاء يدركون أن الشعب المصري يرتبط بدينه ويقدر علماءه ويلتف حول المتميزين منهم ويهب للدفاع عنهم حتي ولو مر علي رحيلهم قرون. مصر في حاجة الي مثقفين يجمعون الناس حول القضايا الوطنية ويعبئون الرأي العام ضد التحدي الأكبر للوطن والشعب وهو مواجهة الارهاب واقتلاعه من جذوره. لا ينبغي أبدا أن نشغل الجماهير بمعارك وهمية وبطولات زائفة لبعض عشاق الشهرة ولو علي حساب مصلحة الوطن.