مضت عشرة أيام من شهر الصيام وظهرت ملامح بعض المسلسلات ومستوياتها وإن كنت أتحدي أن يكون هناك مشاهد واحد قد استطاع أن يتابع كل المسلسلات أو يلم بموضوعاتها مجتمعة لأسباب كثيرة أهمها كثرة هذه الأعمال التي تقترب من الأربعين عملاً وذلك الكم الهائل من الإعلانات وبصفة عامة فهي وجبة رمضانية دسمة وإن كان بعضها لا يستحق كل هذا الانفاق والأجور المرتفعة والمبالغ فيها ولكنها الأرزاق التي يكتبها الله للفنانين في هذا الشهر الفضيل الذين يجلسون طوال العام في بيوتهم بلا عمل ويبدو أن المعلنين قد تأكد لديهم أن شاشات رمضان هي المنفذ المهم لهم لترويج بضاعتهم وسلعهم حيث يجتمع أفراد الأسرة في البيوت أمام الشاشات في توقيت واحد ولهذا فقد أقبل المنتجون علي هذا النوع من التجارة يستثمرون فيها حتي أن منتجاً واحداً وهو تامر مرسي قد أنتج ما يقترب من ثمانية مسلسلات كبري من بينها مسلسل الزعيم "عادل إمام" الذي تعدي أجره في هذا العام الأربعين مليوناً وشارك أكثر من منتج في انتاج عملين أو ثلاثة وتبدو شاشات رمضان هذا العام مضيئة وهذه انطباعات عن بعض هذه الأعمال بعد مرور ثلث أيام الشهر الفضيل كالعادة يبدو الزعيم "عادل إمام" متألقاً في مسلسل "عفاريت عدلي علام" ونحن نسعد بمجرد رؤيتنا له ويبقي الكلام عن فكرة المسلسل التي يبدو أنها لم ترتق الي مستوي أعماله السابقة ونأمل في تحرك الأحداث في الحلقات القادمة فالقماشة ثرية حول أمنياتنا في تغيير حياتنا حتي وإن كان ذلك من خلال العفاريت. دور جديد لهالة صدقي وتألق ملحوظ وطلة مختلفة لغادة عادل جهد كبير يبذله المخرج رامي إمام والعمل يذكرنا بالعفريتة سامية جمال ورشدي أباظة في الفيلم الشهير. في مسلسل "ظل الرئيس" يبدو أن الفنان ياسر جلال قد عثر علي دور حياته يمرح فيه ويصول ويجول أحداث المسلسل متطورة ومتحركة تجذب المشاهد إليها خاصة شخصية يحيي نور الدين ورفاقه الذين كانوا يشكلون فرقة حرس الرئيس وحمايته خاصة عن محاولة اغتياله في أديس أبابا وهو ما يشير إلي المحاولة الآثمة التي تعرض لها الرئيس الأسبق مبارك في أثيوبيا وفي اطار من المغامرات والاثارة يتصدي يحيي لمحاولات اغتياله ويتباري معه في هذا العمل النجوم محمود عبدالمغني في شكل جديد وكذا هنا شيحة ودينا فؤاد وكذلك القافز الي النجومية إيهاب فهمي والمتجددة علا غانم عمل يستحق التحية فكرة وانتاجاً وتصويراً وتميزاً ملحوظاً لياسر جلال. طلة خفيفة وجميلة مع بداية الافطار للنجمة دنيا سمير غانم وابيها الفنان الكبير سمير غانم ومجموعة الفنانين محمد ثروت وشيماء سيف.. إنها محاولات لتذكيرنا بأيام نيللي وفطوطة ولكن هيهات وبالرغم من تطور الامكانيات في التصوير وعناصر الابهار إلا أن فهمي عبدالحميد وسمورة ونيللي كنا نتوقف ونتسابق لمشاهدتها. "أرض جو" مسلسل كان يمكن أن يكون أجمل ولكن قماشة أحداثه وقعت ويبدو أنه كتب علي عجل فنحن أمام أحداث تسير بطيئة وقد توقفت عند رفض الأب أحمد فؤاد سليم بيع مكتبته التراثية رغم حاجة الأسرة للمال وامكانية العثور علي أكثر من حل ولكن توقفت الفكرة عند مجرد طمع العم عبدالرحمن أبو زهرة وتوارت حكاية الأخ الذي اختطف الطائرة وماهي دوافعه ولم تقدم غادة عبدالرازق من خلال دورها سلمي مضيفة الطيران جديداً والصراع يبدو هادئاً ولذيذاً في الوقت الذي كان يحتاج صخباً وعنفاً ولكبر الفنانين يوسف عثمان ليكون أكثر نضجاً ويبدو باقي الفنانين في حالة صيام مثل عباس أبو الحسن وهدوء ممل في علاقة الأم نهلة سلامة الآثمة مع الطيار "محمد كريم" الذي يمارس خداعه علي ابنتها ويلعب بها والعمل يحتاج وفوداً أكثر تدفع أحداثه حتي تنسجم والخطوط الأخري في العمل هشة وغير مؤثرة. "الجماعة 2" كعادته يتألق كاتبنا الكبير وحيد حامد يبدو حصاد جهد علي مدي السنوات الماضية واضحاً حيث يواصل عرض رحلة تكوين وتاريخ جماعة الإخوان ما لها وما عليها لقد فتح نافذة نطل منها علي التاريخ حتي نتعلم ونقرأ ونشاهد ونتساءل وجوه الممثلين الذي نعرفهم أولاً نعرفهم بدت جديدة وكأننا نراها لأول مرة يتألق نضال شافعي في شخصية الشيخ الباجوري وصابرين في شخصية زينب الغزالي والممثل الأردني ياسر المصري في "جمال عبدالناصر" ومحمد فهيم "سيد قطب" وعبدالعزيز مخيون "حسن الهضيبي" ومحمود الجندي في شخصية "مصطفي النحاس" زعيم الوفد ومحمد البياع في شخصية الملك فاروق وأحمد عز في دور عبدالرحمن السعدي قائد التنظيم المسلح للإخوان الأحداث تطرح فترة مهمة من تاريخ مصر حيث قيام ثورة يوليو 52 وموقف جماعة الإخوان وردود الأعمال نحوها وبعد سيد قطب في بداية الأحداث نجماً وقد تألق محمد فهيم في أدائه وقد يبدو أن العمل دعاية مجانية للجماعة ولكننا ينبغي أن ننتظر الي نهاية الأحداث ومع ذلك فإن العمل قد أعطي رسالة مفادها أن هذه الجماعة كيان منظم وقوي قبل وبعد الثورة في الوقت الذي لا يوجد فيه كيانات أخري منظمة مثلهم كما أنه علي مدي أكثر من مائة عام لم نر حزباً أو جماعة موجوداً علي الساحة وله مواقفه الوطنية والبطولية ولكنه لم يحظ بالاثارة المطلوبة التي تجعل كاتباً مثل وحيد حامد يكتب عملاً عنه وعن زعيمه سعد زغلول وفي تصوري فإن جماعة الإخوان سعداء بعرض هذا العمل لهم وربما لسان حالهم يقول رب ضارة نافعة ولكن جعبة الكاتب وحيد حامد لم تكشف بعد عما لديه من تفاصيل تلك الجماعة التي لا رصيد لها سوي الدعوة لانقسام الوطن وتشويه ثقافته والتحية واجبة لمخرج هذا العمل شريف البنداري الذي يبدو عشقه للتاريخ ولشخصيات العمل وكذلك التحية لمؤلف الموسيقي التصويرية للمسلسل عمر خيرت. وخاتمة مسلسلات رمضان طويلة لنا تستوعبها المساحة ولكنها أعمال تستحق المشاهدة فلدينا مسلسل "الزيبق" الذي يبدع فيه كريم عبدالعزيز وشريف منير والحصان الأسود للنجم أحمد السقا و"عشم ابليس" للنجم عمرو يوسف و"طاقة نور" للنجم هاني سلامة وحنان مطاوع و"كفر دلهاب" للنجم يوسف الشريف و"وضع أمني" للنجم عمرو سعد و"لا تطفي الشمس" للنجوم ميرفت أمين وفتحي عبدالوهاب ومحمد ممدوح وأمينة المأخوذة من رواية أديبنا الكبير إحسان عبدالقدوس ومسلسل "حلاوة النبي" للنجمين هند صبري وظافر العابدي "والحساب يجمع" للنجمة يسرا و"لأعلي سعر" للنجوم نيللي وزينة وأحمد فهمي ونبيل ومنة شلبي "وكلبش" للنجم أمير كرارة و"ازي الصحة" للفنانين أحمد رزق وأيتن عامر و"قصر العشاق" للكبار عزت العلايلي وفاروق الفيشاوي وبوسي وسهير رمزي ووفاء عامر "و30 يوم" لآسر ياسين وباسل خياط ونجلاء بدر وغيرهم كثير خاصة الأعمال الكوميدية لأحمد مكي ورامز جلال وهاني رمزي هذا فضلاً عن النجوم الكبار الغائبين عن رمضان هذا العام ومنهم يحيي الفخراني وخالد الصاوي وليلي علوي وإلهام شاهين ومني زكي ومي عز الدين. هذه مصر وهؤلاء هم نجومها وقوتها الناعمة التي يجب أن تلقي كل الرعاية من الدولة حيث إنهم يمثلون بأعمالهم نوعية مهمة من صادرات مصر إلي الدول الشقيقة.. وتاريخ مصر الفني يؤكد علي خطورة وأهمية تلك الرسالة ورمضان كريم.