منذ نحو مائة عام عندما وضع قاسم أمين كتابه تحرير المرأة سنة 1899 انتبه إلي قضية مهمة تمس استقرار الأسرة في الصميم ألا وهي ضرورة ضبط حق الرجل في تطليق زوجته حتي لا تنهدم البيوت بفعل كلمة غضب.. لقد أزعجته احصاءات الطلاق في مصر.. فقرر ان يصنع نظاماً للطلاق يقنن مرات وقوعه ولكن السؤال الذي يظل يتردد هل في ضبط هذا الحق ما يمس أحكام الشريعة. وهل يتنافي حق المرأة في الخلع مع ضبط حق الرجل في التطليق؟ هذا هو الجدال الذي يدور الآن منذ ان انزعج الرئيس عبدالفتاح من أرقام الطلاق في مصر. جاء البرلمان ليسن قانوناً من أجل ضرورة وتوثيق الطلاق.. وجاءت المنظمات النسائية تطالب بضرورة تعديل قوانين الأحوال الشخصية ثم جاء بيان مجمع البحوث الإسلامية ولم يشف غليلا لأنه أكد أن الطلاق الشفهي يقع بحكم الشريعة ولكن لم يلزم الأزواج بضرورة توثيق الطلاق.. وهذا حق للزوجة كما كان حق الزوجين في توثيق الزواج. هل نظام التطليق أمام القاضي يلغي حق الخلع؟ ان حق الخلع في مصر لا تسخدمه إلا الزوجة الغنية التي ليست في حاجة لنفقة من زوجها أما الزوجات الفقيرات مهما كانت معاناتهن لا يلجأن للخلع من أجل أن تظل في بيتها مع أولادها لينفق الزوج عليها أما النظام الذي وضعه قاسم أمين للطلاق فيتكون من عدة مواد الأولي أنه علي كل زوج يريد أن يطلق زوجته أن يحضر أمام القاضي الشرعي أو المأذون الذي يقيم في دائرة اختصاصه ويخبره بالخلاف الذي بينه وبين زوجته المادة الثانية يجب علي القاضي أو المأذون ان يرشد الزوج إلي ما ورد في الكتاب والسنة مما يدل علي أن الطلاق ممقوت عند الله وينصحه ويبين له ويأمره أن يتروي لمدة اسبوع المادة الثالثة إذا أصر الزوج علي نية الطلاق فعلي القاضي أو المأذون أن يبعث حكماً من أهل الزوج وحكما من أهل الزوجة ليصلحا بينهما. المادة الرابعة إذا لم ينجح الحكمان في الإصلاح بين الزوجين فعليهما أن يقدما تقريراً للقاضي أو المأذون ثم يتم التطليق.. وهذا النظام الذي وضعه قاسم أمين لا يخالف الشريعة وإنما هو وسيلة للتروي والتبصر لمصلحة الزوجة وأولادها ودائماً ما يؤدي الطلاق إلي أطفال غير أسوياء وإلي تعثر أطفال الأسر المطلقة ثم تسربهم من التعليم حيث تصل نسبة التسرب إلي أكثر من 50% بينهم.. ويؤدي قيام الزوجة بمفردها برعاية الأطفال إلي ضعف السيطرة عليهم.. وأمامنا ظاهرة أطفال الشوارع أغلبهم من أسر مطلقة أو أسر مفككة. إن دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي لفضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر بالبحث عن حل فقهي لمسألة الطلاق الشفهي وقصره علي المأذون خاصة ان هناك 900 ألف حالة زواج في العام حوالي 40% يتم طلاقها خلال 5 سنوات وكانت نسبة الطلاق 6% منذ خمسين عاماً وكما أعلن جهاز التعبئة أن هناك حالة طلاق كل أربع سنوات كفانا جدالاً ونقاشاً واشعال الحرب بين الزوج والزوجة ولنبحث عن حل سريع لاستقرار الأسرة ورعاية الأطفال.