ميراث ثقيل.. غبي.. وفاسد.. هذا الذي ينقله عام 2016 إلي العام الجديد .2017 فلا شيء يمكن قبوله واعتماده.. كبداية.. وكأساسي للاستمرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدولة المصرية.. وهي تبدأ أيامها الأولي في رحلتها الجديدة مع عام. افتتحناه منذ أيام قليلة.. الميراث المرحل من سابق عهد مضي.. لا يحمل اشارة ايجابية واحدة. والحاملون لهذا الميراث.. لا يمكن ان يفاجئك منهم.. أفرادا كانوا أو جماعات.. من يمكن أن تعتبرهم.. أو حتي يعتبروا أنفسهم أناسا صالحين.. أو حتي عاديين. بل هم وبلا استثناء.. لصوص.. ومرتشون.. وعملاء لقوي وعصابات أجنبية واقليمية وأيضا داخلية. هم جميعا.. أبناء وصناعة.. لنظام وعصابات استحوذت علي مقدرات الوطن المصري وعلي امتداد 30 عاما من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك وقبله بضع سنوات. أدارها سلفه أنور السادات في أعقاب حرب أكتوبر وانتصاراته عام 1976 والتي بدد خلالها.. كل الإنجازات والانتصارات التي حققها المصريون مع انتصار أكتوبر .1973 تلك السنوات التي شهدت.. بيع القطاع العام وشهدت تهجير الكوادر المصرية إلي خارج البلاد.. في أعقاب نصر أكتوبر وشهدت وقف زراعة القطن وإغلاق مصانع الغزل والنسيج.. ومصانع الملابس الجاهزة.. فضلا عن صناعة الدواء.. وقطع الغيار وغيرها. وتحولت مصر من خلال هذه السياسة الفاسدة والمخططات المدبرة والمدمرة.. إلي "فراغ" لا يملأه.. ولا يهيمن عليه.. إلا برامج مستوردة أخذت البلاد والشعب إلي حالة من الفقر المميت.. وإلي طوابير لا تنتهي من المتسولين.. عصابات بلا حصر من البلطجية واللصوص والمجرمين ولم يكن أمام هذا الشعب المعتدي عليه.. إلا أن يغضب. وينفجر ويقرر الخروج علي مبارك ونظامه.. فيسقط "الرئيس المتآمر والجاهل".. ومن معه. *** لكن اسقاط مبارك.. ونظامه.. لم يكن كافيا.. للحل أو للخروج من الأزمة الطاحنة التي وضعوا فيها البلاد.. فغياب الكوادر النظيفة.. وعدم وجود قوي سياسية واجتماعية واقتصادية.. مؤهلة لأخذ البلاد.. بمقدراتها.. وشعبها في الاتجاه. الصحيح والسليم. الذي يضع نهاية حقيقية للانحرافات والمفاسد وسوء السلوك.. التي هيمنت علي الوطن لأكثر من أربعين عاما. غياب هذه القوي والجماعات والقيادات.. صاحبة الرؤية وحاملة مخططات التغيير والإصلاح والبناء. غياب هذا وغيره.. ترك البلاد تائهة.. وهائمة.. تبحث ولكنها لا تملك القيادة ولم يكن هناك ما يملأ "الفراغ" الذي تركه نظام مبارك المنهار. إلا عملاء الخارج.. ولصوص الداخل الذين ينفذون.. مشروعات وأهداف من يمدونهم بالمال وبالسلاح وبرامج الهيمنة والتخريب.. وكانت أولي تحركاتهم.. لبناء وقيام النظام الذي يخلف مبارك هو الدفع.. بعصابات.. وجماعات.. "الإسلام السياسي" ليتقدموا الصفوف.. وينصبوا "لإخوان المسلمين" علي قمة السلطة ويزوروا الانتخابات.. ويأتوا بمحمد مرسي رئيسا للبلاد.. ثم يستكملوا معه وبه.. خطة السيطرة علي المنطقة.. انطلاقا من السيطرة علي مصر والملفت للنظر ان هؤلاء المتآمرين والمجرمين.. سواء من تولوا المسئولية من الخارج أو من استعانوا بهم من عصابات ومجرمي الداخل.. لم يدركوا ان الشعب المصري قد خرج عن بكرة أبيه ليزيح ويزيل من فوق الخريطة المصرية.. هذا النموذج من الإدارة والحكم.. ويعلن للعالم كله.. وله.. انه.. وان كان غير قادر علي تولي المسئولية الرشيدة والحكم النظيف إلا انه وبكل القوة والتأكيد.. لن يسمح باستمرار هذه المؤامرة.. ولن يرضي أبدا بأن يتولي هؤلاء المجرمون والمفسدون السلطة والمسئولية. وبالتالي.. لم تستطع هذه العصابات ومن يدعمها ويمولها ويسلحها من الخارج.. أن تبقي في الحكم والسلطة والمسئولية إلا أقل من عام فقط. *** وكان عام ..2013 وبالتحديد 30 يونيه ..2013 هو موعد السقوط الثاني لعصابات الحكم والسلطة في الداخل والخارج ولم يكن أمام هذه العصابات مع اختلافها وتعددها ومحركيها.. إلا اللجوء إلي النوع الثاني من الجرائم وهو: اعتماد الإرهاب والعنف والتخريب.. أسلوبا وسياسة لضرب مصر.. ومن كل الاتجاهات.. وبمختلف وسائل الفساد والافساد والعنف فضلا عن ادخال أدوات جديدة للضغط والتأثير علي مقومات البلاد ومقدراتها. ومن أهم هذه الأدوات.. الحرص علي ان يطول العنف والإرهاب والفوضي كل شبر من أرض الوطن والهدف.. حرمان مصر من حالة الأمان والاستقرار التي كانت تميزها دائما وتدفع إليها بالملايين الذين يندفعون نحوها وظلت المقاومة المصرية.. والنشاط المصري الإيجابي في اتجاه المحافظة علي الأمن والاستقرار.. من جانب في مواجهة دائمة ومتواصلة.. ضد برامج "الحصار" والعنف والإرهاب من جانب آخر. ويمكن القول.. ان السلطة المصرية الحريصة علي إعادة البناء.. وعلي مواجهة المؤامرات بمختلف توجهاتها وأنواعها.. ان تمسك بزمام الأمور.. وان تهييء البلاد للبدء في إقامة الدولة الحديثة.. بمؤسساتها الإدارية والسياسية والاجتماعية فأجرت انتخابات برلمانية نظيفة فوضعت الدستور.. وانتخبت رئيسا للجمهورية.. وانتخبت برلمانا يمثل جميع التيارات. *** لكن رغم كل ما تم وتحقق من إنجازات.. ورغم كل ما ظهر علي أرض الواقع من كيانات وأجهزة ومؤسسات وطنية ايجابية.. إلا ان الحقيقة.. تفرض علينا.. الاعتراف بأن جرائم نظام مبارك ومؤامرات الخارج والاختراقات التي جرت في الداخل المصري بمؤسساته وجماعاته وعصاباته وبالأموال والأسلحة التي تدفقت علي الأرض المصرية طوال الأربعين سنة الأخيرة.. فقد تركت.. وبلا شك العديد من البؤر ومن الثغرات التي بقيت منافذ ومداخل لأصحاب المؤامرة ومدبريها ومنفذيها وان مبارك ومن معه ومن حركه ونصبه رئيسا لمدة ثلاثين عاما.. مازال يملك من أدوات الدمار والعنف والفوضي الكثير.. فلم تكن مهمة مبارك ومن معه.. ومن خلفه ضرب الدولة ومؤسساتها فقط.. بل كان الأكثر أهمية هو "تجريف" العقل المصري والإنسان المصري.. بحيث يظل أداة في أيديهم.. يدفعون بها إلي حيث يريدون.. وبحيث يضربون من خلالها.. كل محاولات العلاج.. وكل أدوات التغيير الايجابي السليم. وهذه الحقيقة.. حقيقة بقاء عصابات التخريب والعنف.. قادرة وفاعلة هي التي تحتم علينا وتفرض ضرورة أن نركز جهودنا.. وعملنا وبرامجنا علي الإنسان المصري.. بحيث نعيده إلي طبيعته السوية.. وبحيث نطهر سلوكه من الانحراف والعمالة وبحيث نأخذه من جديد.. إلي طريق الرشاد.. وطريق البناء. *** ان ما نتابعه.. ونشاهده من حالات الانحراف والفساد والرشوة التي تطالعنا كل يوم.. وتكشف لنا عن شخصيات تحتل مراكز هامة ومؤثرة في الحياة المصرية.. فإذا بها "مرتشية" وإذا بها "سارقة" للملايين من ثروات هذا البلد.. وإذا بها مخربة.. وهادمة للعديد من المصانع والمؤسسات والكيانات المنتجة. لا أود الدخول في الأسماء وتفاصيل هذه الانحرافات.. ولكن نكتفي اليوم.. بالإشارة إلي هذا النوع المؤسف والغريب من القيادات الحكومية التي تآمرت علي ما تتولاه من مسئوليات وما تديره من أعمال ومهام. وأظن ان ما كشفت عنه الأوضاع الأخيرة.. وما فضحته من ممارسات ليس هو كل شيء.. فمازال هناك الكثير.. في حاجة إلي الكشف والعلاج.. وهذه هي البداية الصحيحة.. فلا تستر علي فساد.. ولا حرمة أو حصانة لأي مسئول فاسد.. مخرب كان أو لصا.. المهم ان نبدأ الطريق الصحيح وان نزيل من طريق الوطن كل متآمر.. أو عميل.. أو خائن. فالخيانة في حقيقتها.. هي كل ما يعرض مستقبل الوطن للتهديد.. وعلينا أن نعمل معا من أجل بناء إنسان أمين.. ومخلص للشعب وللوطن.