قد تكون "مقدمة.." حديث اليوم.. بداية صادمة من جانب الكثيرين.. قد تكون مرفوضة. ومدانة من طرف عدد لا بأس منه من القراء والمتابعين.. لكنها أصبحت عندي يقينا ثابتا.. وقناعة لا تتحمل الجدل.. المسألة.. أو المقدمة والبداية التي أتحدث عنها.. هي..:- أن ما حدث في 25 يناير 2011... وماحدث في 30 يونيه ..2013 لم يكونا "ثورة..".. علي الرغم من أننا.. وعلي امتداد سنوات خمس. متواصلة.. لم نتوقف عن الحديث..:- عن "الثورة..".. وعن خروج الشعب المصري بجميع طوائفه.. ثائراً. ومنتفضاً ضد الأوضاع القائمة والسائدة.. بينما كانت الحقيقة.. غير ذلك تماماً.. وبينما كان التوصيف. والتسمية.. متجاوزين للحال. والأوضاع.. فلم يكن ما حدث في 25 يناير ..2011 ثورة شعبية.. بالمعني الحقيقي والأصيل.. ولم تكن. التكملة. والتعبئة الشاملة. التي خرجت في 30 يونيه 2013. بأضعاف مضاعفة من البشر.. تصححِّ وتستعيد. ما تمت سرقته بعد 25 يناير ..2011 لم يكن هذا أبداً.. "ثورة..".. ولا حتي بداية لثورة.. ليس معني ما أقول .. وما ذهبت إليه.. أننا ضد "الغضبة الشعبية.." الكبري التي خرجت في 25 يناير.. وضد الخروج الكاسح. لأهل مصر كلها.. في 30 يونيه ..2013 العكس هو الصحيح تماماً.. فنحن معهما وبكل ما نملك.. فما خرج شعب مصر من أجله. في يناير ..2011 تحقق. وعلي الفور.. وفي ظرف بضعة أيام.. وهو اسقاط "الرئيس مبارك..". وعزله بعيداً عن السلطة والحكم.. وما تحقق في 30 يونيه 2013. وبخروج أكثر من 30 مليون مواطن مصري إلي الشوارع والميادين... "أنجز..". وأزال من فوق المسرح المصري بأكمله تحالفاً... خبيثاً..:- جمع ما بين جماعات وعصابات. ما يطلقون علي أنفسهم "الجماعات الإسلامية.." من "إخوان.." واتباع.. ومعهم فلول الحزب الوطني.. وكوادر "عميلة.." تلقت برامجها. والمهام المكلفة بها.. من القوي الكبري.. في أمريكا وبريطانيا والغرب.. إضافة إلي عدد. آخر ممن أطلقوا علي أنفسهم "النخبة..".. وإلي جانبهم.. فرق من الشباب. الذين هبطوا إلي الشوارع والميادين.. مشاركين بصدق.. أو مندسين. لمهام وأهداف بعينها.. وأطلقوا علي أنفسهم.. أو أطلقوا عليهم "صفة..". النشطاء السياسيين.. المهم.. أن الجولة الثانية من "الغضبة الشعبية.." عام ..2013 كنست من فوق المسرح السياسي العام.. كل هذه الأشكال والتكوينات.. وسقط "الرئيس الثاني مرسي..".. ليلحق بسلفه "مبارك..".. وأبعدت "الجماعة..". عن السلطة والحكم.. وكشفت العملية الكبري.. أو الغضبة الشعبية الهائلة.. حقيقة العديد والعديد. من "المزيفين..". ومن العملاء الذين تحركهم. وتمولهم. وتسلحهم القوي الأجنبية.. وتشكلت "إدارة سياسية.." جديدة. لتقود. وتدير الثورة.. فجاءت المفاجأة المذهلة.. وهي أن معظم الشخصيات والقيادات التي جري اختيارها. لتولي المسئولية.. أتضح أنهم جميعاً. أو معظمهم.. هم "كريمة المؤامرة..".. وهم المطلوب منهم. إجهاض "الغضبة الشعبية..". بشقيها 25 يناير. و30 يونيه.. وهم.. أعني هذه النخبة التي جاءت لإدارة البلاد.. ليست إلا مجموعة مرتبطة. بأمريكا. وتركيا. وحتي قطر. وغيرهم.. وأن المطلوب منهم.. إعادة الأوضاع إلي ماكانت عليه.. أيام مبارك ومرسي وغيرهم.. وحينما فشلوا في المواجهة.. إذا بهم يتسللون إلي الخارج الواحد تلو الآخر.. * * * عندما وصلت البلاد إلي هذه المرحلة.. اسقاط النظامين. أو الرئيسين.. مبارك. ومرسي الواحد تلو الآخر.. والعجز. عن تقديم بديل. "للعملاء..".. المتخفين. الذين استقالوا وهربوا إلي خارج البلاد.. وعندما اكتشفنا جميعاً.. أن "الغضبة الشعبية" الهائلة. من خلال ما أطلقنا عليه ثورتين.. يناير.. ويونيه.. اكتشفنا أن "الغضبة.." كانت للشعب كله.. وبالشعب كله.. لكن لم يخرج من هذه الغضبة..:- قيادة.. سواء كانت فردية. أو جماعية.. ولم يظهر حزب أو مشروع حزب. يحمل مسئولية التغيير والقيادة. ولم يتقدم إلي الصفوف الأمامية.. فريق أو مجموعات. أو منظمات سياسية شعبية.. تحمل برنامجاً ورؤية.. تأخذ البلاد في اتجاه التغيير الحقيقي نحو الأفضل.. هذه الحقائق التي أمامنا وأشرنا إليها.. والخاصة.. بخلو الساحة من القيادات. التي تستند بالفعل إلي رصيد شعبي حقيقي.. وخلو الساحة.. من رؤية. أو برنامج عمل. أو خطة. تتضمن أهدافاً واضحة ومحددة. تمثل خارطة طريق.. تنتهجها الدولة. والمجتمع كله.. بفصائله. وقواه. وتسير به صوب التطوير والتغيير والتقدم.. هذه وغيرها.. يثبت مرة أخري..:- .. أن الشعب المصري. قد قام بالفعل. بما يقدر عليه.. وبما هو مؤهل له.. وهو.. رفض الاستبداد.. ورفض الاستغلال.. ورفض الفساد.. وبعدم القبول وتحت أي ضغط كان.. أن يظل قابلاً لقيادة. مشبوهة.. في سلوكها.. وفي أهدافها.. وفي نواياها.. وفي ارتباطاتها الخارجية وحتي الداخلية.. وهنا خرج وأسقط مبارك.. ثم خرج وأسقط مرسي وجماعته.. لكن هذا الشعب كله.. وبعد أكثر من ثلاثين عاماً.. ظل خلالها مبارك. رئيساً للدولة.. فكك فيها كل مفاصلها.. وباع وبدد كل مقدراتها. وممتلكاتها.. ونزف وسرق وحاشيته كل ما من شأنه المحافظة علي كيان هذا الوطن.. بعد هذا كله.. لم يكن الشعب قادراً علي تحمل مسئولية أكبر.. وهنا نعود إلي القول.. بأن..:- ما حدث في يناير ..2011 وما حدث في يونيه 2013 لم يكن أكثر من غضبة شعبية.. عامة وهائلة.. ولم يكن "ثورة..". بالمفهوم الحقيقي والعملي للثورات.. التي لابد وأن يقودها ويدير حركتها زعماء حقيقيون.. يستندون إلي قاعدة شعبية.. ومؤسسات فاعلة علي أرض الواقع.. وأن تكون هذه القيادات.. الفردية. والجماعية.. صاحبة ومالكة لخطة عمل وبرنامج حركة.. وهو وكما ذكرنا.. افتقدناه.. وربما حتي هذه اللحظة.. * * * وإذا كان الجيش المصري.. والأمن المصري.. قد استطاعا وحتي اليوم.. المحافظة علي الوطن.. وعلي وحدة أراضيه.. وعلي محاصرة المؤامرات.. والتصدي لمخططات الفوضي.. ولجرائم الاستنزاف والتخريب للمؤسسات والشركات الفاعلة.. وبرامج النهب والسلب وتهريب الأموال.. إلا أن المهمة مازالت في غاية الدقة والصعوبة.. والهدف الذي يسعي إليه. ويعمل من أجله "التآمر الدولي..". بقواه المتعددة.. قائم. ولم يبتعد عنه لحظة واحدة.. مازالوا يجتمعون في لندن.. ونيويورك. والدوحة. وتركيا.. وغيرها.. مازالوا يجمعون المجرمين. والعملاء. والأعداء من جميع أنحاء الأرض.. يدربونهم.. ويسلحونهم.. ويمولونهم.. ويدفعون بهم إلي سيناء.. وإلي قلب مصر.. وإلي سوريا.. وليبيا.. واليمن.. والصومال.. والغريب أن البعض.. أو العديد من هذه العصابات والقوي المعادية.. يتحدثون عن "الثورة الجديدة..".. ثورة يقومون بها وعملاؤهم.. لتدمير الجيش.. وتفكيك قوي الأمن.. وتخريب المؤسسات.. واشاعة الفوضي وعدم الأمان.. وكان لهم مؤخراً.. اجتماع في لندن.. دعوا إليه هذه الفصائل والجماعات.. من كل انحاء الأرض.. من أوروبا.. وأمريكا.. وآسيا.. وحتي بعض الدول العربية.. وأصدر هذا الاجتماع.. بياناً شاملاً.. يحمل خططهم وبرامجهم.. ويحمل توقيع داعش والإخوان.. ويتحدث هذا البرنامج.. عن ضرورة العمل من أجل تعبئة عامة..وإقامة ورش نضالية.. وخلق عصابات منظمة.. لإسقاط النظام في مصر.. وفي سوريا.. وإعلان "الجهاد الإسلامي..".. وأن تبدأ هذه العمليات والترتيبات من أمريكا. وتركيا. وكندا.. وتتحرك في اتجاه الأهداف المقصودة في البلاد العربية.. خاصة وكما قلنا. مصر وسوريا.. وتبدأ عمليات هذه العناصر بفرقها المختلفة. في القتل والتدمير.. وأن يكون التركيز علي الجيوش الوطنية.. والشرطة. والقضاء.. ولم يخف أو ينكر أصحاب هذا المشروع.. أن هذا كله.. يتم تحت رعاية وحماية دولية خاصة من واشنطن.. ولندن.. وكندا.. وإسرائيل.. وجميع القوي الاستعمارية والإجرامية.. الملفت للنظر.. أن هذا "النضال..".. الإخواني.. والداعشي والأمريكي.. والبريطاني والإسرائيلي.. نضال مكشوف.. واضح الهدف.. ومعروف بأطرافه وقواه الدولية والعربية والمصرية.. * * * والسؤال.. هل يمكن لهؤلاء المجرمين.. إذا ما نجحوا في التحرك لتحقيق هذه الأهداف.. أن يحصلوا في نهاية المطاف.. وبعد الفوز والنصر.. علي شيء ذي بال. في مصر.. وسوريا.. وباقي الدول العربية. هل بعد قتل مئات الآلاف من الضباط والجنود من الجيش.. والقضاء علي مثلهم من رجال الأمن والشرطة.. وبعد تصفية رجال القانون والقضاء.. وبعد تدمير كل المؤسسات والممتلكات. والمدن والقري.. هل بعد القضاء والتخلص من هذا كله.. يمكن أن يتصور أحد أن شيئاً قد بقي لإدارته. وتملكه واستغلاله..؟ هذا السؤال علي بساطته يكشف من وراء كل هذا المخطط.. وهذا التآمر..؟! * * * هل ما يجري اليوم من مؤامرات.. وجرائم.. وفوضي.. يختلف كثيرا.. عما فعله الاستعمار القديم والجديد.. وهل حقق الأمريكيون. مبتغاهم.. من المحافظة علي حسني مبارك. رئيساً لمصر 30 سنة متصلة..؟ وهل ترك الأمريكيون شيئاً يذكر لهم بالخير.. بعد اسقاط ممثلهم في مصر مبارك..؟ فلماذا يودون العودة والتآمر.. ولماذا نجد هذه العصابات العميلة.. تقف إلي جانبهم.. وتتحرك من فوق أراضيهم.. للعودة من جديد للقتل والنهب.. وهل هذا الذي يجري بعيداً عن المخطط الأمريكي الصهيوني الذي يعمل من أجل الاستيلاء علي سيناء.. والسيطرة علي شرم الشيخ وغزة والقدس.. ومعظم أراضي الضفة. لقد خاضت مصر.. والدول العربية منذ عام 1948 وحتي اليوم.. من أجل ايقاف هذا المشروع الإجرامي.. وبعد كل معركة.. تهدأ الأوضاع.. تآمرياً.. وتكتيكياً.. ومقاومة جادة لبعض الوقت.. لكن سرعان ما يتحرك المجرمون مرة أخري ويبدأون مخططات الفوضي والعنف والقتل.. بعد أن استوعبوا وهضموا. ما اغتصبوها في جولات سابقة.. الغريب أننا لا نقرأ التاريخ.. وإذا قرأناه نسيناه.. وأننا.. مع حالة الدمار والخراب والفوضي والفساد. التي وضعنا فيها مبارك وأمريكا ثلاثين عاماً.. نعود.. وإذا بنا نجد بين جنباتنا "عبقريا.." هو الدكتور المزيف "عكاشة..".. عضو البرلمان يتحدث بكل ثقة عن قدرته علي كسب إسرائيل إلي جانب مشروعه الوطني العظيم.. ويدعو إلي منزله السفير الإسرائيلي علي وجبة عشاء.. ويكشف عن قدرته علي إفشال "المشروع الأثيوبي.." لسد النهضة.. وأنه سيقدم.. ومن جيبه الخاص ما تحتاج إليه الدولة الصهيونيه من مياه.. في مقابل حل مشاكل مصر معها.. وبكل سذاجة أسأل.. من أين جاءت كل هذه الثقة للسيد عكاشة.. ومن يحرك. ويخطط. ويدفع بهذا العبقري.. كثيراً ما سمعته يتحدث في برامجه ومداخلاته عن قراءات لا حصر لها.. لكني لم أتبين فيما يعرضه.. أن إسرائيل تراجعت عن مخططاتها منذ قيامها.. وقبل قيامها.. ولم أسمع منه أن أمريكا قد تابت عما فعلته بالبشرية منذ قيامها.. خاصة ما يتعلق بالغزو. والاحتلال. والقتل والتخريب.. فكيف تراءي له.. أن الدنيا تغيرت.. وأنه وحده سوف يأخذنا إلي بر الأمان.. إن مثل هذا الذي يقدمه ويمارسه "الدكتور عكاشة..".. ومثله من البلطجية الذين وصلوا لعضوية مجلس النواب.. يؤكد من جديد.. أن 25 يناير. و30 يونيه.. كانتا غضبة شعبية.. أنجزتا ما قدرتا عليه.. وهو اسقاط وعزل رئيسين.. وتركتا الباقي لقيادات ونخب عالمة ومدركة. وحاملة لفكر وخطط عمل جديدة.. لكنها للأسف لم تتبلور بعد.. لأن ما فعله مبارك وأمريكا وإسرائيل. هائل ومريع وعلي امتداد أكثر من 30 سنة.. وهو ما يحتاج إلي وقت.. وإلي علاج.. وإلي همة.. وإلي أمانة وصدق في التقييم والتخطيط والفعل.. ومصر بالتأكيد قادرة علي ذلك.. وإذا كان الجيش هو الذي يتقدم الصفوف الآن تسانده الشرطة والقضاء وبعض الأجهزة.. إلا أنني علي ثقة.. بأن الأزمة الضخمة الحالية.. لن تطول كثيراً.. وأن همة المصريين.. سوف تعبر عن نفسها مرة ومرات جديدة.. خاصة حينما تطهر البلاد من العملاء. والمجرمين. واللصوص والخونة.. وهذه مهمة كبري.. ولكنها غير مستحيلة..