إنه العجز.. والفشل والخيبة.. التي تدفع بالقوي المعادية لمصر.. سواء كانوا من خارج مصر.. أو من داخلها: إلي اللجوء إلي سلاح "الشائعة".. والأكاذيب.. والوقيعة.. داخل مصر.. وبين أهلها.. الإثارة والفوضي.. والاضطرابات.. والصراعات.. والخلافات.. للقضاء الكامل علي أي نوع من الهدوء.. أو الاستقرار.. أو التناغم والتعامل والتعاون البنَّاء.. بين أبناء هذا الشعب المصري.. وبين طوائفه وقواه. فما نشاهده. ونتابعه. ونقرأه كل يوم.. علي أدوات التواصل الاجتماعي والإعلامي. التي يسيطر عليها ويديرها.. المتآمرون من الخارج.. والعملاء من الداخل: تؤكد.. وبما لا يدع ذرة للشك..: أن هذه "القوي".. رغم ضخامتها. وتعددها.. وامتلاكها لجميع أسباب التغلغل والاختراق.. هذه القوي. وبكل تأكيد.. قد فشلت. فشلاً كاملاً. في أن تنال القدرة. والسيطرة علي مقدرات هذا الوطن.. رغم كل ما يعانيه من مشاكل.. ورغم ما تتحكم فيه وتمتلك من وسائل وأسباب.. ولم يعد أمامها: إلا الوقيعة. ولم تعد تتحكم إلا في إثارة الأكاذيب. والشائعات.. علي الأقل في هذه المرحلة.. التي عجزت فيها وفشلت في تشكيل جماعات. وعصابات متماسكة.. وفاعلة.. تتولي إسقاط النظام القائم.. وضرب مؤسسات الدولة التي تحمي وترعي استمرارية وبقاء الكيان المصري.. الموحد والمستقل. ليس هذا مجرد كلام حماسي.. أو حديث نظري.. أو ادعاء لا أساس له.. ولا مصداقية. إنما هو الحقيقة.. ولا شيء غيرها. هو أيضاً.. ليس من قبيل "التفاخر".. بواقع ليس قائماً.. ومعبراً عن نفسه بالفعل. وإنما هي "حالة".. وممارسة عشناها.. واشتركنا فيها: عندما قرر المصريون إسقاط نظام مبارك ورجاله وعصاباته.. رغم الدعم والمساندة والتأييد الكامل من أمريكا والغرب في 25 يناير 2011 لهذا النظام الفاسد. عشناها أيضاً.. يوم خرج 30 مليون مصري في يونيه 2013 ليسقطوا "الجماعة".. التي قام المتآمرون. بتسليمهم السلطة.. ومكنوا الإخوان من حكم البلاد. علي امتداد عام كامل. مارس المصريون "دورهم".. الداعي لوحدة المصريين وتماسكهم عندما كشفوا: مجموعات الليبراليين.. الذين حاولوا تقدم الصفوف. لوراثة "جماعة الإخوان".. بعد فشلها في الحكم والإدارة. فما كان من هؤلاء.. "الزعماء المزيفين".. والمثقفين المرتشين.. إلا أن جمعوا أشلاءهم.. وحملوا أوراقهم.. وتوجهوا إلي الخارج.. إلي حيث كانت تأتيهم الأموال والسلاح.. وجميع أدوات التآمر والخداع.. وظلوا هناك. وحتي هذه اللحظة.. وإن استمروا. في الخروج علينا من آن لآخر.. يرددون كلامهم الفارغ.. وأكاذيبهم المفضوحة.. علي أدوات التواصل ووسائله. * * * لكن تظل الحقيقة التي علينا أن نتوقف عندها.. ونتأملها بعمق.. أن هذه القوي المتآمرة. والمعادية لمصر والمصريين: الأجنبي منهم.. والمصري. ومن أصول مصرية.. لم يستطيعوا أن يقنعوا جماهير المصريين.. وأبناء شعب مصر.. بفكرة التوحد. والتجمع. واللقاء.. ومن ثم العمل.. ضد مصر والمصريين. صحيح أنهم.. وبسبب الظروف الصعبة التي فرضوها علي مصر وشعبها.. فانتشر الفقر. والجهل وكذلك المرض.. وأصبح من الطبيعي أن تؤثر هذه العوامل. شديدة الوطأة علي قدرة الإنسان الفرد. وحتي الجماعة.. علي المقاومة.. وعلي رفض إغراءات الرشوة. والانحراف الفاسد. إلا أن هذا الضعف الإنساني.. والحاجة الملحة. من أجل الحياة.. ظلت في حدود.. ولم يتصاعد هذا.. الضعف الإنساني.. "ليتحول" إلي "اتفاق عام".. أو إلي قناعة شعبية.. تتضافر. وتتجمع. وتعمل من أجل إسقاط النظام. وتفتيت الدولة ومؤسساتها.. بقي "العبث الشيطاني" الذي يمارسونه.. مجرد تآمر إجرامي. وصبياني.. ينشر الفتنة والفساد.. والانحراف.. دون أن يخلق كيانات صلبة.. حتي وإن كانت كيانات تآمرية. والأكثر من هذا وأهم.. أن هذه "القيادات الإجرامية".. الأجنبي منها.. وكذلك المصري.. ظلت وبقيت "أسماء".. تتردد.. بلا خلفية. ولا تاريخ. ولا مضمون. ولا تملك هذه الأسماء. رغم تعددها.. وتنوعها.. وربما رغم قدراتها المادية والعلمية.. لا تملك رصيد "كرامة محترمة".. ولا "معرفة" عكست نفسها علي الواقع وحياة الناس وشئونهم.. تزيل كرباً.. أو تحاصر فقراً.. أو تغير وضعاً صعباً وفاسداً. هي أسماء.. بلا "بصمة".. وبلا أثر.. أو قدرة علي انجذاب الأفراد والجماعات لها. فهم يتحدثون عن تغيير النظام.. وعن إزاحة السلطة الحاكمة عن مقاليد العمل.. ويتحدثون عن ضرورة التوجه إلي رؤي جديدة.. وانتهاج أساليب جديدة. لكنهم أبداً.. لم يكشفوا لنا عن: قيادات جديدة.. لها قبول.. وصاحبة علم ومعرفة.. وتحمل بين أيديها.. وفي عقولها وفكرها.. النظام البديل.. والفكر الجديد.. والعلم النافع الحديث. الذي يأخذنا.. ويأخذ شعبنا إلي الأمام. لم نقرأ لهم.. عن قيادات محترمة.. بعلمها.. وتاريخها.. وسلوكها. ولم نقرأ لهم.. عن مشروعاً.. وعن سياسات.. وعن مخططات من شأنها أن تأخذ الجميع إلي حيث يأمل. والسؤال: هل تقدموا.. للشعب.. وأكثر من ألف مرة باسم "حمدين صباحي".. وتقدموا باسم "البرادعي".. أو باسم. من لا يحمل اسماً. سمع عنه أحد.. ثم لا أحد منهم تحدث عن رؤية.. أو عن مشروع.. أو فكرة. وما لا يقل أهمية عن هذا كله.. فأي حجة. أو سبب يروجون علي أساسها لهؤلاء. وأولئك من "المغمورين".. أو الطامعين. والطامحين. ألم يكن جديراً.. بهؤلاء الطامحين. والطامعين. أن ينزلوا إلي الناس.. إلي الشارع.. إلي القرية والمدينة. ليشكلوا أحزاباً. وقوي. وجماعات نشطة. وراغبة في العمل من أجل التغيير والتقدم وبناء مصر جديدة.. أم أن المسألة.. استيلاء علي السلطة؟!! وللأسف.. بدون أدوات.. وبدون رؤية.. وحتي بدون قوة منظمة ومحكمة راغبة وقادرة علي التغيير. * * * من هنا لابد أن نتوقف عند حقيقة.. لا تقل أهمية.. كما لا تقل غرابة وإثارة عن الحقيقة السابقة والخاصة بمن يبحثون عن السلطة. وليس لديهم من أسبابها ووسائلها.. شيء. لا قدرة شخصية.. ولا قوة جماعية. والحقيقة التي أحب التوقف عندها هنا.. هي: أن هذا الشعب المصري.. بكل ما يحمل من مشاكل وآلام. ومعوقات.. وأن هذا الشعب بكل مشاكله.. لم يستطيعوا. كما أشرنا. أن يسقطوه.. أو يسلبوه إرادته.. وأن يستغلوه من خلال مشاكله في اتجاه. تعبئته ودفعه إلي إسقاط النظام وإسقاط الدولة. ولقد أثبتت 25 يناير 2011. و30 يونيه ..2013 أن الشعب سيظل محارباً ومدافعاً عن مصر الموحدة.. مصر الشعب الواحد والهدف الواحد. لكن للأسف الشديد.. ورغم المواقف العظيمة للشعب والرافضة لضرب وإسقاط السلطة المصرية الموحدة. إلا أن هذا الشعب المتوحد.. والحريص علي وحدته.. لم يستطع وحتي الآن.. أن يفرز من داخله القيادات الجديدة القادرة علي إعادة البناء.. القادرة علي ضرب الفساد.. والقادرة علي تقديم رؤية متكاملة ومتجانسة لقيام مصر الجديدة. ليس هذا وضعاً متناقضاً.. ولا عيباً أصيلاً في تكوين المصريين.. إنما الحقيقة تؤكد أن ما نحن فيه.. وما نعانيه.. قد يستمر بعض الوقت. والأمل أن يكون وقتاً قصيراً. ذلك أنه منذ التغيير الذي حدث علي الساحة المصرية.. وفي السياسة والنظام المصري في أعقاب حرب أكتوبر المجيدة.. وهذا التغيير الذي كان قوامه وصلبه.. هو معاقبة مصر والمصريين علي ما أنجزوه وحققوه في 6 أكتوبر ..1973 وذلك من خلال تهجير الكوادر العليا.. والعلماء.. ومن قاموا بالحرب وحققوا الانتصار.. تهجيرهم جميعاً خارج مصر.. ثم استكمال المؤامرة.. ببيع المصانع.. وإفساد الزراعة. والقضاء علي التعليم. بجميع مراحله.. وإدخال التعليم والمدارس والجامعات الأجنبية.. ليس بهدف التطوير.. ولكن من أجل تغريب العقول.. وإفساد الذوق العام.. ومحو الشخصية المصرية. مؤامرة متكاملة.. متعددة الأهداف.. لتصب جميعاً عند نقطة لا بديل عنها.. وهي ضرب مصر.. والقضاء علي مصر.. وتغييبها تماماً عن شعبها.. وعن محيطها.. وهو ورغم كل شيء لم يتحقق.. ومازالت مصر تناضل وستنتصر.