مع نهاية شهر رمضان الكريم وحلول عيد الفطر المبارك أعاده الله علي بلادنا بالخير واليمن والبركات تتزاحم الموضوعات المهمة التي تستحق المتابعة والتعليق ما بين كارثة امتحانات الثانوية العامة والتسريب المتعمد للأسئلة وكارثة مسلسلات رمضان الكثيرة السلبيات وإن كانت لا تخلو من فوائد ومؤشرات. والأسلوب غير اللائق بمصرنا في طرد الإعلامية اللبنانية ليليان داود وهذا التمدد الخطير في عمليات داعش الإرهابية وامتدادها من اسطنبول إلي بغداد والمدينة المنورة وغيرها وغيرها من المدن والأماكن وتصاعد وتيرة الاستيطان الإسرائيلي في فلسطينالمحتلة وبدء عمل الأمين العام الجديد للجامعة العربية.. وغير ذلك من التطورات والأحداث التي قد يجري تناولها في أسابيع مقبلة. أما اليوم فإن الحدث الأهم والذي يجب أن يحظي باهتمام عربي ومصري خاص فهو جولة بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل في أربع دول أفريقية وهي الزيارة الأولي من نوعها وسعتها كما أنها الزيارة الأولي لرئيس وزراء إسرائيلي منذ عام 1994 حينما زار إسحق رابين المغرب في ذلك العام ومن هنا كان حرص نتنياهو الكبير وهو رجل يجيد حرفة الدعاية علي أن تكون جولته موكباً مهيباً لمن يعيد فتح أبواب أفريقيا أمام إسرائيل! بدأت جولة نتنياهو يوم الاثنين الماضي بزيارة أوغندا كما يختتمها يوم الاثنين المقبل. صحيح أنه جري الإعداد لهذه الجولة وبرامجها ومظاهرها منذ شهور ولكنها حين تأتي بعد أيام معدودة من مصالحة إسرائيلية مع تركيا فإن المصادفة هنا لا تخلو من دلالة. خاصة أن الجولة تشمل أثيوبيا مما يثير في الذاكرة السياسية مباشرة قول جولدا مائير رئيسة الوزراء الإسرائيلية بعد ذلك بعد عدوان يونيو 1967 "إن التحالف مع تركياوأثيوبيا يعني أن أكبر نهرين في المنطقة: النيل والفرات سيكونان في قبضتنا". ومن المعروف أن لأثيوبيا مكانة خاصة مميزة في الفكر السياسي الصهيوني تجاه أفريقيا. وتعتبر اليوم بالنسبة لإسرائيل "الحليف الأهم في القرن الأفريقي إلي جانب كينيا" التي تمثل المحطة الثانية في جولة نتنياهو. أما أوغندا التي بدأت الجولة منها فهي تاريخياً إحدي الدول التي امتد إليها التفكير الصهيوني في بداية القرن الماضي لإنشاء كيان قبل أن يستقر الصهاينة علي فلسطين. أما كينيا وتنزانيا فهما مع الدولتين السابقتين الدول التي يتشكل منها الحلف أو التكتل الذي يسعي منذ سنوات إلي تهديد الأمن المائي المصري الذي يمثل علي الأرجح ركيزة جولة نتنياهو التي تستحق أن تحظي باهتمام عربي عام ومصري خاص في جميع محطاتها وموقعها واجتماعاتها واتفاقاتها ومحادثاتها العلنية والسرية. والسؤال هنا هل يوجد في ظل الأوضاع القائمة المعروفة من اقتتال عربي وتدمير ديار العرب بأيدي العرب أنفسهم. ما يمكن أن يسمي "الاهتمام العربي" أو أن هذا تعبير لم يعد موجوداً ولا يشير إلي شيء محدد وملموس في أرض الواقع؟ وقد نعود إلي ذلك عند البحث عن "رد عربي" علي هذه الجولة. وأياً كان الوصف الذي يمكن أن تستحقه جولة نتنياهو الأفريقية فإنه في هذه المرة لم يتجاوز الحقيقة حين قال "إن لها أهمية سياسية وأمنية واقتصادية كبيرة" فقد كان المثلث السياسي الأمني الاقتصادي ولايزال هو الهدف من تركيز الكيان الصهيوني علي "غزو" القارة الأفريقية و"التغلغل" فيها وهذه الجولة تبدو علي حقيقتها بوضعها في إطار توجه الكيان الصهيوني منذ إنشائه في 1948 نحو القارة الأفريقية حيث ركز بشكل خاص علي دول القرن الأفريقي ودول حوض النيل معاً من ناحية وعلي الدول الأفريقية الأساسية مثل نيجيرياوجنوب أفريقيا من ناحية أخري واعتمدت الرؤية أو السياسة الإسرائيلية في هذا الخصوص علي الالتفاف من وراء ظهر العرب. فيما يسمي "سياسة شد الأطراف" بجذبها بعيداً عن الجسم الأصلي وخير مثال هنا هو دولة جنوب السودان من ناحية و"الكيان الكردي" في شمال العراق من ناحية أخري مع تركيز علي التعامل مع الأقليات والطوائف في الوطن العربي وقد مرت السياسة الإسرائيلية في أفريقيا بعدة مراحل وصولاً إلي المرحلة الحالية التي لاشك أنها تعبر عن نجاح الغزو الصهيوني لأفريقيا. خاصة منذ العقد الأخير من القرن الماضي. وهناك من يقلل عربياً من هذا النجاح ولا يلتفت إلي الفوائد التي يجنيها الكيان الصهيوني حالياً من وراء التغلغل في القارة الأفريقية ككل مع تركيزه بشكل خاص علي الدول الأفريقية المجاورة للدول العربية وعلي المناطق ذات الحساسية الأمنية لإسرائيل مثل البحر الأحمر الذي لاشك أن العدو الصهيوني حال دون أن يكون بحيرة عربية حيث تحتل البلاد العربية شاطئيه بالكامل تقريباً. وهذه الجولة تستحق وقفة عند نتائج الزيارة "المباشرة وغير المباشرة والعلنية وما يمكن أن يكون غير علني منها" لكل دولة من الدول الأربع بالإضافة إلي "القمة السباعية" التي سيعقدها نتنياهو مع دول من شرق أفريقيا وحوض النيل. وهذا اختيار لا يخلو من دلالة. ودون الدخول في تفصيلات ذلك. ودون التهويل أو التهوين من نتائج هذه الجولة بكل ما ستسفر عنه. فإنها يجب أن تكون موضع اهتمام عربي من الملاحظ أنه غائب إلي الآن. بدليل عجز الإعلام العربي صحفاً وفضائيات بشكل عام عن تقديم التغطية الواجبة لهذه الجولة. وما يمكن قوله بإيجاز في هذا الشأن: إن الجري العربي وراء تسوية غير عادلة مع الكيان الصهيوني مع المزيد من العلاقات العربية و"الانفتاح" سراً وعلناً علي إسرائيل. سيزيد الانفتاح الأفريقي علي إسرائيل ويزيد قدرة إسرائيل علي إضعاف العرب. فمن يدرك هذا؟ ومتي؟ 3 وقائع إخوانية لدعاة التصالح ما إن تخمد دعوة إلي التصالح مع جماعة الإخوان المسلمين حتي تتجدد مرة أخري وقد كان لهذا أخيراً علي لسان السيد المستشار وزير العدالة الانتقالية الذي قيل إنه عاد ونفي وقد كان هذا التراجع صدي لرد الفعل علي دعوته والذي وصل إلي حد دعوته إلي الاستقالة. وإلا فالإقالة. والعبد لله ليس من أعداء الوحدة الوطنية. ولكن مع من؟ وهل نعرف حقيقة من نتصالح معه؟ أمامي 3 وقائع منشورة حديثاً جداً أظن أنها تساعد في معرفة حقيقة جماعة الإخوان المسلمين وسأرويها نقلاً عن مصادرها. ولن أقول: ناقل الكفر ليس كافراً. فهي ليست كفراً بل هي قليل من كثير مما يجب أن يعرفه من يدعو إلي التصالح. ولعل هذا يفتح شهيتهم للبحث عن حقيقة الجماعة التي "يتحرقون" شوقاً إلي التصالح معها. الواقعة الأولي وردت في مقال الدكتور محمد حبيب للنائب السابق لمرشد الإخوان في مقاله بعنوان "تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن" في "المصري اليوم" في 26 يونيو الماضي. قال الرجل صاحب أهم اعترافات حالية عن أسرار ودخائل جماعته السابقة أنه كان في أسيوط يوم اتصل به هاتفياً د.محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين. في ذلك الوقت يستطلع رأيه في إرسال وفد من الجماعة إلي اللقاء الشهير مع الراحل عمر سليمان "وكأن ردي لا تغفلوا" وأورد الدكتور حبيب الأسباب التي ذكرها لرفض هذا اللقاء. وأضاف للأسف لم يستجب وذهب الوفد الإخواني وحضر اللقاء العام الذي جمع رؤساء الأحزاب وشخصيات عامة "وكان هناك أيضاً لقاء خاص بين عمر سليمان" والوفد الإخواني وطلب الأول من الوفد الإخواني أنه يسحب الإخوان الشباب من الميدان. فقال عضوا الوفد: مقابل ماذا؟ قال ماذا تريدان؟ قالا إعطاء مشروعية للجماعة والإفراج عن خيرت الشاطر وحسن مالك. رفض الشباب الانسحاب من الميدان ومن ثم فشلت الصفقة. في مرة ثانية اتصل المرشد بالدكتور حبيب يدعوه لحضور اجتماع أول مجلس شوري عام للجماعة سيعقد يوم 10 يناير 2011 بعد 16 عاماً من آخر جلسة انعقاد له. رفض الدكتور حبيب الدعوة لعدم اقتناعه بهذا المجلس. وذكر أسباب عدم الاقتناع هذا. وتراجع عن هذا بناء علي اتصال من الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح. ويكمل الدكتور حبيب حديثه عن هذا الاجتماع فيقول: "في اجتماع مجلس شوري الجماعة. كل من د.بديع ود.مرسي.. حكي الأخير ما حدث في اللقاء العام المجمع مع عمر سليمان.. فقام عبدالمنعم أبوالفتوح. وقال: إحنا عايزين نعرف ما حدث في اللقاء الخاص.. وكانت مفاجأة من العيار الثقيل ثار علي أثرها عاكف وآخرون من بعده.. التفت د.مرسي إلي د.بديع وقال له: إحنا مش كنا متفقين علي ألا نخبر أحداً بذلك؟. وكانت كما يقال فضيحة بجلاجل.. حاول د.بديع تهدئتهم بقوله: اذكروا الله.. اذكروا الله. لكن أعضاء المجلس كانوا في حال آخر. كانت لحظة دلت علي الكيفية التي كانت تدار بها الجماعة. من حيث عدم الالتزام بالمؤسسية وتغييب نظم ولوائح الجماعة.. فلا شفافية بين أعضاء مكتب الإرشاد من ناحية. ومجلس الشوري العام من ناحية أخري. ولا شفافية بين أعضاء مكتب الإرشاد أنفسهم.. فهناك معلومات يتم تداولها بين أعضاء بأعينهم دون آخرين. وقرارات يتم اتخاذها دون علم مكتب الإرشاد نفسه.. ومن يريد المزيد عليه متابعة مقالات الدكتور محمد حبيب. الواقعة الثانية. كتبها الدكتور صفوت حاتم في مقاله "30 يونيه.. تلك الأيام" في عدد 92يونيه الماضي من مجلة "المصور" الغراء ونقل فيه عن عدد 22 يونيه 2012 من جريدة الرأي الكويتية ما أوردته من تسريبات لاجتماع عقده وزير داخلية حماس "فتحي حماد" مع كوادر إعلامية تابعة لحركة حماس يوم 21 مايو ..2012 كان نص أقوال فتحي حماد في لقائه مع إعلاميي حماس نقلته جريدة الرأي هو الآتي: "عندما يسيطر الإخوان علي مصر راح تتغير معالم الدنيا كلها.. إحنا راح نحكم العالم العربي لأن الأجانب بدهم إلنا". وأضاف حماد حسب رواية الدكتور حاتم نقلاً عن الرأي الكويتية: "الأهم هنا أن الذي رفع حماس والإخوان هي مقاومتنا.. وهي تبقي الأساس.. وكلمتنا هي الأصل.. المصريون "هبلان" مش عارفين يديروا حالهم.. بيشتغلوا أبناء علي رؤيتنا احنا.. وراح يرتبطوا بإيران.. ويسمحوا بكل الممنوع أيام مبارك.. لأن اليوم زمننا احنا وزمن الإخوان.. ومن يقف في طريقه راح ندوسه بلا رجعة.. ومصر بوابة المقاومة إلنا.. ليهيك كل شيء مباح إلنا"!! الواقعة الثالثة من العدد نفسه من مجلة "المصور" وصاحبها هو السياسي السوداني الكبير والمفكر الإسلامي السيد الصادق المهدي وهو ليس منشقاً عن الإخوان وليس معادياً لهم ولكنه قال: "سبق أن طالبت مرسي بإلغاء الإعلان الدستوري الذي "في نوفمبر 2012" وكان سبب الأزمة في مصر وطلبت منه: إنكم حكومة للمصريين وليس للمقطم. وهو وعد بدراسة ذلك ولكن لم ينفذ ثم ذهبنا للمرشد العام محمد بديع وهو سلم علينا وتركنا للمرشد الحقيقي وهو خيرت الشاطر الذي قال لنا: الرئيس غير موافق. وبقية حديث الصادق المهدي عن الإخوان جدير بالقراءة والاستيعاب والمناقشة. وبعد.. هذه ثلاث وقائع ناطقة بذاتها.. فهل يمكن أن يتفهم أبعادها كل من يدعو إلي التصالح مع الإخوان. واسلمي يا مصر.