هل هي مصادفة أن تعلن صحف تل أبيب أن زيارة رئيس الوزراء الصهيوني لإفريقيا ولقاءه 7 رؤساء أفارقة وسعيه لعضوية الاتحاد الإفريقي تأتي "برعاية العلاقات الساخنة بين تل ابيب ونظام السيسي"؟! وهل هي مصادفة أن يسعي الإرهابي نتنياهو لبعث رسالة واضحة لا تحتمل التأويل للعرب عندما وصل إلى أوغندا، ضمن جولته الإفريقية الحالية بقوله: "إفريقيا عادت إلينا"، والتي تحمل ضمن ما تحمل رسائل ضمنية للعواصم العربية بدفن المقاطعة التي فرضتها دول عربية على إفريقيا، بعدما سارع العرب أنفسهم للظهور علنًا مع الصهاينة في مؤتمرات رسمية؟!.
رسالة نتنياهو الأهم كانت موجهة إلى مصر؛ حيث تستهدف تحركات القادة الإسرائيليين حصار مصر إفريقيًّا بالتركيز على دول منابع النيل أوغنداوكينيا وإثيوبيا وروندا، والسيطرة عليها، بعدما لعبت دورًا في دعم إثيوبيا في بناء سد النهضة.
ففي يونيه 2014، قام وزير الخارجية الصهيوني أفيجدور ليبرمان بجولة إفريقية زار خلالها 5 دول هي رواندا وغاناوكينيا وإثيوبيا وساحل العاج، استغرقت 10 أيام اصطحب خلالها وفدًا تجاريًّا تشكل من 50 ممثلاً عن شركات إسرائيلية من أجل تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول الإفريقية؛ وجني ثمار هذه العلاقات سياسيًّا، وقيل إن التركيز على دول منابع النيل هدفه حصار مصر أيضًا.
وهذه المرة يبدو توقيت زيارة نتنياهو لإفريقيا، مع وفد يضم 70 من رجال الأعمال الإسرائيليين، بمثابة تحد آخر للقاهرة، في وقت تستعد إثيوبيا لملء سد النهضة دون الاكتراث للمطالب المصرية بالتريث؛ ما يكشف هشاشة الدبلوماسية العربية في القارة السمراء، وحصار الصهاينة للقرار العربي هناك.
وبدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي جولة خارجية تشمل 4 من دول شرق ووسط القارة الإفريقية، وهي: أوغنداوكينيا وإثيوبيا ورواندا، وكلها من دول أعالي النيل للتوقيع على اتفاقيات تعاون في مجالات عدة، وأهمها الاقتصاد، والزراعة، والري في اوغندا، واتفاقات تعاون عسكري وأمني في كينيا.
أما العاصمة الإثيوبية أديس أبابا المحطة الثالثة لنتنياهو، فتشهد مفارقة؛ حيث سيلقي نتنياهو خطابًا في مقر الاتحاد الإفريقي، في أديس أبابا، سيدعو من خلاله إلى تأسيس شراكة وتعاون بين بلاده والاتحاد ككل، بما فيها بالطبع الدول العربية الإفريقية.
إسرائيل عضو بالاتحاد الإفريقي!
وتسعي إسرائيل للحصول على عضو مراقب في الاتحاد الإفريقي، أي تحضر الاجتماعات ولا تصوت، ولكن للاستفادة من حضورها في الضغوط على قرارات بعض الدول.
وبعد تحويل منظمة الوحدة الإفريقية إلى الاتحاد الإفريقي في 2002، تم فتح باب عضوية المراقب لشركاء الاتحاد الإفريقي التنمويين، ولكن الاتحاد يرفض، حسب ميثاقه، قبول عضوية "أي دولة تحتل أراضي دولة أخرى"، ولا يعرف هل ستظل هذه عقبه أمام إسرائيل أم لا؟
وتحلم تل أبيب بحصة من النيل تبلغ 1 مليار متر مكعب، وربما يحاول نتنياهو طرح تلك الفكرة مجددًا خلال زيارته لدول حوض النيل والضغط على القاهرة، خصوصًا مصر وإسرائيل تربطهما حدود برية.
وعلى حين تعزز اٍسرائيل لتعزيز نفوذها مع دول القارة السمراء من خلال تكثيف تعاونها في عدة مجالات، وفي مقدمتها المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية والزراعية والمائية، يبدو العالم العربي منشغلاً بمشاكله الداخلية وصراعاته الإقليمية وتنافسه على التطبيع مع تل أبيب دون قيد أو شرط رغم التصريحات الرسمية.
زيارة بعد 19 عامًا
وكانت آخر زيارة لرئيس وزراء إسرائيلي عام 1987، وكانت المقاطعة لا تزال تسيطر علي نهج بعض الدول الإفريقية، لهذا تبدو أهمية زيارة نتنياهو في الظروف والأجواء المختلفة؛ حيث أجواء التطبيع ونسف المقاطعة.
وجاءت تصريحات نتنياهو لتعبر عن هذا، حيث ذكر أن زيارته لدول جنوب الصحراء الإفريقية "تمثل تحولاً" في علاقات بلاده مع القارة السمراء، وأضاف أن "إسرائيل عادت لإفريقيا، وإفريقيا عادت إلى إسرائيل"، مشيرًا إلى أن هذه الزيارة تعتبر الأولى لرئيس وزراء إسرائيلي منذ عشرين عامًا.
ومن المتوقع أن يلتقي نتنياهو خلال زيارته لأوغندا قادة دول شرق إفريقيا الذين سيصلون إلى كمبالا وهم رؤساء كينيا ورواندا وجنوب السودان سلفاكير ميارديت، وزامبيا، إضافة إلى رئيس الوزراء الإثيوبي ووزير خارجية تانزانيا، بحسب بيان صادر عن مكتب نتنياهو.
نتنياهو يفتح إفريقيا بمباركة مصر
وحين استعرض المحلل الإسرائيلي "بوعاز بيسموت" مكاسب زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإفريقيا التي يزور خلالها 4 دول إفريقية في حوض النيل، تحدث عن إعادة "فتح إفريقيا بمباركة مصر "، على حد قوله.
فتحت عنوان "العلاقات الإفريقية الإسرائيلية تعود لأيام مجدها" اعتبر "يسموت" وهو سفير سابق لتل أبيب في نواكشوط، في مقال بصحيفة "إسرائيل اليوم" أن إفريقيا يمكن أن تفتح أسواق جديدة للمنتجات الإسرائيلية سواء الزراعية أو التكنولوجية وكذلك الأسلحة، مؤكدا أن "ما يسهل تلك العملية هو سخونة العلاقات بين تل أبيب والقاهرة، الحليف القوي لإسرائيل".
ورأى أن من بين المزايا كسب أصوات إفريقيا في مجلس الأمن والمؤسسات الدولية الأخرى، للوقوف ضد المشاريع العربية والفلسطينية تحديدا، لا سيما في وقت باتت إسرائيل تعاني ما يشبه العزلة في أوروبا والغرب.
وقال: "يمكن النظر لرحلة نتنياهو إلى إفريقيا وفقا لتكهنات مختلفة لعدد من المحللين في سياق "عزلة" إسرائيل في العالم، فبعد اتفاق المصالحة الذي وقع مع تركيا قبل أسبوع، أصبحت إسرائيل وقد وجدت نفسها محاطة بالكثير من الأصدقاء أو "مجرد" شركاء".
وسبق أن تضررت علاقات إسرائيل بإفريقيا بضغوط عربية، بعد حرب يونية 1967، وكانت غانا أول من قطعت العلاقات، وقطعت أوغندا التي كان يحكمها الرئيس عيدي أمين العلاقات أيضا في عام 1972، وتلتهم الكونغو وبوروندي، لكن عادت العلاقات بقوة بين دول إفريقيا وإسرائيل.