60 عامًا مضت على بدء العلاقات الإفريقية مع الكيان الصهيوني، التي كانت في مجملها تأخذ طابعًا دبلوماسيًّا، لكن في الآونة الأخيرة اتبعت تل أبيب استراتيجية جديدة، خاصة في منطقة حوض النيل، أضفت من خلالها بعدًا عسكريًّا. ملحق عسكري إسرائيلي في دول حوض النيل أكد نتنياهو في 23 فبراير الجاري أن الكيان الصهيوني مستعد للتعاون مع الدول الإفريقية؛ من أجل مكافحة الإرهاب، وهو تصريح مهد به نتنياهو أرضية للقاء جمعه مع الرئيس الكيني أوهورو كينياتا في القدسالمحتلة. وبعد هذا التصريح كشفت صحيفة "يسرائيل هيوم" أن الكيان الصهيوني قام ولأول مرة بتعيين ملحق عسكري في الدول الإفريقية التي تربطها علاقات دبلوماسية قوية به، وهي إثيوبيا، أوغندا، كينيا، رواندا. وأضافت الصحيفة أن نتنياهو وضع خطة لإقامة تحالف بين إسرائيل وإفريقيا، يضم الدول سالفة الذكر، على أن يتم تفعيلهاخلال جولته في القارة السمراء الصيف المقبل. الكيان الصهيوني عضو مراقب في المجلس الإفريقي أكدت صحيفة "يسرائيل هيوم" أن نتنياهو طلب من الرئيس الكيني أن يكون لإسرائيل مراقب في المجلس الإفريقي، الذي يجمع معظم دول القارة، مثل المراقب الفلسطيني، كما طلب نتنياهو من الرئيس الكيني تغيير أنماط التصويت الإفريقي في المنظمات الدولية. وترمي الخطوة الصهيونية إلى تحسين مكانتها الدولية وقدرتها على مواجهة التحركات الفلسطينية في الأوساط الدولية، حيث يحاول الكيان الصهيوني أن يستعيد موقعه، بعد أن فقده على يد ليبيا، التي رفضت منح إسرائيل صفة عضو مراقب في الاتحاد الإفريقي، الذي تشكل على أنقاض منظمة الوحدة الإفريقية التي تفككت في 2002، وكانت إسرائيل عضوًا فيها. ويرى الكيان الصهيوني أن هذه الخطوة مهمة لتحقيق مزيد من التقارب مع الدول الإفريقية، لا سيما وأن إسرائيل ومن موقعها كدولة احتلال ترى أن هناك حاجة لإيصال صوتها خلال اجتماعات الاتحاد الإفريقي؛ لتحدث حالة من التوازن مع الخطابات التي يلقيها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي يحرص على إلقاء خطاب في كل اجتماع للاتحاد. وعلى الرغم من أن إسرائيل تحتفظ بعلاقات قوية مع عدد كبير من الدول الإفريقية، إلا أن المواقف التي يعبّر عنها المراقب الفلسطيني في الاتحاد الإفريقي تترك بعض الانطباعات السلبية على المواقف الإفريقية؛ ما يؤثر على علاقات الكيان الصهيوني بالاتحاد الإفريقي، الذي تقيم تل أبيب علاقات دبلوماسية مع 41 دولة عضوًا فيه. جولة صهيونية مرتقبة في إفريقيا من المقرر أن يجري نتنياهو جولة إفريقية تُعَدُّ الأولى لرئيس وزراء منذ 22 عامًا، وستبدأ الزيارة بدولة أوغندا؛ لحضور حفل تأبين يقام لأخيه يوني نتنياهو، الذي قُتِل منذ 40 عامًا في المطار الدولي لأوغندا. التحركات الإسرائيلية في إفريقيا تهدد مصر أزمة مصر مع دول حوض النيل ما هي إلا فصل جديد من فصول الصراع الخفي بين مصر والكيان الصهيوني على المستوى الإقليمي، فالعلاقات السرية والعلنية بين إسرائيل وإفريقيا ودول حوض النيل تكتسب أهمية قصوى، خاصة أن دول حوض النيل هي الأكثر تشددًا في أزمة حصة مصر حول مياه النيل، والتي ستأخذ بعدًا مهمًّا في الأيام القليلة القادمة، بعدما أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في خطابه أمس التسليم بسياسة الأمر الواقع ببناء سد النهضة، وأن المفاوضات مع إثيوبيا ستقتصر على مناقشة مصر لعدد السنوات المطلوبة لتخزين المياه في بحيرة السد. وفي الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر بين مصر ودول حوض النيل، تتجه هذه الدول لتوطيد علاقاتها بشكل أوسع مع الكيان الصهيوني، وتأتي إثيوبيا على رأس هذه الدول أهمية، تليها كينياوأوغندا وروندا، وبذلك تكون إسرائيل قد استطاعت تطويع هذه الدول لفرض طوق يحاصر مصر، بعد إعلان رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو عن تحالف بين تل أبيب وأربع دول إفريقية تشكل بمجموعها عمق حوض النيل، الأمر الذي يجعل من الكيان الصهيوني أحد المتحكمين في الأمن المائي المصري من خلال علاقاته الوطيدة بدول حوض النيل.