لا يلزم أن تكون خبيراً اقتصادياً لتتمكن من تشخيص الحالة المصرية. الحقيقة المرة بل المؤلمة ان مصر علي مدي عقود غابرة يحكمها قانون العزب. كل وزارة تحولت إلي عزبة للمسئولين وأسرهم وأقاربهم وكل نشاط اقتصادي تحول إلي عزبة لمحتكر أو عدد من المحتكرين سوق استيراد اللحوم يحتكرها 3 أو 4 حيتان كذلك سوق الحديد وسوق استيراد الذرة الصفراء وأعلاف الأسماك كلها أسواق يسيطر عليها عصابة. ما نعيشه في مصر ليس أكثر من صراع بين عدد من الحيتان. حيتان الاستيراد يتشدقون بمزايا الاستيراد وان أكثر من 3 ملايين تاجر تجزئة سيتضررون بوقف الاستيراد. عايشت بنفسي خلال عملي عندما وقفت علي رأس مزرعة أسماك تتربي علي النوافق وبقايا الدجاج والخنازير وسألت لم لا تستخدم علفا طبيعيا؟ وكان الرد الصادم ان هذا العلف يتحكم به مستورد واحد ويفرض سعرا عاليا. أتساءل لماذا لا يسمح أو يشجع إنتاج تلك الأعلاف محلياً؟ أم ان الاستمرار في الاستيراد مقصود لخدمة مصالح بعينها؟ تلك هي شهادة مسئول سابق عن حال الفساد الذي يمارس سطوته علي مقدرات الشعب المصري صاحب الشهادة هو د. رضا عبدالسلام محافظ الشرقية لنحو عشرة أشهر "فبراير - ديسمبر 2015" المحافظ السابق يلخص في شهادته التي دونها علي صفحته بموقع "فيسبوك" ما شهده بنفسه خلال الفترة القصيرة التي تولي فيها المنصب وهو في شهادته المبنية علي تجربة شخصية ينبهنا إلي الخطر الجسيم الذي يتربص بنا إن لم نسارع بمواجهته حفاظاً علي الدولة المصرية وهيبتها. هذه الشهادة تؤكد ما نبه إليه كثير من الكتاب والمتخصصين وهو ان خطر الفساد علي مستقبل مصر وشعبها المتطلع لحياة أفضل لا يقل عن خطر الارهاب فكلاهما يضرب أسس الدولة المصرية في الصميم. الارهاب يهدد الوطن باستهداف جيشه وداخليته وقضائه مما يؤدي إلي زعزعة الاستقرار المطلوب للتنمية والفساد يهدد الوطن بضرب دولة القانون في الصميم وتعطيل تحقيق العدالة الاجتماعية المطلب الأساسي لثورتي يناير ويونيو كما يؤدي إلي تدهور الحالة الاجتماعية للطبقات الدنيا والمتوسطة عن طريق الاحتكار الذي يؤدي إلي رفع الأسعار بمعدلات تفوق قدرة تلك الطبقات علي ملاحقتها. عقب إقالة المحافظ أوردت الصحافة المواجهات التي خاضها مع رجال الأعمال الكبار وغيرهم في المحافظة حيث أوردت "فيتو" ثلاثة أمثلة لتلك المواجهات كانت إحداها مع مالك شركة تنمية زراعية ينوي تحويل 159 فداناً من أراضي الإصلاح الزراعي إلي منتجعات سياحية ومناطق سكنية يومها قال المحافظ "الدولة قادمة ولا مكان للفوضي وسيتم تقويض أركان مؤسسة الفساد". وفي مواجهة أخري مع الفساد ذكر موقع "اليوم السابع" ان المحافظ أوقف سيارة أمين شرطة مخالفة للقواعد المرورية بتظليل زجاج النوفذ بلاصق أسود يحجب الرؤية ووضع بادج للنسر علي الزجاج الخلفي. قال المحافظ للأمين "أنت قدوة للناس. أما دا حالنا احنا كمسئولين في البد. امال هيتصلح حال البلدي إزاي". خلاصة الشهادة: الفساد مثل الارهاب. خطر علي مستقبل مصر وشعبها وعلي الإنجازات التي تتحقق وهو يستلزم مواجهة شجاعة كما يتم مع الإرهاب.