شهدت الصحافة العالمية في الآونة الأخيرة تغيرات مخيفة فبدأت أكبر الصحف تتخلي عن اصدارها الورقي لأسباب ترتبط عادة بالأمور المادية بالاضافة الي تطور التكنولوجيا التي جعلت الصحافة الورقية لا تواكب العصر الحالي . وكان الامبراطور الفرنسي نابليون بونابرت "15 اغسطس 1769 - 5 مايو 1821 م" أول من عبر عن خوفه من الصحافة أكثر من خوض المعارك وقال قبل حوالي 200 عام: ¢أخاف من ثلاث صحف أكثر مما أخاف من مئات الآلاف من الطعنات بالرمح¢ فهل يستريح نابليون الان في قبره . ناهيك عن التأثير الأكبر للصحافة الورقية علي المواطن وارتباطه بها وان كان هذا هو الوضع الحالي للصحف الكبري فمابالك بصغار الصحف وحديثها. ازمة الإندبندنت أعلنت شركة -إي اس آي ميديا- المالكة لصحيفة الإندبندنت البريطانية إيقاف الطبعة الورقية للصحيفة والاعتماد فقط علي النسخة الإليكترونية علي الانترنت بعد نحو30 عاما علي انطلاق الصحيفة. انطلقت الصحيفة في أكتوبر عام 1986 وودعت جمهور قرائها في 26- 3- 2016 لتكون أول صحيفة بريطانية وطنية تنتقل إلي النسخة الالكترونية فقط. تأتي هذه الخطوة بعد أن وافق مالكا الصحيفة ألكسندر وايفجيني لبيديف علي اتفاقية لبيع صحيفة -آي- زهيدة السعر. التي كانت تدعم -الإندبندنت- إلي شركة جونسون بريس في صفقة قيمتها 24 مليون جنيه إسترليني. وبلغت خسائر الصحيفة في عام 2014 نحو 4.6 مليون جنيه إسترليني وحين اشتري لبيديف -الأندبندنت- وشقيقتها الأسبوعية في عام 2010 كانت خسائر الصحيفتين تبلغ 22.6 مليون جنيه إسترليني. اختفاء¢الباييس¢ ومن بريطانيا الي اسبانيا حيث قررت صحيفة ¢الباييس¢ الإسبانية - التي تأسست في 4 مايو 1976 وتوقفت مارس الماضي أن تحذو حذو صحيفة الاندبندنت بوقف نسختها المطبوعة والاكتفاء بالموقع الإليكتروني علي الرغم من التوزيع الواسع لها. قال رئيس تحرير الباييس أنطونيو كانو عن اسباب توقفها بإن الصحيفة ستقوم بهذه الخطوة نظرا للاتجاه العالمي بين الصحف القومية لضغط تنامي استخدام الإنترنت. وشهدت الصحيفة اليومية التي اكتسبت شهرة واسعة بوصفها صحيفة إسبانيا الديمقراطية بعد موت الديكتاتور فرانشيسكو فرانكو. تراجعا مستمرا في عدد قرائها منذ الأزمة الاقتصادية في البلاد عام 2008. أكد كانو ان عادة شراء صحيفة من أكشاك الجرائد أصبحت للأقلية. أما الأغلبية وبالذات الأصغر سنا يبحثون عن المعلومات التي يريدونها علي عدد من الأجهزة المختلفة ويطلعون عليها بطريقة مختلفة. أعرق الصحف الامريكية أما في الولاياتالمتحدةالأمريكية فلم تنج الصحف ايضا من الازمات المالية فصحيفة كريستيان ساينس مونيتور التي انطلقت في 25 نوفمبر 1908 قررت الغاء طبعتها الورقية منذ أكتوبر عام 2008 والاكتفاء بنسخة إلكترونية بعد قرن كامل من الصدور. وهي الصحيفة التي تصنف أمريكياً بأنها من أعرق الصحف هناك. وعن توقف الصحيفة قال ديفيد كوك مدير مكتب الصحيفة في واشنطن ان الصحيفة قررت ان تعتمد علي نفسها بدلاً من الاعتماد علي التمويل الذي توفره كنيسة كريستيان ساينس التي تغطي العجز في نفقات الصحيفة. كما ان الصحيفة كانت تمتلك حوالي مليون زائر لموقعها شهرياً. لكنها تبيع 200 ألف نسخة فقط شهرياً لذلك كان لا بد من إعادة النظر في النسخة الورقية. يبدو أن المعركة بين الصحف الورقية والإلكترونية في أمريكا كانت الأعنف. خاصة خلال الأزمة المالية التي عصفت بالعالم. وبعد صحيفة كريستيان ساينس مونيتور. صدرت مجلتا بي سي وورلد وانفو وورلد في طبعات إلكترونية فقط. ومن بين أبرز وأشهر الإصدارات المطبوعة التي اختفت من العالم أخيراً مجلة ¢نيوزويك¢ الأمريكية التي تحولت إلي مجلة إلكترونية فقط منذ بداية عام 2013. حيث أصدرت عددها المطبوع الأخير في 31 ديسمبر 2012. وتحولت إلي النشر الإلكتروني فقط. الصحافة العربية ومن الصحف الغربية الي العربية حيث قررت صحيفة ¢السفير¢ اللبنانية التي اصدرت العدد الاول منها في 26-3-1974 -التوقف عن الصدور بدءا من مطلع ابريل الجاري بسبب أزمة مالية. تمنعها من الاستمرار كذلك الظروف السياسية والاقتصادية في لبنان التي انعكست علي الدخل الإعلاني وعلي الاشتراكات وصولاً إلي البيع. يأتي هذا في وقت يتوقع أن يطال شبح الاغلاق صحفاً لبنانية أخري. مثل صحيفة النهار ما قد يضطرها إلي قصر صدورها علي الفضاء الإلكتروني. وفي الاردن لا يبدو ان حال الصحافة الورقية أفضل مما هو عليه في لبنان. إذ أغلقت عدد من الصحف الأردنية أبوابها. وطوت صفحاتها. فيما تُحاول أخري الصمود أمام الظروف الخانقة. تعاني صحيفة الدستور- أقدم الصحف الأردنية- مؤخرًا أزمة مالية. متمثلة في عجز قدره حوالي 10 ملايين دولاربالرغم من أن الحكومة الأردنية تُسيطر علي نحو 30% من أسهم الصحيفة. عبر مُؤسسة الضمان الاجتماعي. وقد وصلت أزمة الصحيفة إلي أروقة البرلمان الأردني. بعد تأخر الإدارة في تسليم رواتب العاملين كذلك تمر كل من صحيفتي الرأي والعرب اليوم. بأزمات مالية. توقع محللون أن تتوسع وتصل لمستويات صعبة.