نظراً للحملات الإعلامية التي تستند في معظمها إلي وقائع وحقائق قد يتبادر إلي ذهن المتابع أن الإدارة المحلية في مصر لم تكن في مستوي الحاجات الاجتماعية طوال الوقت وهذا انطباع خاطئ حيث سيثبت لأي ملاحظ موضوعي أن الإدارة المحلية المصرية قد حققت للمجتمعات المحلية إنجازات رائعة في كافة المجالات وواكبت كل ما عاشته مصر من أزمات. والمتتبع للأداء المحلي في فترة الستينيات والمساهمة الفاعلة لتحقيق أعلي معدل تنمية من خلال الخطة الخمسية الأولي 61/66 كما أن الدور المحلي بعد هزيمة 67 وتحمله مسئولية الجبهة الداخلية وتولي مهمة الدفاع الشعبي والعسكري خلال حرب الاستنزاف وتكليفه مهمة التهجير للمواطنين من محافظات القناة إلي المحافظات الأخري علي الأخص محافظات الصعيد بكل ما شملته عمليات التهجير من مشاكل وصعاب في ترتيب الاقامة والاعاشة وخدمات التعليم والصحة في وقت تعاني فيه المحافظات المستقبلة من نقص وقصور في كل مناحي الحياة. استمر ذلك سنوات إلي أن تحملت المحافظات أيضاً وعقب نصر أكتوبر مسئولية إعادة هؤلاء إلي محافظاتهم وفي سنوات ما بعد النصر كان الدور المحلي أكثر من رائع حيث واكبت الإدارة المحلية ما واجهته مصر من أزمات مختلفة كان أبرزها أزمة الغذاء. وهنا تصدت الإدارة المحلية لتنفيذ العديد من مشروعات الأمن الغذائي "تسمين. ألبان. دواجن. خطوط إنتاج البيض وغيرها" الأمر الذي حقق للمجتمع المصري قدراً من أمنه الغذائي آخذين في الاعتبار ضعف القدرات الفنية في المحافظات كماً ونوعاً ولكن عوض ذلك "الحماس والرغبة في الإنجاز" ولا يفوتنا في هذا المجال إلا أن نستعيد جهد المحليات التنفيذية علي وجه الخصوص في التعامل مع كارثة السيول في صعيد مصر 1994 وسبقتها أحداث الزلزال عام 1992 في الحقيقة أن تصدي التنظيمات المحلية والتعامل مع آثار هذين الحادثين يبينان بشكل واضح قدرة المحليات وكفاءتها للتعامل مقارنة بالسلطات المركزية. تسابقت محافظات مصر في الارتقاء بمستوي المرافق والخدمات وإن كانت الزيادة السكانية المضطردة حالت دون معايشة المجتمع لهذه الإنجازات. لقد كانت هناك مبادرات تحسب للإدارة المحلية ناجحة في مواجهة مطالب وتحقيق إنجازات وإن كانت في مجملها تحسب لأشخاص وليست نتاج لبناء مؤس ذلك في ظل توجه غير واضح للدولة فمرة تتجه نحو الإدارة المحلية ثم في تطبيق آخر تتجه نحو الحكم المحلي ثم تتراجع مرات ومرات وتلاشت كل مظاهر اللامركزية وعند التقييم وحتي نكون موضوعيين في ذلك لابد أن نأخذ في الاعتبار أن القوانين المنظمة لم تكن بالقوة والحسم كما أن المركزية افتأتت علي اللامركزية في كل الأحوال وأصبحنا نري دعوات اللامركزية والتطبيق الفعلي مركزي بكل ما تحمله الكلمة من معني.