باهي الروبي لاشك أن هناك معاناة حقيقية في أن يجد المواطن المنياوي خدمة طبية جيدة في المستشفيات الحكومية والوحدات الصحية لأسباب عديدة ليس مكانها هذا التقرير.. لكن المؤسف والمحزن أن المنيا تواجه أزمة من نوع خاص يتعلق بحياة المرضي من حديثي الولادة والذين يطلق عليهم "الاطفال المبتسرون" الذين يصلون إلي العشرات يوميا ويحتاجون إلي حضانات مجهزة إلا أن المستشفيات تعجز عن استقبالهم ويتعرضون للموت بسبب النقص الشديد في هذه الوحدات التي لا تتجاوز علي مستوي محافظة تمتد بطول 160 كيلومترا ويعيش فيها أكثر من 5 ملايين نسمة سوي 165 حضانة حكومية منها عدد تم بالجهود الذاتية وخاصة في مغاغة.. في الوقت نفسه يغالي أصحاب المراكز الخاصة في رفع قيمة تكاليف اليوم الواحد بهذه الحضانات المجهزة ليصل إلي ألف جنيه في المراكز "السوبر" ويقل قليلا في باقي المراكز الأمر الذي يمثل عبئا كبيراً علي المواطنين الذين لا يملكون كل هذه المبالغ الباهظة فيضطرون للانتظار في قوائم انتظار طويلة بالمستشفيات الحكومية حتي يقضي امره إما بوفاة هذا المولود وإما بتحمله فترة الانتظار وأحياناً كثيرة لا يجد سوي مكان في مستشفي يبعد عن مقر اقامته بعشرات الكيلومترات فيضطر للسفر من أجل انقاذ مولوده. القضية خطيرة وأطرافها عديدة و"الجمهورية" تفتح الملف لعلها تساهم في حل هذا الوضع المتأزم الذي يعيشه أهل المنيا. رحلة شاقة في البداية يقول عبدالرحمن مصطفي - موظف - رزقت بمولودي الأول إلا أن الطبيب أوصي بوضعه في حضانة.. بدأت رحلة البحث عن حضانة خالية ولم أكن اتصور أنها مشكلة ورحلة شاقة وتقريبا طفت علي عدد من مستشفي الحكومة بمراكز المحافظة وكانت هناك إجابة واحدة: الحضانة كاملة العدد وقائمة الانتظار طويلة وليس أمامك سوي أن تضع اسمه في القائمة وتنتظر فرج الله. أضاف: لهفتي علي إنقاذ طفلي الأول من الموت دفعتني إلي البحث عن حضانات خاصة بالفعل وجدتها وبعد دخول المولود فوجئت بأن اليوم الواحد يزيد علي 500 جنيه وأنا موظف مرتبي في الشهر لا يتعدي 1500 جنيه فاضطررت للاستدانة لسداد الفاتورة وأعدت رحلة البحث من جديد علي مستشفيات الحكومة ولكن نفس الموقف لم يتغير!! يتساءل عبدالرحمن: قد نتحمل نحن الكبار سوء حالة المستشفيات لكن كيف يتحمل هؤلاء الاطفال؟! هذا سؤال أرجو أن يجيب عليه وزير الصحة والمحافظ. إبرة في كوم قش! أما أحمد محمد ابراهيم - فلاح - قال أعيش أنا وزوجتي في قرية تابعة لمركز مطاي ولم نكن نعرف من قبل حاجة اسمها حضانات أو غيره.. لكن عندما وضعت زوجتي قال الطبيب إنه مصاب بالصفراء ومحتاج حضانة واعطاني جواب تحويل للمستشفي وذهبت للمستشفي وليتني ما ذهبت لأنهم افهموني أني أبحث عن إبرة في كوم قش وعليَّ الذهاب إلي القطاع الخاص لعلي أجد مكاناً لابنتي وبالفعل وجدت وليتني ما وجدت لأنهم طالبوني بمبالغ كبيرة ولولا مساعدة والدي لي ما كنت استطعت أن أسدد التكاليف. 18 جنيها تأمين صحي سألنا الدكتور مصطفي عبدالحميد - مدير مستشفي المنيا العام قال لدينا وحدة متكاملة للاطفال المبتسرين بالمستشفي بدأت بعدد 6 حضانات والآن وصلت إلي 25 حضانة ولها طاقم الاطباء والتمريض الخاص بها ونظرا لأن المنيا هي عاصمة المحافظة فإن الاقبال عليها كثير لذلك هناك حالات كثيرة يتم تحويلها إلي المستشفي مما يضطرنا إلي عمل قائمة انتظار لهم ويتم استيعابهم أولا بأول. قال: إن تكاليف الحضانة يوميا كبيرة بالفعل والتأمين الصحي لايزال حتي الآن يسدد عن اليوم الواحد للطفل 18 جنيها وهذا لا يمثل شئاً مقابل التكاليف الحقيقية. أما الدكتور أحمد أبوالسعود مدير مستشفي مصر الحرة بمدينة المنيا فيقول الصحة تعمل اللي عليها بالنسبة للحضانات لكن المشكلة أن أعداد الاطفال المطلوب إدخالهم بالحضانات كبيرة ولذلك دائما مكتملة العدد.. ونحن بالمستشفي لدينا الآن 10 حضانات بعد أن كانوا 7 فقط ولم يتم زيادتهم بين الحين والآخر. ويري د. أبوالسعود أن يتم تزويد عدد الأجهزة بالمستشفيات إلي جانب تخصيص أماكن خاصة كمستشفيات مستقلة فمثلا كان مخططا من قبل تحويل مستشفي المنيا الجديدة إلي مستشفي للاطفال ولكن تم نقل المستشفي النفسي إليها. التكاليف مرتفعة يؤكد الدكتور محمد هاني - المشرف علي حضانات الصحة أن مستشفيات المحافظة بها 165 حضانة تقريبا منها 25 بالمنيا و40 بمغاغة و14 بملوي مشيراً إلي أن الحضانات ليست فقط جهاز وإنما فريق عمل يعمل 24 ساعة يوميا وأجهزة تحتاج إلي الأكسجين وهي تؤدي عملها بكفاءة. أضاف: هناك أيضا تعاقد مع 3 شركات للقيام بأعمال الصيانة حتي نحافظ علي كفاءة الحضانات وأن تعمل بشكل جيد.. أما تدريب الاطباء فيتم دوريا وآخرها كان الخميس والجمعة بتدريب 120 طبيبا بالتعاون مع الجامعة. الدكتور ناجح طه مدير العلاج الحر بالمديرية قال إن حضانات القطاع الخاص تخضع لإشراف الصحة من حيث التراخيص والمتابعة أما ما يتعلق بتحديد الأجور بها فقد سبق أن عرضت علي وكيل الوزارة أن نقوم بوضع اسعار استرشادية تراعي الظروف المادية للمواطنين وتمنع استغلالهم لأن القانون يعطينا الحق في ذلك لكن لم يتم ذلك حتي الآن. الدكتور نصيف الحفناوي - وكيل وزارة الصحة يري أنه لا توجد مشاكل في عدد الاطباء الذين يعملون في مجال حضانات الاطفال ولا نقص أيضا في التمريض لأننا نمد المستشفي الجامعي بأطقم التمريض اللازمة حتي تعمل وحداتها بشكل يكمل العمل بمستشفيات الصحة ويستوعب عدد من الاطفال.. أما ما يتعلق بوضع سياسة للأجور بالقطاع الخاص فإنني أري أن هذه مهمة نقابة الاطباء فلابد أن تبادر من جانبها بهذا العمل وليس نحن في الصحة.