تاهت خيوط الضوء بعيداً عن كلماتي.. ورأيتني أبحث عن دليل يقودني. يُمسك بيدي. نتلمّس معا طريقاً نعبر من خلاله إلي أمل كاد يتلاشي. .. وجدتها.. رأيت عينيها مرسومة فوق أوراقي. تخترق صمتي. كأنها تفجِّر بركان الشوق للهمسات.. فرح قلبي برؤيتها شمساً تأبي الغروب. وصوتا يرفض السكون. وكأنها تقول لي: متي ستعرف كم أهواك يا أملاً أبيع من أجله الدنيا وما فيها. أمسكت قلمي.. وجاءت الكلمات تتهادي.. قلت لها - أقصد لطيفها - أعلم أن قلبك لؤلؤة ثمينة تحتاج إلي صيّاد ماهر. وأعرف أن سر جمالك يكمن في قلبك الطاهر النقي.. فنظرت بشوق وكأنها تقول: أريد أن أرتدي ثوب حبك. وأسبح في فضاء أحاسيسك.. أنا أهيم شوقاً إلي لقياك. فلا تتردد.. أنا لم أُخلق إلا لأكون مصدراً لسعادتك. وروحاً ترفرف بالخير بأجنحة أيامك.. وأعلم يا حبيبي أن المرأة خُلقت من ضلع الرجل لتكون تحت جناحه ليحميها.. وقريبة من قلبه ليحبها.. وأنها إذا أحبت كان وجه حبيبها هو وطنها. وحضنه الدافيء هو دارها.. فأنا زهرة حياتك التي تميل بالنسيم. ولا تنكسر بالعواصف. ولكن إذا اقتلعتها توقفت عن الحياة. نظرت إلي عينيها وهي تخترق كل أوراقي. فوجدتها بدراً يضيء قلبي بنور السعادة. ورأيتها تجمع كل صفات الجمال والجاذبية.. إنها فعلاً صادقة. وفيّة. واضحة. ذكية. عطوفة. حنونة. مهذبة. راقية. رقيقة. ناعمة. هادئة. واثقة. طفلة وديعة.. إنها بالفعل "وجه القمر".. قلت لنفسي: لن أكون فرعوناً للكلمات. ولا متجبّراً بالعبارات. وسأعلم قلبي حروف الحب وأنقشها علي جدران حياتي.. وسأقول لكل الرجال: إن المرأة إذا أحبّت ضحّت بنفسها من أجل قلبها.. وأنها لا تريد منك المستحيل.. فقط تريدك أن تكون مثل الرجل الذي تتمناه لشقيقتك.. إن المرأة كائن لا يعيش إلا في طريقين لا ثالث لهما: إما كيد عظيم.. أو حب عظيم.. وأنت أيها الرجل الذي تحدد في أي الطريقين تسير. .. ورحم الله الإمام أحمد بن حنبل حين نصح ابنه عند زواجه وقال: يا بني.. إن النساء يُحببن الدلال والتصريح بالحب. ويكرهن قسوة القلب. ولا يطلبن منك أكثر مما تطلبه أنت منهن من طيب الكلام. وحُسن المنظر. ونظافة الثوب. وطيب الرائحة. وأن تتحملها أيام تعبها. وتخفّف من طلباتك وأوامرك. ولا تضع نفسك في ميزان مع أهلها.. واعلم أن زوجتك أسيرة عندك فارحم أسرها. وتجاوز عن ضعفها.. افعل ذلك تكن لك خير متاع وخير شريك. .. وانتهي الحوار بيني وبين نفسي وبين طيف عيونها بلا كلمات مكتوبة. أو أحرف مرسومة. ووجدتني أردد كلمات أشرف الخلق - صلي الله عليه وسيلم - حين قال: "الدنيا متاع.. وخير متاعها المرأة الصالحة".