لو كنت أحد المسئولين بجامعة الدول العربية القائمين علي إعداد جدول أعمال القمة العربية القادمة. التي ستعقد بمدينة شرم الشيخ يومي 28 و29 مارس الجاري.. لوضعت قضية أمن الخليج العربي علي رأس جدول أعمال القمة.. بعد أن ظهرت مؤشرات قوية تقول إن "الحرب الخليجية الثالثة" أصبحت علي الأبواب. ولابد أن يستعد لها العرب..! - المؤشرات القوية صدرت كلها من إيران.. - فالحديث عن إقامة إمبراطورية فارسية عاصمتها بغداد. جاء علي لسان مستشار الرئيس الإيراني علي يونسي يوم 8 مارس الجاري في لقاء بمنتدي "الهوية الإيرانية" بطهران.. قال فيه: "إن إيران اليوم أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حالياً.. "أضاف": إن جغرافيا إيرانوالعراق غير قابلة للتجزئة وثقافتنا غير قابلة للتفكيك"..!! - بعد ذلك بيومين فقط حدد الأميرال علي شمخاني أمين عام المجلس الأعلي للأمن القومي الإيراني حدود الإمبراطورية الفارسية.. قال - خلال مراسم تدشين المدمرة "دماوند" في تزامن مع زيارة رئيس أركان الجيوش الأمريكية مارتن ديمبسي الي بغداد:-: "إن إيران باتت الآن علي ضفاف المتوسط وباب المندب"..!! - شمخاني شغل منصب وزير الدفاع في إيران لمدة ثماني سنوات - من 1997 الي 2005 - وكقائد عسكري لابد أن تكون كلماته محسوبة بدقة. فضلا عما تحمله هذه الكلمات من رسائل واضحة لدول الجوار الإقليمي. باعتبارها كانت جزءا من الإمبراطورية الفارسية الساسانية قبل الإسلام.. وهي الدول المطلة علي الشاطئ الآخر من الخليج العربي.. الذي تصر إيران علي تسميته بالخليج الفارسي.. ومازالت تعتبر أن مملكة البحرين هي المحافظة الإيرانية رقم 14. كما جاء علي لسان علي أكبر ناطق نوري رئيس التفتيش العام بمكتب المرشد العام للجمهورية الإسلامية علي خامنئي في الذكري السنوية الثلاثين لقيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.. - فهل يمكن أن تغزو إيران دول الخليج العربي..؟ - وهل يمكن أن يتم ذلك في إطار ¢صفقة¢ يتم إبرامها "تحت المائدة" بين إيران والدول الغربية.. تلتهم بموجبها إيران دولة البحرين والجزر العربية في الخليج .. فتفزع لذلك بقية دول مجلس التعاون الخليجي. وتقوم بشراء أسلحة من الدول الغربية بمئات المليارات من الدولارات للدفاع عن نفسها.. بذلك تقتسم إيران والدول الغربية أراضي وأموال دول الخليج العربي.. إيران تأخذ الأرض. والدول الغربية تأخذ الأموال ..!! - وقد يكون من فوائد الصفقة أيضا. استنزاف قدرات الجيش المصري الذي سيهب للدفاع عن "الأمن القومي العربي" في منطقة الخليج .. الذي هو في الحقيقة جزء لا يتجزأ من "الأمن القومي المصري".. بل لا نبالغ إذا قلنا إن أمن دول الخليج العربي هو إحدي ركائز الاستقرار السياسي والاقتصادي في مصر..! *** لا أريد الاسترسال في استعراض هذا "السيناريو القاتم". رغم أن ملامحه بدأت تظهر بوضوح في الأفق.. لكن لابد أن نتفق علي ضرورة الاستعداد له من الآن.. حتي لانفاجأ بإحتلال إيران لدولة مثل البحرين في الثانية صباحا.. كما فعل صدام حسين بالكويت في 2 أغسطس عام..1990! - الاستعداد يستلزم أن يتخذ القادة العرب في القمة العربية القادمة . قرارا بتفعيل اقتراح الرئيس عبد الفتاح السيسي بتشكيل قوة عربية مشتركة.. - وإذا كانت هذه القمة تنعقد تحت شعار "الأمن القومي العربي" . فإن تشكيل مثل هذه القوة هو السبيل الوحيد للدفاع عن الأمن القومي العربي ..! - لقد أصبحت قضية أمن دول الخليج العربي علي رأس القضايا التي تشغل الشعوب والأنظمة في هذه الدول.. كما أصبحت موضوعا للبحث والدراسة وتنظيم المؤتمرات في معظم المراكز البحثية والجامعات العربية. خاصة في ظل التطور السريع للبرنامج النووي الإيراني .. وتزايد القوة العسكرية لإيران.. واحتلال إيران شبه الكامل ل 4 دول عربية ..هي : العراق وسوريا ولبنان واليمن .. فضلا عن طموح إيران لإعادة بناء الإمبراطورية الفارسية. التي ستشمل بالطبع دولا خليجية..! *** لقد أتيح لي أن أشارك الشهر الماضي في أحد هذه المؤتمرات.. قامت بتنظيمه كلية العلوم الإجتماعية بجامعة الكويت بالتعاون مع جامعة درهام البريطانية. تحت رعاية نائب رئيس الوزراء ووزير خارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد.. كان المشاركون في المؤتمر نخبة من الخبراء وأساتذة العلوم السياسية في جامعات عدد من الدول العربية وإيران. وكذلك مراكز الأبحاث والدراسات السياسية الإيرانية والعربية والبريطانية..پ - ورغم أن شعار المؤتمر كان "الكويت والأمن الإقليمي".. إلا أن المناقشات فيه اتسعت دائرتها لتشمل أمن منطقة الخليج من المنظور الإقليمي والدولي.. وموقف القوي الغربية والآسيوية مما يحدث في الخليج .. كذلك دور دول مجلس التعاون الخليجي. وجامعة الدول العربية. ومنظمة التعاون الإسلامي.. بالإضافة الي مصادر الأمن غير التقليدية.. - في الكلمة الافتتاحية للمؤتمر التي ألقاها السفير خالد الجار الله وكيل وزارة الخارجية الكويتية .. لفت النظر إلي أن فكرة تأسيس مجلس التعاون الخليجي عام 1981. ترجع إلي مبادرة أطلقها أمير الكويت السابق الشيخ جابر الأحمد الصباح. دعا فيها الي خلق نواة للأمن الإقليمي الخليجي في مواجهة التحديات الأمنية الكبيرة التي صاحبت الحرب العراقيةالإيرانية.. كما أشار الجار الله الي الاقتراح السعودي بانتقال دول مجلس التعاون الخليجي من مرحلة التعاون الي مرحلة الاتحاد . معتبرا أن ذلك يلبي الاحتياجات الأمنية لدول المجلس. ويوفر الضمانات المطلوبة لتحقيق الأمن والاستقرار بها .. قال إن الاقتراح السعودي يخضع حاليا لدراسة معمقة من أجل بلورته علي أرض الواقع. مشيرا إلي أن دول المجلس اتجهت الي التركيز علي الجانب العسكري ودعمه وتفعيله من خلال انشاء قوات "درع الجزيرة" وقيادة عسكرية مشتركة لدول المجلس.. - أضاف: إن الأمن الإقليمي العربي يواجه حاليا تحديات كبيرة ومخاطر محدقة. سياسية واقتصادية وأمنية وبيئية وثقافية وغيرها.. ولاشك أن الصراعات والنزاعات في المنطقة ستظل حجر عثرة في طريق الاستقرار.. موضحا أن الكويت حذرت مرارا في مختلف المناسبات من خطورة تفاقم تلك الأوضاع. ودعت إلي ضرورة إيجاد حلول سلمية لها. وإبعاد الحلول العسكرية بما تحمله من دمار وتخريب.. - تحدث الجار الله عن البرنامج النووي الإيراني . فقال: إن ما يعتريه من عدم وضوح مع المجتمع الدولي. يتطلب تعاونا من الإيرانيين مع متطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. في إطار مباحثات 5«1 لتبديد الشكوك التي تعتري هذا البرنامج.. *** الدكتور عبد الرضا أسيري عميد كلية العلوم الإجتماعية والرئيس الأعلي للمؤتمر. وصف العالم الذي نعيش فيه بأنه عالم متغير.. العلاقات الدولية فيه متوترة.. والأزمات التي يشهدها لها أبعادها السياسية والأمنية والاقتصادية. التي لا يقتصر تأثيرها علي نطاق جغرافي محدد.. مشيرا إلي ما تعانيه المنطقة العربية من أزمات بشكل متواصل ومستمر منذ أكثر من أربع سنوات.. - قال في الكلمة التي ألقاها في المؤتمر: إن العديد من البلدان العربية شهدت ثورات وحراكاً علي أشكال مختلفة. وعنفاً وفتناً أهلية . بل ونزاعات مسلحة . هددت استقرار المنطقة وأمنها . وأمن شعوبها نساءً ورجالاً وأطفالاً. وخلفت وراءها خسائر بشرية ومادية هائلة. ومعاناة بشرية قاسية. ونزوحاً قسرياً غير مسبوق لبعض الشعوب. حتي تعدت الأزمة حدود تلك الدول. لتهدد الأمن و الاستقرار ومسيرة التنمية في كافة الدول الواقعة في محيطها. كما هددت التماسك الاجتماعي فيها بدرجة خطيرة. - أضاف : إن ظاهرة الإرهاب الذي تعاني منه العديد من دول المنطقة. أصبحت تشكل مأساة هذا القرن .. وتم للأسف لصقها بالدين الإسلامي والدين الإسلامي بريء من مثل هذه الأعمال الإرهابية. التي تستهدف الأبرياء والمدنيين وغيرهم في الدول العربية ولا تمت لأي دين بصلة.. - قال: لقد حرصنا في هذا المؤتمر علي طرح قضية الأمن الإقليمي بشكل موضوعي وعلمي وبحثي. بمشاركة جماعية من كافة الاطراف من اجل الوصول الي فهم مشترك. وذلك كله في اطار استكمال دور دولة الكويت كعاصمة للمؤتمرات الدولية. - أكد علي أن الأحداث التي تمر بها المنطقة تدعو إلي تبني حوار أوسع نطاقا. وأكثر شمولا وتحليلا للقضايا والتحديات المتعاظمة والمتسارعة من حولنا. كما تستوجب وضع استراتيجية عمل واضحة المعالم. بجداول زمنية محددة. تساعد علي مواجهة التحديات الحالية والتنبؤ بالتهديدات المستقبلية.. - قال: إن من واجبنا نحن كأكاديميين. وباحثين في الشئون السياسية والدولية والأمنية . اقتراح الحلول وتقديم التوصيات لهذه القضية الاكثر اهمية في المنطقة حاليا ومستقبلا. حيث تُعد منطقة الخليج ذات أهمية استراتيجية واقتصادية وسياسية تتأثر بالأحداث الاقليمية والعالمية.. - فالأمن بات يمثل قلقا وجدانيا وتحديا فكريا لقادة وشعوب العالم علي مر العصور. وإن عالمنا اليوم يعيش حالة من القلق والتحدي الفكري. في مواجهة تنوع وتعدد واختلاف مصادر التهديد وتشعب مخاطره .. - أضاف د . عبد الرضا أسيري : حيث ان منطقة الشرق الأوسط في تاريخها المعاصر لم تحظ بالأمن والاستقرار ولم تنعم شعوبها بحياة الطمأنينة والأمان. ولعل دول الخليج كانت ولا تزال من أكثر المناطق التي تعاني من آثار عدم الاستقرار الأمني في المنطقة. وذلك لأسباب ودوافع عدة من أهمها الموقع الاستراتيجي. والثروة الكبيرة ومخزونها الاحتياطي من النفط. وصغر حجم دولها وقلة عدد سكانها. وقوة تفاعلها مع تلك القضايا وتأثرها المباشر بها سلبا وايجابا.. *** - البقية .. الأسبوع القادم إن شاء الله تعالي..