تفشي الفساد في منظومة القطاعات الحكومية في مصر. أحد أهم العوامل التي أطلقت بسببها ثورة ال 25 من يناير. إذ أن ثمة خللا في الرقابة والتشريعات سمح لهذه الظاهرة بالتمدد والانتشار. وقد احتلت مصر المركز ال 94 عالميا في مجال محاربة الفساد. علي المؤشر السنوي لمنظمة الشفافية الدولية. من بين 175 دولة شملها المؤشر. بينما كانت في المركز 114 العام الماضي. بعد أن سجلت 37 درجة في مقابل 32 العام الماضي. علي الرغم من أن مصر من أكبر الدول التي أحرزت تقدما في مكافحة الفساد خلال هذا العام. فإنها مازالت أقل من المعدل العالمي البالغ 43 درجة. ومن المعدل الشرق أوسطي البالغ 38. وقد أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية عن عزمه مكافحة الفساد والتصدي لكافة مظاهر الخلل والحد من إساءة استخدام السلطة أو استغلال الشعب ومحاربة الوساطة والشللية والمحسوبية. خطورة تنامي ظاهرة الفساد وغياب العدل الاجتماعي في كافة الجهات الحكومية أو الخاصة. وأيضا التفاوت في توزيع الثروات. يشكل عقبات حقيقية أمام التنمية المستدامة. وبالتالي تعزيز النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد يمثل أحد المتطلبات الضرورية لانجاح مشروعات إصلاح الاقتصاد وسوق العمل والتعليم والتدريب. الأمر الذي يتطلب لمحاربته وضع استراتيجية وطنية تتضافر فيها جهود الجميع بداية من القيادة السياسية وأحزاب سياسية وشعب ومنظمات مجتمع مدني لكشف الفساد في ضوء الاتفاقيات الدولية مع ضرورة تفعيل القانون وتوعية المواطنين بمخاطر الفساد وآثاره السلبية علي حياتهم.. ماهو حجم الفساد في مصر.. وهل يكافح بالقانون.. وماذا عن اتفاقية مكافحة الفساد التابعة للأمم المتحدة؟! في البداية أكد الدكتور ماجد عثمان مدير المركز المصري لبحوث الرأي "بصيرة" أن الإعلان عن القضاء علي الفساد جيد في حد ذاته. ولكننا نود أن نطلع علي الإجراءات والوسائل الفعالة لتحديث الأنظمة والهياكل الإدارية وأساليبها وأدوات وتقنيات عملها. وذلك من أجل رفع وتحسين مستوي كفاءة الأجهزة العامة للإدارة. ومن ثم مواجهة مشكلة الفساد المتراكمة والتي تأخذ أشكالا عدة في غاية الصعوبة الأمر الذي يتطلب دراسات بحثية دقيقة استعداداً للتنفيذ علي أرض الواقع. وأضاف أن الإصلاح الإداري لابد أن يبدأ من القيادات العليا القادرة علي تطوير الأداء الحكومي وإعداد القيادات من الصف الثاني والقضاء علي الأبواب الخلفية للفساد داخل أجهزة الدولة. لكونها لا تخضع لأية رقابة. وبالتالي لابد من إعادة التفكير في تغيير منهجية وأسلوب الإدارة في أجهزة الدولة. عن طريق إقرار خطط وبرامج الإصلاح الإداري لإزالة كافة القيود والعراقيل التي تحد من حركة التفاعل الطبيعي بين المتغيرات ذات العلاقة بالإدارة وضبط واقع العمل والإنتاج بحيث تتحكم بها المعايير العلمية الإدارية منها والاقتصادية في إطار الأهداف والسياسات التي توفر عنصر الضبط والتحكم الرشيد في مسيرة الإصلاح الاقتصادي والإداري التي تعالج كافة الظواهر المسببة للفساد والتخلف الإداري. لأن عملية الإصلاح تحتاج إلي هدف وجهد يشارك فيه الجميع بقيادة الدولة. وأن تكون شاملة للقطاعين العام والخاص. مع تطوير الأطر البشرية. وأيضاً منظومة القوانين والتشريعات الإدارية. واعتبر وجود بنية تشريعية لمحاربة الفساد تعد خطوة مهمة. إلي جانب تشكيل هيئة عليا لمكافحة الفساد لن يجدي مالم تتوافر إرادة سياسية لمكافحة الفساد تؤازرها قوة مجتمعية من خلال تآزر مختلف الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام مضيفاً أنه لا يمكن للإصلاح الاقتصادي أن يتقدم بخطي ثابتة ما لم يرافقه إصلاح إداري في كافة مؤسسات الدولة. وبالتالي لابد أن يتم التركيز علي إعداد الخطط والرؤي الموضوعية وتنفيذها بشفافية من خلال المتابعة والإصلاح الإداري والاقتصادي للمؤسسات بما يعزز الشفافية لدي المواطن تجاه الحكومة. خاصة أن مصر تعاني منذ سنوات طويلة سوء الإدارة وتكافح للتطوير والتنمية بشكل أعمق وهي في سعيها إلي الحل. وطالب بضرورة إعادة توصيف الوظائف بحيث يتم تحديد مهام كل وظيفة حتي يأخذ كل شخص حقه. لافتاً إلي أن هناك هيئات وإدارات غير ضرورية تكبد الدولة خسائر سنوية بلا جدوي. أما الدكتور صفوت جرجس. مدير المركز المصري لحقوق الإنسان. فيؤكد ضرورة إجراء خطوات عملية لتسهيل تحقيق مكافحة ظاهرة الفساد في مصر. دعا إلي أهمية الإسراع في استكمال الإجراءات الحكومية بأسرع وقت ممكن. وذلك عبر تشكيل هيئة عليا وطنية تضم ممثلين لجميع مؤسسات الدولة المعنية بتعزيز الشفافية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني المعنية لوضع استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد في المجتمع. من أجل منهجة العمل لتعزيز الشفافية والنزاهة في مؤسسات الدولة والمجتمع لتسعي بدورها إلي ترجمة الالتزامات المترتبة عليها داعيا تهيئة السبل أمام المؤسسات الرقابية للقيام بالأدوار المناطة بها في رقابة السلطة التنفيذية من خلال ضمان استقلاليتها بصورة عملية. ومن جانبها تري الدكتورة علياء المهدي. أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة. ضرورة اتخاذ الخطوات اللازمة لتأكيد النزاهة والمساءلة وسيادة القانون عبر تأسيس هيئة مستقلة لمكافحة الفساد يناط بها الإشراف علي تنفيذ سياسات مكافحة الفساد ومنع وقوعه ومحاربته بشكل دائم. خاصة أن مصر في مقدمة الدول النامية في تفشي ظاهرة الفساد. . أشارت إلي ضرورة أن يحتل الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد أولوية أجندة الدولة بهدف نسف منظومة البيروقراطية وتيسير الإجراءات وإصلاح منظومة الإدارة في مصر والقضاء علي كافة صور الفساد والرشوة والمحسوبية والوساطة وتطهير الفساد المستشري في المحليات. وأضافت وفقاً لما نص عليه الدستور بانشاء هيئة عليا لمكافحة الفساد فهناك ضرورة لوجودها. ولكن يجب تحديد دورها بحيث يكون تنسيقياً بين مؤسسات الدولة الرقابية الأربع وهي الجهاز المركزي للمحاسبات والرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة ووحدة غسيل الأموال. مشيرة إلي أن الاتفاقية الدولية تلزم بانشاء جهات لمكافحة الفساد والرقابة وربما يكون معظمها غير مفعل. من جانبه أوضح الدكتور صلاح جودة الخبير الاقتصادي انه من الضروري رفع مستوي الشفافية في الموازنة العامة للدولة وذلك من خلال الافصاح الفعلي عن الإيرادات المحصلة ومصادرها وجميع أوجه صرفها بما في ذلك جميع الموازنات الملحقة الفرعية. والافصاح عن مؤشرات أداء الموازنة مع نهاية كل عام مالي ونشر الموازنات والتقارير الختامية للشركات الحكومية في وسائل الإعلام واتخاذ الإجراءات الكفيلة برفع مستوي فعالية وكفاءة الإدارات العامة بالدولة وتوفير الضمانات العملية. بأن يتم اختيار الموظفين لشغل جميع الوظائف في مؤسسات الدولة بناء علي معايير موضوعية تعتمد الجدارة والكفاءة والشفافية والإنصاف والأهلية مع ضمان وجود وسائل قانونية للتظلم والإنصاف. وأشار إلي أن المشكلة الحقيقية ليست في الموظف الذي اعتاد علي البطالة والفساد. وإنما في الإدارات الفاشلة التي وفرت له مناخاً يساعده علي هذا. فالعاملون في الحكومة ليسوا هم أساس المشكلة في تراجع الإنتاج والخدمات ولكن النظام الإداري هو السبب في ذلك. مؤكداً أن الإصلاح الإداري ورفع كفاءة العاملين بالدولة أصبح أمراً ضرورياً لمساندة الاقتصاد المصري الذي تدهورت أوضاعه خلال الفترات الماضية. ولإحداث تغييرات هيكلية واسعة للتخلص من التعقيدات الإدارية وتبني أساليب متطورة تكفل ترشيد اتخاذ القرارات وتعظيم المنافع من خلال الاستخدام العقلاني لكافة الموارد المتاحة. والابتعاد عن القوالب النمطية الموحدة التي تشل حركة الابداع والابتكار. أما الدكتور أحمد صقر عاشور. ممثل منظمة الشفافية والفساد في مصر. فقال انه علي الرغم من إعلان الحكومة عن تشكيل لجنة فرعية بوزارة التنمية الإدارية بهدف القضاء علي الفساد إلا أنها لا تتماشي مع ما أقرته اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد. وذلك لأن اللجنة سوف يوجد علي رأسها وزير التنمية الإدارية. وهذا يتنافي مع الاتفاقيةالتي تستوجب أن تكون اللجنة وطنية ومستقلة وليست حكومية. مما يجعلها فاقدة الصلاحية. معتبراً أن الأمر يستوجب استقلالية اللجان وتبعيتها للبرلمان ودخول أعضاء غير حكوميين فيها. .