كان من الطبيعي أن نستكمل معاً دور المجتمع المدني في ملف مياه النيل والخطوات المطلوبة من منظماته لدعم المفاوض المصري. وخلق قنوات حوار مع نظرائهم بدول حوض النيل لبناء الثقة ومواجهة محاولات بعض القوي الدولية والإقليمية في زيادة الشقاق بين صناع القرار بهذه الدول بما فيها مصر. وكذلك دور هذه المنظمات في الفترة القادمة في التعامل مع الرؤية الاستراتيجية للبلاد حول هذا الملف خاصة في ظل إصرار حكومة أديس أبابا علي استمرار العمل بسد النهضة وتأجيل حكومة الخرطوم للاجتماع الوزاري لأكثر من مرة. وهو الخاص بالاتفاق حول الآليات التي يضعها الخبراء الوطنيون بدول النيل الشرقي مصر والسودان وأثيوبيا لتنفيذ التوصيات الدولية لمعالجة الآثار السلبية لإصرار أثيوبيا علي بناء السد وفقاً للمواصفات المعلنة بما فيها تخزين 74 مليار متر مكعب وإنتاج طاقة كهربائية تصل لنحو 1200 ميجاوات. وغيرها من المواصفات التي سوف يكون لها بلاشك آثار سلبية علي مصر والسودان إن لم يتم الاتفاق حول سبل معالجتها والتعامل معها. أيضاً كان المفروض أن نتعرض لتعامل مع الملف بمفهوم "التفكير خارج الصندوق" بأن نتوقع أسوأ السيناريوهات ونضع آليات التعامل معها ودور المجتمع المدني في ذلك وتلك قصة أخري سوف نتناولها فيما بعد لكن الأحداث التي تشهدها البلاد ومحاولات بعض وسائل الإعلام إثارة الفتنة داخل الشارع المصري بقصد أو بدون بالهجوم المستمر علي حكومة الدكتور الببلاوي التي أعتقد من وجهة نظري بأنها "حكومة فدائيين" وذلك بقبولها المسئولية لتأسيس الدولة المصرية بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو بالرغم من الظروف الإقليمية والدولية المحيطة ببلادنا من كل جانب. ومسألة التأسيس للدولة المصرية تتطلب من جميع وسائل الإعلام التركيز ودعم جهود حكومة الفدائيين.. صحيح إن ظروف هذه الحكومة أفضل من الحكومات السابقة ليس لأنها أكثر خبرة فقط أو لأنها تنتمي إلي مصر وليس لحزب أو جماعة وإنما للدعم الشعبي والثقة من جميع الأطياف لها وأيضاً لزيادة الاحتياطي المركزي بدعم من الدول العربية بالإضافة إلي وجود حالة من الاستقرار الأمني إلي حد ما. إذن أين المشكلة؟ أعتقد أن المشكلة يمكن تلخيصها في مجموعة من النقاط الأساسية منها إصرار التيار الثالث المتوغل في كافة مناحي الحياة. ومؤسسات الدولة المصرية وخاصة وسائل الإعلام وأدوات التواصل الاجتماعي علي الهجوم المستمر علي كل حكومة جاءت بعد ثورتي يناير ويونيو واستعجالهم في تحقيق أهداف الثورة وعلي رأس هذه الأهداف العدالة الاجتماعية. دون أن توجد هذه الوسائل "حالة من الشراكة" بين الحكومة والشعب وحجم الأزمة وكذلك حجم التحول والتغيير الجذري الذي يشهده العالم. وأيضاً المنطقة نتيجة ثورة الشعب المصري. والتي تجلت ملامحها في 30 من يونيه بحيث تخلق هذه الشراكة تواصلاً شعبياً ومزيداً من الصبر لتحمل صعوبة العيش وتأكيد "الحلم القومي" للمصريين في إنشاء مصر الجديدة ولنا تجارب تاريخية تؤكد قدرات المصريين علي تحقيق أحلامها. من ناحية أخري نلاحظ أن التيار الثالث يعمل بشكل مقصود علي ما أعتقد علي تقسيم الشارع المصري بأطيافه بالأحياء بأن هناك مجموعة يناير ومجموعة يونيو بهدف إثارة الفتنة واستمرار التوتر وهو ما يخدم في المقام الأول أعداء الوطن ودليلنا علي ذلك إصرار هذا التيار علي الحديث المستمر عن الأزمة الاقتصادية والحديث بإسهاب حول الخلافات داخل لجنة الخمسين التي تضع دستور البلاد وتعميق الخلافات حول نظرية المواطنة وحقوق الأقليات إذا صح التعبير بينما كان من الأولي أن يبحثوا عن المحاور التي تجمع بين المصريين وليس نقاط الخلاف البسيطة والتي يمكن حسمها مع الوقت وفقاً لنظرية الأولويات "الأكثر أهمية ثم المتوسط ثم الأقل" لأنه في اعتقادي الشخصي أن التحرك بقوة نحو الخطوات الواقعية التي تحقق استقرار البلاد وفي نفس الوقت تعكس خارطة الطريق التي تنفذ حالياً بشكل جاد وحاسم أفضل بكثير لأعضاء هذا التيار إذا كان يريد الخير لمصر وشعبها. أما إذا انتقلنا لمحور آخر فإنني أعتقد أن الطابور الخامس مازال يعمل داخل الوزارات والهيئات الحكومية من أجل إفشال الجهود التي يقوم بها وزراء حكومة الببلاوي بدليل حرص الكثير من وسائل الإعلام الحكومية أو الخالصة علي عدم إبراز أية جهود تبذل بشكل جيد وإنما مازال النشر والتناول الإعلامي محكوماً بالأهواء أو بأصابع الطابور الخامس رغم الثورة هنا لابد من وقفة بين رئيس الحكومة وبين وسائل الإعلام وأن يكون هناك حوار مستمر فيما بينهم بل أعتقد أن هناك ضرورة لقيام الدكتور الببلاوي بالدعوة لهذه الوسائل لعقد لقاء أو اجتماع يقوم خلاله الببلاوي بشرح حقيقة الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية لرؤساء وسائل الإعلام بما يتيح الاتفاق علي خطوط عريضة وتطبيق ميثاق شرف إعلامي يلتزم الجميع بتنفيذه حكومة وإعلام مع الأخذ في الاعتبار أن تعلن حكومة الببلاوي بأن الإعلام بوسائله المختلفة شريك رئيسي في عملية التأسيس لمصر الجديدة وؤإذا لم يتم ذلك فإن ذلك يعطي الفرصة أمام التيار الثالث والطابور الخامس في القضاء علي طموحات المصريين ويظل الببلاوي وحكومته بين فكي الشعب المتطلع لتحقيق أحلامه القومية والتيار الثالث.