مازالت الأزمة السياسية في مصر بانتظار الخيار الذي ستستقر عليه السلطات الانتقالية في التعامل مع مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي سواء الخيار السياسي المتمثل بإقناع "الإخوان المسلمين" وحلفائهم بالمشاركة في "خارطة المستقبل" للمرحلة الانتقالية أو الخيار الأمني المتمثل في تنفيذ خطة فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة "بالقوة" استناداً إلي التفويض الذي منحه الشعب المصري للفريق أول عبدالفتاح السيسي والضوء الأخضر الذي منتحه الحكومة لوزارة الداخلية لانهاء الاعتصامات. ويبدو أن القرار النهائي بشأن هذا الخيار أو ذاك ينتظر انتهاء عطلة عيد الفطر المبارك من جهة وما ستسفر عنه الوساطات الغربية والعربية بين معتصمي رابعة العدوية والعهد الجديد من جهة ثانية علماً بأن الحراك الدبلوماسي هذا قد بدأ يثير حفيظة دوائر عدة في سلطات المرحلة الانتقالية وفي مقدمتها مؤسسة الرئاسة التي رأت أن الضغوط الدولية علي مصر تجاوزت كل الأعراف الدبلوماسية فيما بدأ البعض يعرب عن مخاوفه بشأن تدويل المشكلة المصرية خصوصاً أن الإعلام العربي والغربي قد بدأ يستخدم مصطلحات من قبيل "الأزمة المصرية" و"القضية المصرية" و"المسألة المصرية". * آخر من وصل إلي مصر كان عضوا مجلس الشيوخ الأمريكي جون ماكين وجراهام ليندسي اللذان أجريا سلسلة لقاءات في القاهرة شملت مجموعة من المسئولين رفيعي المستوي في السلطات المصرية. وأشار المسئولون بعد اللقاء إلي أن أولويات مصر هي تأمين المواطنين والحفاظ علي حياتهم وممتلكاتهم وحفظ الأمن والنظام والقانون مع مراعاة نبذ العنف وحقن الدماء والمضي قدماً في إتمام المصالحة السياسية الشاملة وتنفيذ خارطة الطريق لوضع آفاق مستقبل ديمقراطي لمصر. * وعلي الجانب الآخر فإن لقاءات مساعد وزير الخارجية الأمريكي ويليام بيرنز لم تسفر هي الأخري عن شيء إيجابي مما أدي بدوره إلي تفاقم المشكلة أكثر وأكثر.. وهذا المعني أكدته ما صرح به المتحدث العسكري الرسمي من أن تبادل وجهات النظر بشأن المستجدات في المشهد السياسي المصري والجهود المبذولة لإنهاء حالة الاستقطاب السياسي ونبذ العنف والمضي قدماً في تنفيذ خارطة المستقبل للمرحلة الانتقالية بمشاركة جميع الأطياف السياسية من دون تمييز أو إقصاء لأي فصيل علي الساحة السياسية خاصة الإخوان المسلمين كما تطرق إلي عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك. * وقد أكد هذا المعني الاتصالات المستمرة بين السيسي وهاجل وزير الدفاع الأمريكي حيث أكدت القيادة المصرية حرصها الشديد علي انتهاج السلمية كمبدأ من المبادئ الراسخة لفض الاعتصامات السياسية. * هذا وقد دعا عضوا الشيوخ الأمريكي بالإسراع في خطوات الانتقال إلي الحكم المدني في أسرع وقت ممكن مما يؤدي بدوره إلي عودة الحياة الطبيعية لمصر عن طريق انتخابات ديمقراطية برلمانية رئاسية وقبل ذلك الإفراج عن القيادات السياسية المعتقلة من جانب الحكومة الانتقالية طالما لم تتلطخ أيديهم بدماء أما سواهم فيجب أن تتخذ حيالهم الإجراءات القانونية الطبيعية طالما لطخت أيديهم بالدماء وهذا ما يتفق ورغبة الغالبية العظمي من أبناء الشعب المصري. * وأخيراً فإن الموقف الأمريكي مازال غامضاً حيث يلعب علي جميع الأطراف الداعية للمصلحة الأمريكية دونما نظر لهذا الفريق أو ذاك وبالتالي فإن المصلحة العليا للوطن تقتضي أن يتم في التو واللحظة فض تلك الاعتصامات سواء في رابعة العدوية أو النهضة حتي تبدأ مصر أولي خطواتها نحو تطبيق ديمقراطية تكون محل إعجاب دول العالم أجمع.. وسيري العالم كيف يدير المصريون شئونهم بأنفسهم. وإن غداً لناظره قريب.. وقريب جداً.