سوء تخطيط للطرق وتعداد سكاني يصل إلي أكثر من 10 ملايين يعيشون في القاهرة أصاب المدينة باختناق مروري جعل منها عنق زجاجة وتحتل القاهرة الترتيب الثالث علي العالم بعد مدينتي بانكوك وبكين من ناحية الأزمة المرورية.. ولا يخفي علي القاصي والداني الأضرار التي يتحملها الفرد والاقتصاد جراء هذه المشكلة التي لم يعد بالامكان تركها أكثر من ذلك وتصل التكلفة الاقتصادية للتكدس المروري 50 مليار جنيه مصري في العالم تمثل 4% من الناتج المحلي الاجمالي وفقا لتقرير صادر عن البنك الدولي وتظهر هذه التكلفة في الوقود المهدر والمشكلات الصحية بسبب تلوث الجو والضوضاء والتوتر العصبي وانخفاض الانتاجية الاقتصادية وهذه التكلفة هي أعلي من التكاليف التي تتكبدها مدن العالم بسبب الازدحام المروري فمثلا تتحمل مدينة نيويورك بسبب المرور 07.0% في العام من الناتج الاجمالي. ومع النظرة الأولي لأي فرد عادي لا يتمتع بالخبرة في الهندسة المرورية يجد مشكلات يمكن حلها سريعا مثل تنظيم اشارات المرور وتوفير أماكن للمشاة والانتظار والالتزام بقواعد المرور لكن ينبغي مد جذور العلاج إلي مسافات اعمق من ذلك والاستفادة من خبرات المدن المتقدمة والتي نجحت في تجاوز هذه الأزمة. وتوضح التجربة العالمية عدة وسائل لحل هذه المشكلة بالاضافة الي إطارين رئيسيين وهما ارتفاع جودة وسائل المواصلات والأغرب زيادة تكلفة استخدام السيارات الخاصة فوسائل المواصلات في الدول الأوروبية تتمتع بدرجة عالية من التوفير والجودة حيث تضم مدينة باريس وحدها 14 خط مترو رغم ان عدد سكانها ومساحتها ربع سكان القاهرة ومساحتها كما ان جودة وسائل المواصلات التي تربط جميع انحاء المدينة ببعضها تشجع الاثرياء علي ارتياد المواصلات العامة بدلا من سياراتهم الفارهة توفيرا للنفقات ما يعني اتاحة مساحات علي الطريق وخفض استهلاك الوقود وتلوث الهواء. ويقول البنك الدولي ان من أهم الشروط التي ينبغي تحقيقها لحل المشكلة هي رفع الدعم عن الوقود لأن ذلك يؤدي إلي زيادة تكلفة استخدام السيارات الخاصة بهدف الحد من استخدامها في مقابل خفض ثمن تذاكر وسائل المواصلات تشجيعا علي ركوبها ودعمها بدلا من الوقود إذا كان العائد من التذاكر غير كاف كي لا تتأثر جودتها ولنا في تجربة اندونيسيا خير مثال حيث قام الرئيس سوسيلو يودهويونو في عام 2005 بمضاعفة ثمن الوقود برفع 8 مليارات دولارا عن دعمه سنويا بعدما تبين ان هذا الدعم لا يذهب إلي مستحقه ولا يستفيد منه سوي الاثرياء. إلي جانب ذلك تطبق أغلب مدن الولاياتالمتحدة نظام "مشاركة السيارات" carpool منذ نحو 60 عاما فإبان الحرب العالمية الثانية روجت الحكومة الأمريكية لهذا النظام بهدف توفير الوقود للآلات العسكرية وصممت الحكومة حينها ملصقات تقول: "ركوب السيارة وحدك يعني ان هتلر بجانبك"!! وبدأ هذا النظام في الانتشار في جميع انحاء الولاياتالمتحدة مع أزمة النفط في السبعينيات وقطع الدول العربية صادرات البترول عنها وبلغت نسبة استخدام هذا النظام 5.43% من رحلات القيادة المعتادة و10% من رحلات القيادة للمسافات الطويلة في عام 2009 وفقا لوزارة النقل الأمريكية وقد نجح هذا النظام في مدينة سان فرانسيسكو تحديدا حيث توفر كبري شركات تصنيع السيارات في العالم عربات مخصصة لهذا النظام مقابل اشترك معقول. ويعمل هذا النظام علي النحو الأمثل في المناطق السكانية المزدحمة حيث يتشارك عدة اشخاص في سيارة واحدة للذهاب إلي أعمالهم بالتبادل أو مقابل أجر أو خدمات أخري ما يجعله حلا مناسبا للقاهرة وفي مصر أطلقت وزارة البترول حملة اعلانية تحت شعار "الحل في الكاربول" حيث تشجع المواطنين علي مشاركة السيارات لتخفيف وطأة الازدحام المروري وتقليل استهلاك الوقود وتوفير النفقات كما دشن عدد من النشطاء موقعا علي الانترنت يكون بمثابة وسيلة تواصل لراغبي مشاركة السيارات carpoolmasr.com. وعلي غرار وسائل المواصلات الانجليزية ذات الطابقين لجأت الصين إلي تصميم اتوبيسات نقل مرتفعة عن الأرض بطول 6 أمتار وفارغة من اسفلها وتسير هذه الاتوبيسات علي خطين يشبهان السكة الحديدية بجانب الطريق لكنهما باتساع 6 أمتار ايضا مما يسمح بمرور سيارتين عرضا تحته بكل أمان ويسع الأتوبيس الواحد لعدد 1200 راكب ويشبه القطار إلا انه لا يحتاج إلي حفر انفاق أو مد سكك خاصة به وتعمل هذه الاتوبيسات عن طريق الكهرباء إلي جانب الطاقة الشمسية والتي يستمدها من لوحات يتم تركيبها أعلاه وتصل سرعته نحو 40 كيلو مترا في الساعة وتقول الشركة المنتجة لهذا الاتوبيس العملاق انه يخفض نسبة الازدحام المروري لأكثر من الربع وان الاتوبيس الواحد يمكن أن يحل مكان 40 من الاتوبيسات العادية ما يعني توفير 860 طن وقود سنويا وخفض التلوث وتخطط الشركة إلي تصنيع 170 وحدة منه بحلول عام .2025 وفي ولاية فيرجينيا الأمريكية بدأ منذ اسابيع قليلة تطبيق نظام ذكي يساعد في تقليل الازحام المروري بعدما ثبت نجاحه في عدة مدن أوروبية ويتمثل نظام الادارة النشطة للمرور والمخطط اكتماله بحلول عام 2015 في توفير معلومات عن سرعة حركة المرور في الطرق ودرجة الازدحام ومعلومات أخري عن طريق كاميرات وادوات استشعار تثبت بالطرق ويتم عرض هذه المعلومات وتحديثها علي شاشات إلي جانب رفعها علي الانترنت ليراها السائقين ويتمكنوا من تغيير طريقهم علي النحو المناسب.