حسنا فعل ضباط الشرطة في اجتماعهم الأخير بناديهم حين أعلنوا الانحياز الكامل للشعب المصري خلال التظاهرات الحاشدة المتوقعة يوم 30 يونيه الحالي. وهذا يوكد أنهم استوعبوا الدرس جيدا بعد الآثار التي خلفتها أحداث 25 يناير وما أعقبها من تداعيات زادت من حدة الاحتقان بين الشرطة والشعب خاصة بعد الانسحاب الكامل لرجال الأمن وتركهم المواطن يلاقي الأمرين من الانفلات الأمني وانتشار أعمال العنف والبلطجة. أنا شخصيا أري ان أكثر الجهات التي دفعت ضريبة باهظة بعد الثورة كانت الشرطة والصحافة القومية. فالأولي وجدت نفسها في مواجهة الشعب الثائر ضد نظام ترهل في موقعه وانتشر الفساد بمعظم اركانه وكان عليها في نفس الوقت الدفاع عن هذا النظام باعتبار أنه يمثل الشرعية في ذلك الوقت علاوة علي محاولتها حمايته مؤسسات الدولة ولكن الضغوط والمؤمرات الداخلية والخارجية كانت أشد قوة وحدة من تحمل أفراد الأمن الذين فضلوا الانسحاب والانزواء بعيدا علي أن يواجهوا أبناء الوطن ووقوع المزيد من الضحايا. ومع ذلك لم ترحمهم الاقلام والفضائيات والقوي السياسية التي حملتهم وحدهم المسئولية في قتل وإصابة المتظاهرين إلي أن بدأت تتكشف الحقائق رويدا رويدا. في نفس السياق دفعت الصحافة القومية هي الأخري ضريبة باهظة نتيجة ارتمائها المطلق في احضان النظام وانفصالها عن الشعب المالك الحقيقي لهذه المؤسسات والداعم الأول للحريات. وللأسف لم تستطع معظم الصحف القومية ان تنال ثقة الثوار والقوي الجديدة في الشارع المصري سواء خلال أحداث الثورة أو بعدها. ومن هذا المنطلق يجب عليها تعلم الدرس جيدا وان يكون انحيازها الكامل للشعب المصري علي مختلف انتماءاته واتجاهاته خاصة ان غالبية الصحف القومية تمتلك مقومات النجاح والتميز سواء من الكوادر البشرية أو التكنولوجية ويأتي ذلك متزامنا مع التراجع الملحوظ لكثير من الصحف المستقلة والحزبية وافتقاد الثقة بينها وبين الغالبية العظمي من القراء نظرا لتغير مواقفها ولانحيازها لأشخاص أو جهات بعينها. الشيء الآخر الذي اسعدني هو إعلان العديد من القوي السياسية المدنية وتأكيدها التزام السلمية في تظاهرات 30 يونيو حرصا منها علي أمن الوطن وسلامة المواطن وهذا مؤشر جيد نتمني أن تلتزم به كافة القوي التي ستنزل إلي الشوارع والميادين في هذا اليوم الموعود. والأهم أن يشعر القائمون علي أمور البلاد بنبض الشارع المصري والعمل علي الاستجابة لمطالبه المشروعة قبل فوات الأوان وأن يكون شغلنا الشاغل شعبا وحكومة هو مصلحة مصر وأمنها الداخلي والخارجي وان نفتح عيوننا وعقولنا أيضا جيدا لمراقبة العالم من حولنا ونحاول أن نفهم أو علي الأقل نرصد ما يحاك ضدنا من مؤامرات ومكائد. واعتقد أن الصورة في سوريا والعراق وقبلهما السودان هي خير دليل علي الخطر الذي بات يهدد وحدة مصر شعبا ووطنا ووو وجيشا.