ما يحدث في الوسط الرياضي الآن يذكرني بالفيلم العربي و"اإسلاماه" عندما استقبل أحمد مظهر ورشدي أباظة مندوب التتار الذي سأل.. عندما أتحدث لشعب مصر.. أكلم مين؟!! وكان الرد حاسما من قطز الذي مزق رسالة الغزاة بضربة من سيفه وهزم بعدها كل الغزاة!! والآن أسأل نفس السؤال.. نكلم مين في مصر عندما نريد الاستفسار عن شيء في الرياضة خاصة بعد تلك الأحداث الدرامية؟!! - هل نكلم العامري فاروق الذي كان أول مسئول يتوجه إلي الجبلاية والنار مشتعلة في المبني وهو يستحق الشكر علي ذلك.. أم نسأل مجلس إدارة اتحاد الكرة الذي انشق واختلف حول المقر البديل للاتحاد؟!! - النار أكلت تاريخنا, والتهمت المبني القديم الذي يعد أثرا كرويا يشهد لمصر بالريادة القارية والعربية, واللصوص سرقوا الشهادات الموثقة ببطولاتنا وهي الكئوس والدروع التي تعيد لنا ذكريات الوقوف فوق منصات التتويج. أسأل من عن هذا الانهيار الذي ضرب الملاعب منذ أحداث ملعب بورسعيد وسقوط شهداء أبرياء كان كل أملهم الاستمتاع بمهارة لاعب أو فوز فريق وأسأل من عن تكرار نفس السيناريو الكروي الذي تكرر في بورسعيد لكنه هذه المرة في ملعب السجون عندما سقط العشرات من أبناء المدينة ومازال الفاعل مجهولا؟!! النار مشتعلة ولم تنطفيء بعد في كل الملاعب ولولا توهجها والخوف من لهيبها وشظاياها التي تتطاير.. ما أقيمت مباريات الدوري بدون جماهير حتي الآن!! يا تري هل الهدف هو إخراج جماهير وروابط الألتراس من الصورة؟!! الإجابة تقترب من درجة نعم بنسبة كبيرة خاصة بعد القرارات الجديدة التي تحرم التجمهر الكروي وسن قانون جديد لسجن روابط المشجعين غير المرخصة!! وهذا القانون الذي تم نشره بالأمس نشم فيه رائحة *الطبيخ البايت*.. لأنه يتم إعداده بشكل هوجائي وبسرعة غريبة وبدون دراسة أو وعي, بدليل أن القانون سيتعرض لتنظيم عمل الإعلاميين والصحفيين وهذا تدخل حاد وسافر في أعمال نقابة الصحفيين والمجلس الاعلي للصحافة ورابطة النقاد الرياضيين.. فمن الذي يحاسب الناقد علي رأيه أو تحليله للأحداث؟!! وما معني تنظيم عمل الإعلاميين والصحفيين في المباريات او الاحداث الرياضية؟!! وهل هذا القانون الذي سيمنع روابط المشجعين غير المرخصة من العمل.. سينطبق علي جميع الروابط الأخري والتجمعات غير الرسمية التي لا تعترف بها الدولة, أم أنه قرار وقانون يتم تفصيله للألتراس فقط؟! القانون لا يعرف التفرقة, مثلما قال الفنان الراحل فؤاد المهندس ¢القانون لا يعرف زينب ويعترف فقط بزينات¢.. القانون يجب أن يندرج تحته الجميع, وعندما أعد قانونا لروابط الألتراس, فيجب ألا يحدد اسم رابطة أو مجموعة بعينها بل يجب أن يخص كل الروابط والتجمعات والجماعات غير الشرعية في البلد, وهي بالآلاف.فماذا اذا غير الالتراس اسمه الي مسمي آخر وتم اعتماده رسميا من وزارة الشئون الاجتماعية كرابطة مثلا!! فإذا كان الألتراس يتجمهر في الرياضة فلدينا مئات الجماعات التي تتجمهر في السياسة وتضرب وتفتك وتسحل وتقتل جهارا نهارا ومازال الفاعل مجهولا, ولم تصدر لهم قوانين ¢تفصيل¢ مثل الألتراس!! كنت أتصور أن تعد الدولة قانونا جديدا يبحث في تحويل طاقة هذا الشباب من عنف وتجمهر إلي طاقة فعالة إيجابية لصالح مصر!! .. كنت أتصور أن يبحث القانون الجديد في مشاكل الشباب الذي لا يجد عملا فيفرغ طاقته البدنية والذهنية والفكرية في تشجيع كروي قد يصل أحيانا لدرجة العنف.. وهنا تكمن مسئولية الدولة لتفريغ تلك الشحنة في الملعب إيجابيا واستغلالها كطاقة فعالة لخدمة مصر!! نحن وصلنا إلي أقصي درجات السقوط في مصر.. خاصة من حيث سرعة وحدة الانفعال وسهولة التجمهر, وقوة الاندفاع في التظاهرات, ثم الضرب والفتك والحرق والسرقة, فإلي أين نحن سائرون؟! - القانون يجب أن يكون شاملا أي أن يكون سيفا قاطعا حاسما للمخطيء لكن قبل ذلك لابد أن نبحث مشاكل هذا الشباب العاطل الذي يتخرج من الجامعة ولا يجد عملا أو بيتا أو زوجة أو مستقبلا يعيش من أجله فيندفع بسرعة تجاه أي تجمهر شبابي مثل الألتراس الذي أصبح البوابة الذهبية لجمع الشباب علي السمع والطاعة!! هل بحثنا مشاكلهم قبل أن نضع لهم قيود القوانين لتكبلهم.. فتزيدهم اندفاعا وعندا!! اتقوا شر الألتراس اسمعوهم وافهموهم أولا.. ثم ضعوا القوانين علي أرض الواقع ولكل التجمعات والروابط وليس الألتراس فقط!! وما لا يعرفه واضعو القانون الجديد وعلي حد علمي ان تلك الروابط مشهرة ومسجلة إما في الشئون الاجتماعية أو في الشهر العقاري. - يا من تضعون القوانين.. كفانا تفصيلا.. قد يزيد النار التهابا ويزيد الشباب ثورة وهياجا و¢الدنيا مش ناقصة¢!! - ثم أين وزارة الشباب وهي المفروض الهيئة المهيمنة لتلك المراحل السنية؟! نحن نسمع العامري فاروق وزير الرياضة يحاول جاهدا حل مشاكل الشباب ولم نسمع شيئا عن وزير الشباب وهذا اختصاص عمله!! أم تم إلغاء وزارة الشباب؟!! كنت أتصور أن الدكتور أسامة ياسين وزير الشباب سيتدخل بصفته مسئولا ويشارك في محاورة مجموعات الألتراس والاستماع لرؤيتهم وتوجيههم أو حل مشاكلهم أم أنه لا يعتبر أن ملايين المشجعين وكلهم شباب في ألتراس كل الأندية ليسوا من تابعيه أو ليسوا من شريحة الشباب واللا يعني لأنهم ليسوا في مراكز الشباب التي تحولت إلي بؤر انتخابية وسيطرة وهيمنة من الأحزاب؟!! اهتموا بالشباب قبل أن تزداد الأزمة اشتعالا!!