أراها وكأنها كائن حي أو كيان بشري يمتلك كل خواصه من أحاسيس ومشاعر.. أراها تكاد تصرخ وتئن من عقوق أبنائها الذين تمادوا في طغيانهم عليها وعبثهم بمقدراتها دون رحمة أو انتماء انها مصرنا الحبيبة.. تستجير وهي في قمة كبريائها من بعض العابثين والحاقدين واللامنتمين الذين دأبوا بكل دناءة علي محاولة إهدار كرامتها وتدمير مكانتها بين الأمم الأخري.. مصرنا التي تغني بها شعراء الكون وأفتتنوا بحضارتها أصبحت اليوم تعاني من سطوة المستهترين وغزاوات المغرضين.. مصر التي بها منارة وقبلة المسلمين في العالم اجمع المتمثلة في الأزهر الشريف والتي حباها الله بخيرات الدنيا من مياه عذبة وبحار عملاقة وأراض خصبة ومناخ يحسدها عليه كل البشر في باقي بقاع الارض اصبحت اليوم محاصرة بأمراض التشتت العقائدي والتعصب الأعمي والاقتراب من الانهيار الاقتصادي وتفشي البطالة وتلوث مياهها وتجريف اراضيها من خصوبتها.. مصر التي أنجبت علماء العلوم في الطب والفلك والهندسة وأشاعت ضياء الفكر والمعرفة لكل الدنيا بمواهبها الادبية والفنية. باتت اليوم كالشاردة وهي تعاني من سموم الأفكار المضللة والمغرضة التي يبثها الإعلام الفاسد من خلال بعض القنوات الفضائية التي تملؤها الصراعات السياسية والفتاوي المذرية والتحريضات المشينة دون وازع من الضمير. مصر الشامخة التي قبرت كل الغزاة الذين تجرأوا عليها يوم ما أصبحت اليوم هدفا لطوب الصبية ومولوتوف الرعاع ودسائس الحاقدين.. والتي قامت بثورة سلمية أبهرت العالم وستظل الي نهاية التاريخ أنقي وأطهر ثورة من بين ثورات شعوب العالم أصبحت اليوم تبحر وسط دماء شهداء أبنائها وهم للأسف الشديد والعار الأكبر يتقاتلون ضد بعضهم البعض كالأعادي.. مصر التي اشتهرت علي مر الزمن بالأمان والأمن والاستقرار والبهجة في اعيادها والتراحم والمحبة والانتماء بين طوائف مجتمعاتها السابقة قد أصابها داء الفرقة والكراهية والظن والتشكك في كل شيء وبداء اللامبالاة والكسل والتخاذل في صورة مهتزة لمعاني النخوة والشهامة والتسامح.. مصر أم الدنيا أصبحت اليوم وبسبب بعض أبنائها تكاد تتسول مواردها أو للمعونات الخارجية التي تقايضها في أمور كثيرة ما كان يجرؤ كائن أي ما كان سابقا ان يلمح فقط عن تلك الرغبة.. فمصرنا الحبيبة أعظم من أن تهان بهذه الصورة وأكبر من أن تتهاوي بسبب أو بدافع اللانتماء لبلدنا الحبيب.. كل هذا حدث لمصرنا الغالية لأننا استسلمنا لغيبوبة العناد ولشهوة الاطماع السياسية والاقتصادية والفكرية والعقائدية ولأننا استجبنا لنداء شيطان الغرور والمكابرة والأنانية..وبالرغم من ذلك فالامل مازال قائما وممكنا.. فبمقدورنا أن نستعيد مصرنا الحبيبة كما كان قدرها بأن نشمر عن سواعدنا ونبدأ في تعميرها واستثمار خيراتها التي وهبها الله لها وأن نوقظ ضمائرنا ونجعلها هي منصة الانطلاق لكل خطواتنا وأعمالنا.. نحن في احتياج لصحوة الضمير من أجل مصير أمة بأكملها.. كفانا صراعات واعتصامات وجراحات ودماء طاهرة تسيل بلا ذنب.. كفانا ما حدث لمصرنا وادعو الله ان يحميها من شرور أنفسنا وأحقاد الآخرين. وبإذن الله تعالي سوف تشرق شمس جنة أرضنا من جديد ويعم الخير علي الجميع بشرط واحد فقط وهو أن نفيق.