عندما رفضت جبهة الانقاذ الوطني الانضمام للحوار الوطني. واجهت لوماً شديداً ممن يتمنون إنهاء حالة الانقسام والتوافق علي القضايا الخلافية لإنقاذ مصر من شبح الانهيار السياسي والاقتصادي.. وحين قدمت الجبهة عرضا للمشاركة بشرط تحديد أجندة واضحة وضمان الالتزام بالنتائج. لم تتلق رداً سوي الترحيب بالحوار مع الجميع بدون شروط.. واستمرت بقية القوي السياسية في الحوار الذي ترعاه مؤسسة الرئاسة ووقع الرئيس د. مرسي في البداية علي وثيقته ومعه الأحزاب المشاركة وبينها حزبا "الحرية والعدالة" و "النور" مع وعد بالالتزام بما يتوصل إليه الحوار. وخلال أسابيع.. كان هناك أمل في انضمام بقية الأحزاب أو بعضها للحوار .. ولكن جاءت مناقشة مجلس الشوري لقانون الانتخابات. لتصيب الحوار في مقتل خاصة بعدما ظهر من حالة نرجسية من بعض الأعضاء بعد أن أصبح للشوري مالم يكن يحلم به من حق التشريع بفضل الأيادي البيضاء للمحكمة الدستورية التي قضت بحل مجلس الشعب رغم إجماع أغلب فقهاء القانون رغم أن ما كان يستحق فقط هوالغاء عضوية ثلث الأعضاء المستقلين . وبالتالي رحمتنا من مأساة الاعلانات الدستورية وانقسام البلد ومليارات اعادة الانتخابات رغم ما تتلقاه المرأة من ضربات وتراجع في الحقوق منذ قيام الثورة التي شاركت في كل مراحلها.. أصر بعض الأعضاء علي أن يكملوا هذه المهمة. ولم يكترثوا بأن مشروع قانون الانتخابات تقدمت به لجنة الحوار الوطني برعاية الرئاسة وموافقة مجلس الوزراء. ونجحوا في إلغاء التمييز الايجابي للمرأة في ترتيب القوائم رغم أن المرأة في كثير من الدول العربية والأجنبية لديها تمييز أفضل يضمن لها نسبة معقولة من العضوية بالبرلمان. ونفس الحال بالنسبة للمادة التي تقضي بإسقاط العضوية عن النائب الذي يغير انتماءه الحزبي بعد نجاحه في الانتخابات وذلك لمنع تكرار تجربة الحزب الوطني المنحل بضم المستقلين إلي صفوفه أو المتمردين علي أحزابهم التي ساندتهم بحثاً عن غنائم الأغلبية. وأيضا احترام إرادة الناخب وليس خيانته وخداعه.. ولكن كل هذه الحيثيات لم تشفع لمعارضي المادة والذين نجحوا في التكتل ومنحوا للنائب "المحترم" حرية تغيير انتمائه الحزبي كما يغير ملابسه! وحين طالب البعض بضرورة الالتزام بما تم الاتفاق عليه في الحوار الوطني.. كان الرد بأن للشوري أيضا رأيه..و قال د. عصام العريان: "لو وصل الحوار الوطني إلي مسائل تصطدم بالدستور. فسوف نحترم الدستور"!!"". وأكمل قيادي إخواني -كما نشرت "الشروق" المهمة بقوله: "لا جدوي من تعديل الدستور خاصة في ظل غياب الجهة الأكبر الرافضة له. وهي جبهة الانقاذ.. ولو قمنا بتعديله. لن يوافقوا عليه أيضاً"! وأجهز د. محمود غزلان القيادي بجماعة الإخوان علي كل أمل في التوافق حين قال دون مواربة: "لم يقل أحد ان هناك إلزاماً للشعب بما يصدر عن الحوار الوطني.. والمشاركون في الحوار مجموعة من ممثلي الأحزاب غير المنتخبين من الشعب. فكيف يكون كلامهم ملزماً لمجلس الشوري المنتخب"؟! والتساؤل هنا: ألم يعلم هؤلاء بتعهد رئيس الجمهورية والمرشح أصلاً من "الحرية والعدالة" بالالتزام بنتائج الحوار. وبالتالي تأتي مثل هذه المواقف والتصريحات في اطار إحراج الرئيس ومؤسسة الرئاسة وتفاقم حالة الانقسام وعدم ثقة المعارضة. بتعهداتها خاصة بعدما حدث في قانون الانتخابات. ما يرتبط بوثيقة المواد الخلافية للدستور؟! يصب هذا أيضا في اطار اتهام المعارضة لجماعة الإخوان بأنها لا تلتزم بوعودها أو حتي بتوقيعها. كما حدث مع وثيقة الحوار الوطني التي أعلنها د. سليم العوا في مؤتمر صحفي! للأسف.. أصبحت التربيطات والحسابات الانتخابية من الآن فوق كل اعتبار حتي لو ساهمت مثل هذه المواقف في أن تجعل بعض من شاركوا في الحوار يشعرون بعقدة الذنب ومهانة الخديعة. وأن تصب المزيد من الزيت علي نار الخلافات السياسية وحالة الاحتقان خاصة ونحن نضع أيدينا علي قلوبنا مما ينتظر مصر يومي 25 و26 يناير. نتمني أن يهدي الله أهل السياسة في الحكم والمعارضة حتي لا تغرق مصر بسببهم. وأن يدعو د. مرسي في كل صلاة: "اللهم أعني علي أصدقائي.. أما أعدائي فأنا كفيل بهم".