اتفق الفقهاء في المذاهب الأربعة: الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة. علي وجوب الزكاة في عروض التجارة إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول واستوفت سائر شروط الوجوب» لأن الأصل في مال التجارة النماء. أي الزيادة. والزكاة إنما تجب في المال النامي حقيقة أو حكماً. ويدل لذلك: قوله تعالي: "يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم" "البقرة: 267". وقد نزلت هذه الآية في الزكاة كما قال ابن عباس. وقال مجاهد: المراد بالكسب في الآية التجارة وأخرج أبوداود بإسناد ضعيف عن سمرة بن جندب قال: كان رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع. ونصاب الزكاة في التجارة هو نفسه نصاب الزكاة في النقود أو في الذهب والفضة» لما رواه ابن حزم وأحمد وأبوعبيد عن أبي عمرو بن حماس عن أبيه. قال: مر بي عمر - رضي الله عنه - فقال: يا حماس أد زكاة مالك. فقلت: مالي مال إلا جعاب وأدم "والجعاب جمع جعبة. وهي وعاء السهام والنبال" فقال عمر: قومها قيمة ثم أد زكاتها. وعلي هذا. فإنه يجب علي التاجر المسلم الحريص علي أداء فرض الله من الزكاة في تجارته أن يحسب رأس مال تجارته في أي نشاط كان من التجارات المشروعة كالمواد الغذائية المباحة أو مواد البناء أو الملابس والأقمشة أو أثاث المنزل أو العقارات أو غيرها من كل ما يعرض للبيع فإن بلغ النصاب أو أكثر منه عرف أنه من أهل وجوب الزكاة في الجملة. ولا يخرج الزكاة إلا بعد مرور سنة علي بداية نشاطه التجاري. ثم يعيد تقويم بضاعته وعروضه بحسب سعر السوق - في نهاية السنة - فإن كانت لا تزال علي قدر النصاب فأكثر أخرج الزكاة علي هذا التقويم الأخير بنسبة 5.2% أي ربع العشر» لما أخرجه أبوداود بإسناد لا بأس به من حيث علي بن أبي طالب أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: لا زكاة في مال حتي يحول عليه الحول". والنصاب بالذهب كما هو وارد في حديث عبدالله بن عمرو عند الدارقطني بسند ضعيف. أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "ليس في أقل من عشرين مثقالاً من الذهب صدقة". وأخرج ابن ماجة بإسناد ضعيف من حديث عمر وعائشة - رضي الله عنهما - أن النبي - صلي الله عليه وسلم - كان يأخذ من كل عشرين ديناراً فصاعداً نصف دينار ومن الأربعين ديناراً" وبحسب التقويم المعاصر يكون نصاب الذهب خمسة وثمانين جراماً تقريباً. فإذا كان سعر جرام الذهب مائتين وعشرين جنيهاً - علي سبيل المثال - فإن النصاب يكون بحسب ذلك تسعة عشر ألفاً تقريباً. وعروض التجارة التي تقوم هي التي يمتلكها التاجر ملكية تامة: أما عروض التجارة التي يديرها للغير فإن زكاتها علي مالكها. وقبل أن يخرج التاجر زكاة تجارته عليه أن يستقطع نفقاتها من أجور العاملين وفواتير الكهرباء والهاتف وغيرها مما هو لازم لتجارته. كما يخرج الديون الواجبة عليه والمتعلقة بتجارته» لما ثبت عن عثمان بن عفان أنه كان يخطب المسلمين في شعبان ويقول: هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤده. ويجوز للتاجر ايضا أن يستقطع من رأس مال تجارته الذي احتسبه في نهاية العام الديون التي له عند الغير بشرط أن يخرج زكاتها عند تحصيلها» لأنها من رأس المال. وإذا كانت الزكاة واجبة علي التاجر في تجارته فهل يخرجها نقداً أو يخرجها من جنس عروض تجارته؟ مذهبان للفقهاء. المذهب الأول: يري أن الزكاة تجب في قيمة التجارة وليس في أعيانها. وهو مذهب المالكية والحنابلة وأحد القولين عند الشافعية. وحجتهم: أن النصاب معتبر بالقيمة فكانت الزكاة بها. المذهب الثاني: يري أن الزكاة في عروض التجارة بالخيار بين القيمة والعين بما هو مصلحة للفقراء. وهو مذهب الحنفية والقول الثاني عند الشافعية. وحجتهم: أن عروض التجارة من جنس الأموال فكان إخراج بعضها كإخراج قيمتها. ونري أن الأمر في ذلك علي السعة إن شاء أخرج الزكاة من عروض التجارة. وإن شاء أخرجها نقوداً» وهو مذهب الحنفية وقول عند الشافعية» لعموم قوله تعالي: "وما جعل عليكم في الدين من حرج" "الحج: 78".