أمتلك منحلاً ينتج عسلاً أبيض، ويُدِرُّ دخلا ماديًّا سنويًّا. فما حكم الزكاة فيه؟ يجيب عن هذا السؤال الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية قائلاً: اختلف العلماء في زكاة العسل، فذهب المالكية والشافعية وغيرهم إلى أنه لا زكاة فيه؛ وذلك لضعف الأحاديث الواردة في ذلك وعدم ثبوت شيء منها عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: "الحديث في أن «في العسل العشر» ضعيف، وفي أن «لا يؤخذ منه العشر» ضعيف إلا عن عمر بن عبدالعزيز، واختياري: أن لا يؤخذ منه؛ لأن السنن والآثار ثابتةٌ فيما يؤخذ منه، وليست فيه ثابتةً، فكأنه عَفْوٌ". اه. وقال الإمام البخاري: "ليس في زكاة العسل شيء يصح". اه. وقال الإمام أبو بكر بن المنذر: "ليس في وجوب صدقة العسل حديث يثبت عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ولا إجماع؛ فلا زكاة فيه". اه. وأضاف جمعة: بينما يرى الحنفية والحنابلة وجوب الزكاة في العسل، وأنه يخرج منه العُشر، على خلاف بينهم في نصابه، فبينما لم يشترط الإمام أبوحنيفة في ذلك نصابًا وأوجب الزكاة في قليل العسل وكثيره، اشترط صاحبه الإمام محمد بن الحسن أن يبلغ ثمانية فُرقانٍ، والفَرق ستة وثلاثون رطلا عراقيًّا، وقال أبويوسف: في كل عشرة أَزقاق زِق، متمسكًا بحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: «في العَسَلِ في كُلِّ عَشَرةِ أَزُقٍّ زِقٌّ» رواه الترمذي، وقال: "حديث ابن عمر في إسناده مقال، ولا يصح عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في هذا الباب كبير شيء". اه. وأوضح المفتي أن الذي نميل إلى الفتوى به هو ما ذهب إليه الجمهور من أنه ليس في العسل زكاة؛ لعدم ورود الدليل الصحيح في ذلك، والأصل براءة ذمة المكلَّف حتى يدل الدليل على خلاف ذلك، على أن الزكاة وإن لم تكن واجبة فإن صدقة التطوع مندوبة. وقال جمعة: بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه لا زكاة عليك في العسل الذي يُنتِجه منحلُك، أما المال الذي يُدرُّه هذا العسل فإن الزكاة إنما تجب فيه إذا بلغ نصاب زكاة المال، وحال عليه الحول القمري، ونصابُ زكاة المال هو قيمة خمسة وثمانين جرامًا من الذهب عيار واحدٍ وعشرين، وما لم يبلغ الدخل المادِّيُّ ذلك أو لم يَحُل حَولُه فلا زكاة فيه.