إعداد: خالد أحمد المطعني هل يجوز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف؟ دار الافتاء: إن الاحتفال بذكري مولد سيد الكونين وخاتم الأنبياء والمرسلين نبي الرحمة وغوث الأمة سيدنا محمد صلي الله عليه وآله وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات; لأنها تعبير عن الفرح والحب للنبي صلي الله عليه وآله وسلم. ومحبة النبي صلي الله عليه وآله وسلم أصل من أصول الإيمان, وقد صح عنه أنه صلي الله عليه وآله وسلم قال:لا يؤمن أحدكم حتي أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين متفق عليه.. والاحتفال بمولده صلي الله عليه وآله وسلم هو الاحتفاء به, والاحتفاء به صلي الله عليه وآله وسلم أمر مقطوع بمشروعيته; لأنه أصل الأصول ودعامتها الأولي, فقد علم الله سبحانه وتعالي قدر نبيه, فعرف الوجود بأسره باسمه وبمبعثه وبمقامه وبمكانته, فالكون كله في سرور دائم وفرح مطلق بنور الله وفرجه ونعمته علي العالمين وحجته. وقد درج سلفنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس علي الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتي أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم, كما نص علي ذلك غير واحد من المؤرخين مثل الحافظين ابن الجوزي وابن كثير, والحافظ ابن دحية الأندلسي. ويدخل في ذلك ما اعتاده الناس من شراء الحلوي والتهادي بها في المولد الشريف; فإن التهادي أمر مطلوب في ذاته, لم يقم دليل علي المنع منه أو إباحته في وقت دون وقت, فإذا انضمت إلي ذلك المقاصد الصالحة الأخري كإدخال السرور علي أهل البيت وصلة الأرحام فإنه يصبح مستحبا مندوبا إليه, فإذا كان ذلك تعبيرا عن الفرح بمولد المصطفي صلي الله عليه وآله وسلم كان أشد مشروعية وندبا واستحبابا; لأن للوسائل أحكام المقاصد, والقول بتحريمه أو المنع منه حينئذ ضرب من التنطع المذموم. أمتلك أنا وإخوتي الذكور والإناث مزرعة إنتاج ألبان, بها عدد من الرؤوس حوالي1250 رأسا تقريبا من سن يوم حتي5 سنوات. أولا: كيف تحتسب زكاة الأبقار المذكورة مع العلم أنني وإخوتي وأخواتي شركاء في هذا العدد؟ ثانيا: نمتلك500 عجل تسمين ذكر, مشتري خلال العام ومباع خلال العام. فهل عليهم زكاة أم لا؟ وكيف تحتسب؟ دار الافتاء: إن الزكاة شعيرة فيها معني التكافل وتطهير المال, ولكنها قبل ذلك عبادة قائمة علي الاتباع: فتجب في أموال مخصوصة, بشروط مخصوصة, بنسب مخصوصة; لتنفق في مصارفها المخصوصة, وقد بين الشرع الشريف ذلك كله بيانا واضحا, ومن شروط وجوب الزكاة في بهيمة الأنعام أن تكون سائمة; أي أن يكون طعامها من الكلأ المباح ولا يتكلف صاحبها علفا ولا سقيا لها, فإن تكلف لها العلف والسقي فلا زكاة فيها, مهما بلغ عددها أو قيمتها; لحديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال: وفي صدقة الغنم في سائمتها رواه البخاري وغيره. وعلي ذلك فليس في مواشي هذه المزرعة زكاة بهيمة الأنعام. أما من حيث كونها زكاة عروض التجارة ففيه تفصيل; حيث إن هناك فرقا بين عروض التجارة والمستغلات, فالتجارة: هي أن تشتري لتبيع لتربح; فيشترط فيها: التملك بعقد معاوضة محضة; بقصد البيع; لغرض الربح, من غير أن يتخلل ذلك صناعة أو إنتاج أو استغلال. ومن هذا التعريف للتجارة بشروطه الثلاثة يخرج كل نشاط ليس قائما علي التجارة المحضة; كالأنشطة الصناعية أو الإنتاجية أو الخدمية للشركات المختلفة; إذ الربح فيها قائم علي الإنتاج والصناعة والخدمات, لا علي البيع والشراء وحدهما. وهذا هو الذي يتحصل من تعريف الفقهاء للتجارة التي يجب في مالها الزكاة: والذي عليه جمهور فقهاء المسلمين وحكي عليه الإجماع- أن الزكاة واجبة في المال المعد للتجارة. وهذا ما يشير إليه حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يأمرنا أن نخرج الصدقة مما نعد للبيع رواه الإمام أبو داود في سننه. أما المستغلات: فهي الأموال التي لم تتخذ للتجارة في أعيانها ولكنها تتخذ للنماء; فتغل لأصحابها كسبا بتأجير أعيانها, كالشقق والسيارات, أو ببيع ما يحصل من إنتاجها, كالمصانع وشركات التعمير التي تشتري الأراضي وتعمرها لتبيعها وحدات سكنية, وكبهيمة الأنعام التي تتخذ لبيع لبنها وصوفها وتسمينها وبيع نتاجها. والذي عليه الفتوي في المستغلات أنه لا زكاة فيها, وإن كان بعض الفقهاء المعاصرين- ممن يميلون إلي توسيع نطاق الأموال التي تجب فيها الزكاة يرون الزكاة فيها, إلا إننا نرجح الوقوف عند مورد النص في ذلك; تغليبا لمعني الاتباع في الزكاة, ولأن الأصل براءة الذمة مما لم يرد النص بإيجاب الزكاة فيه. وبناء علي ذلك: فلا زكاة في الأبقار المعدة لإنتاج الألبان; لأن هذا لا يدخل في التجارة المحضة, وإنما هو نشاط إنتاجي. والزكاة إنما تكون علي المال الذي يتجمع ويبلغ النصاب ويحول عليه الحول, وذلك بعد خصم الديون المستحقة علي هذا المال. ثانيا: أما بالنسبة إلي عجول التسمين التي تشتري لتعلف وتسمن ثم تباع بأعيانها فإنها بذلك يتحقق فيها معني التجارة السابق ذكره; سواء أظلت هذه العجول حولا كاملا أم بيعت قبل ذلك واشتري غيرها; فإنه لا يشترط في عروض التجارة أن يمر علي السلعة بعينها حول كامل. فيتم تقييم الموجود منها عند مرور الحول بعد إضافة الأرباح والديون المستحقة لأصحابها المرجو سدادها, وخصم الديون المستحقة عليها, ثم يتم إخراج ربع العشر من الناتج إذا كان بالغا للنصاب. في بلدتنا مقابر للعائلة, وقد ضاقت هذه المقابر; بحيث لا تسع الموتي, وليس هناك استطاعة لإضافة أرض أخري لها. فما حكم عمل عظامات أعلي هذه المقابر لتوسعتها؟ دار الافتاء: في حال امتلاء القبور يجب الدفن في قبور أخري; لأنه لا يجوز الجمع بين أكثر من ميت في القبر الواحد إلا للضرورة, ويجب الفصل بين الأموات بحاجز حتي ولو كانوا من جنس واحد. وإذا حصلت الضرورة فيمكن عمل أدوار داخل القبر الواحد إن أمكن, أو تغطية الميت القديم بقبو من طوب أو حجارة لا تمس جسمه ثم يوضع علي القبو التراب ويدفن فوقه الميت الجديد, كما أنه يمكن أيضا عمل عظامات فوق المقابر, وذلك كله بشرط التعامل بإكرام واحترام مع الموتي أو ما تبقي منهم; لأن حرمة المسلم ميتا كحرمته حيا.