شروط التقديم للتدريب الصيفي لطلبة هندسة وعلوم بمركز بحوث الفلزات    لا يقتصر على السيدات.. عرض أزياء مميز ل «التلي» برعاية القومي للمرأة| صور    ألمانيا تخطط لشراء صواريخ باتريوت الأمريكية بعد استنفاد مخزوناتها    عدوان إسرائيلي جديد علي سوريا .. وبيان هام لخارجية دمشق    غيابات بالجملة في صفوف الزمالك قبل لقاء دريمز بالكونفدرالية    مرموش يقود آينتراخت أمام أوجسبورج بالدوري الألماني    بينهم 8 من أسرة واحدة.. مصرع وإصابة 16 شخصاً بحادث مروع بطريق بنها الحر    عمارة : مدارس التعليم الفني مسؤولة عن تأهيل الخريج بجدارة لسوق العمل    عمرو يوسف ناعيًا صلاح السعدني: جعلنا نحب التمثيل    أحمد صيام: صلاح السعدنى فنان كبير وأخ عزيز وصديق ومعلم    الهدوء يخيم بالصاغة.. سعر الذهب اليوم الجمعة 19 أبريل 2024 وعيار 21 الآن بعد الارتفاع الأخير    الهنود يبدءون التصويت خلال أكبر انتخابات في العالم    ولاية ألمانية تلغي دعوة القنصل الإيراني إلى حفل بسبب الهجوم على إسرائيل    وزير الاتصالات يشهد ختام فعاليات البطولة الدولية للبرمجيات بمحافظة الأقصر    تسجيل أول سيارة بالشهر العقاري المتنقل في سوق بني سويف    أخبار الأهلي : حقيقة مفاوضات الأهلي للتعاقد مع لاعب البنك فى الصيف    وزيرا خارجية مصر وجنوب أفريقيا يترأسان أعمال الدورة العاشرة للجنة المشتركة للتعاون بين البلدين    محافظ أسيوط يوجه الشكر لاعضاء اللجنة النقابية الفرعية للصحفيين بالمحافظة    الحماية المدنية تسيطر على حريق في «مقابر زفتى» ب الغربية    إخماد حريق بمخزن خردة بالبدرشين دون إصابات    ضبط لص الدراجات النارية في الفيوم    مطار مرسى علم الدولي يستقبل 149 رحلة تقل 13 ألف سائح من دول أوروبا    11 جامعة مصرية تشارك في المؤتمر العاشر للبحوث الطلابية بكلية تمريض القناة    التنسيق الحضاري ينهي أعمال المرحلة الخامسة من مشروع حكاية شارع بمناطق مصر الجديدة ومدينة نصر    50 دعاء في يوم الجمعة.. متى تكون الساعة المستجابة    دعاء يوم الجمعة قبل الغروب.. أفضل أيام الأسبوع وأكثرها خير وبركة    وزير الصحة يتفقد المركز الإفريقي لصحة المرأة ويوجه بتنفيذ تغييرات حفاظًا على التصميم الأثري للمبنى    محافظ الإسكندرية يدعو ضيوف مؤتمر الصحة لزيارة المعالم السياحية    عمل الحواوشي باللحمة في البيت بنفس نكهة وطعم حواوشي المحلات.. وصفة بسيطة وسهلة    متحف مفتوح بقلب القاهرة التاريخية| شارع الأشراف «بقيع مصر» مسار جديد لجذب محبى «آل البيت»    سقوط عاطل متهم بسرقة أموالا من صيدلية في القليوبية    مؤتمر أرتيتا: لم يتحدث أحد عن تدوير اللاعبين بعد برايتون.. وسيكون لديك مشكلة إذا تريد حافز    حماة الوطن يهنئ أهالي أسيوط ب العيد القومي للمحافظة    إسلام الكتاتني: الإخوان واجهت الدولة في ثورة يونيو بتفكير مؤسسي وليس فرديًا    من بينهم السراب وأهل الكهف..قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024    إعادة مشروع السياحة التدريبية بالمركز الأفريقي لصحة المرأة    بالإنفوجراف.. 29 معلومة عن امتحانات الثانوية العامة 2024    جامعة القاهرة تحتل المرتبة 38 عالميًا لأول مرة فى تخصص إدارة المكتبات والمعلومات    «التحالف الوطني»: 74 قاطرة محملة بغذاء ومشروبات وملابس لأشقائنا في غزة    رجال يد الأهلي يلتقي عين التوتة الجزائري في بطولة كأس الكؤوس    "مصريين بلا حدود" تنظم حوارا مجتمعيا لمكافحة التمييز وتعزيز المساواة    وفاة رئيس أرسنال السابق    شرب وصرف صحي الأقصر تنفى انقطاع المياه .. اليوم    الكنيسة الأرثوذكسية تحيي ذكرى نياحة الأنبا إيساك    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    انطلاق 10 قوافل دعوية.. وعلماء الأوقاف يؤكدون: الصدق طريق الفائزين    العمدة أهلاوي قديم.. الخطيب يحضر جنازة الفنان صلاح السعدني (صورة)    "التعليم": مشروع رأس المال الدائم يؤهل الطلاب كرواد أعمال في المستقبل    القاهرة الإخبارية: تخبط في حكومة نتنياهو بعد الرد الإسرائيلي على إيران    خالد جلال ناعيا صلاح السعدني: حفر اسمه في تاريخ الفن المصري    استشهاد شاب فلسطينى وإصابة 2 بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم نور شمس شمال الضفة    4 أبراج ما بتعرفش الفشل في الشغل.. الحمل جريء وطموح والقوس مغامر    طريقة تحضير بخاخ الجيوب الأنفية في المنزل    استشهاد شاب فلسطيني وإصابة اثنين بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم "نور شمس" شمال الضفة    ضبط 14799 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    ليفركوزن يخطط لمواصلة سلسلته الاستثنائية    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نعم للاحتفال‏ بالمولد النبوى ..‏ لا للبدع والمنكرات

في ظل ما يشهده العالم العربي من تغييرات وثورات اجتاحت عددا من البلدان‏,‏ علي رأسها مصر التي تشهد الآن الاحتفال بأول ذكري لثورة يناير‏,‏ تطل علينا ذكري المولد النبوي الشريف‏,‏ تلك المناسبة التي كانت بمثابة أول تغيير حقيقي تشهده الإنسانية كلها, لا شعب أو بلد بعينه..ولم ؟, وقد كان مولد النبي صلي الله عليه وسلم نقطة تحول فارقة في التاريخ الإنساني, فحمل مشاعل النور وراية التوحيد والهداية, فببعثته صلي الله عليه وسلم أكمل الله به الدين, وأتم علينا النعمة, ورضي لنا الإسلام دينا.. ولولا بعثته المباركة لظلت البشرية تغوص في ظلمات الجهل والغي والضلال.
وإذا كنا قد اعتدنا الاحتفال بذكري مولد النبي صلي الله عليه وسلم في مثل هذه الأيام من كل عام, فإن الحاجة للاحتفال هذا العام تكون أشد وأكثر إلحاحا, كي نستلهم من سيرته العطرة صلي الله عليه وسلم ما يعيننا علي العبور بسلام تلك المرحلة الدقيقة في تاريخنا, ونتلمس من سبل الهداية في منهجه الحكيم ما يعالج مشكلات واقعنا, وقضايانا المعاصرة.
حول مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي وكيفيته, وواجب الأمة تجاه صاحب الذكري الأعظم محمد صلي الله عليه وسلم كان هذا التحقيق:
في البداية يوضح فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية ان المولد النبوي الشريف إطلالة للرحمة الإلهية بالنسبة للتاريخ البشري جميعه; فلقد عبر القرآن الكريم عن وجود النبي صلي الله عليه وآله وسلم بأنه رحمة للعالمين, وهذه الرحمة لم تكن محدودة; فهي تشمل تربية البشر وتزكيتهم وتعليمهم وهدايتهم نحو الصراط المستقيم وتقدمهم علي صعيد حياتهم المادية والمعنوية, كما أنها لا تقتصر علي أهل ذلك الزمان; بل تمتد علي امتداد التاريخ بأسره وآخرين منهم لما يلحقوا بهم.
الاحتفال قربة إلي الله
وأشار المفتي إلي أن الاحتفال بذكري مولد سيدنا محمد صلي الله عليه وآله وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات; لأنه تعبير عن الفرح والحب للنبي صلي الله عليه وآله وسلم ومحبة النبي صلي الله عليه وآله وسلم أصل من أصول الإيمان, وقد صح عنه أنه صلي الله عليه وآله وسلم قال: لا يؤمن أحدكم حتي أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين متفق عليه.قال ابن رجب: محبة النبي صلي الله عليه وآله وسلم من أصول الإيمان, وهي مقارنة لمحبة الله عز وجل, وقد قرنها الله بها, وتوعد من قدم عليهما محبة شيء من الأمور المحببة طبعا من الأقارب والأموال والأوطان وغير ذلك, فقال تعالي: قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتي يأتي الله بأمره..ولما قال عمر للنبي صلي الله عليه وآله وسلم : يا رسول الله, لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي, قال النبي صلي الله عليه وآله وسلم : لا والذي نفسي بيده; حتي أكون أحب إليك من نفسك, فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي, فقال النبي صلي الله عليه وآله وسلم: الآن يا عمر.
ويبين د.علي جمعة أن الاحتفال بمولده صلي الله عليه وآله وسلم أمر مقطوع بمشروعيته; لأنه أصل الأصول ودعامتها الأولي, فقد علم الله سبحانه وتعالي قدر نبيه, فعرف الوجود بأسره باسمه وبمبعثه وبمقامه وبمكانته, فالكون كله في سرور دائم وفرح مطلق بنور الله وفرجه ونعمته علي العالمين وحجته. وقد درج سلفنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس علي الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتي أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم , كما نص علي ذلك غير واحد من المؤرخين مثل الحافظين ابن الجوزي وابن كثير, والحافظ ابن دحية الأندلسي, والحافظ ابن حجر, وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي رحمهم الله تعالي.كما نص جماهير العلماء سلفا وخلفا علي مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف, بل ألف في استحباب ذلك جماعة من العلماء والفقهاء, بينوا بالأدلة الصحيحة استحباب هذا العمل; بحيث لا يبقي لمن له عقل وفهم وفكر سليم إنكار ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكري مولد النبي الشريف محمد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم, وإعلانا لفرحنا بيوم مجيئه الكريم صلي الله عليه وآله وسلم. وأضاف فضيلة المفتي ان ما يلتبس علي البعض من دعوي خلو القرون الأولي الفاضلة من أمثال هذه الاحتفالات, ولو سلم هذا فإنه لا يكون مسوغا لمنعها; لأنه لا يشك عاقل في فرحهم- رضي الله تعالي عنهم- به صلي الله عليه وآله وسلم, ولكن للفرح أساليب شتي في التعبير عنه وإظهاره, ولا حرج في الأساليب والمسالك; لأنها ليست عبادة في ذاتها, فالفرح به صلي الله عليه وآله وسلم عبادة وأي عبادة, والتعبير عن هذا الفرح إنما هو وسيلة مباحة, لكل فيها وجهة هو موليها.
علي أنه قد ورد في السنة النبوية ما يدل علي احتفال الصحابة الكرام بالنبي صلي الله عليه وآله وسلم مع إقراره لذلك وإذنه فيه; فعن بريدة الأسلمي رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في بعض مغازيه, فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله, إني كنت نذرت إن ردك الله سالما أن أضرب بين يديك بالدف وأتغني, فقال لها رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: إن كنت نذرت فاضربي, وإلا فلا. فإذا كان الضرب بالدف إعلانا للفرح بقدوم النبي صلي الله عليه وآله وسلم من الغزو أمرا مشروعا أقره النبي صلي الله عليه وآله وسلم وأمر بالوفاء بنذره, فإن إعلان الفرح بقدومه صلي الله عليه وآله وسلم إلي الدنيا- بالدف أو غيره من مظاهر الفرح المباحة في نفسها- أكثر مشروعية وأعظم استحبابا.
الرسول يصوم يوم مولده
ويؤكد الدكتور طه أبو كريشة عضو مجمع البحوث الإسلامية أن الذين يصادرون علي الناس رغبتهم الإيمانية في الاحتفاء والاحتفال بذكري مولد سيد الخلق صلي الله عليه وسلم فإنهم لا يدركون الحكمة من وراء هذا التوقف الزمني علي مستوي العالم الإسلامي ذلك لأن هذا التذكر ليس تذكرا من نسيان ولكنه تذكر وتذكير في الوقت نفسه, وهو بمثابة إعلان حالة الطوارئ الإيمانية علي مستوي العالم إيقاظا للقلوب الغافلة, وإحياء لما ضعف من معالم الشعور, وقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يحتفل بيوم مولده فكان يصوم, ويقول هذا يوم ولدت وبعثت فيه, فالنبي صلي الله عليه وسلم لم يمر بهذا اليوم وهو متجاهل له أو متغافل عنه وإنما عاد عليه الصلاة والسلام بمشاعره متذكرا نعمة الله عليه, وأظهر علامة الشكر علي هذه النعمة من خلال صيامه لهذا اليوم تقربا إلي الله عز وجل وهو معني يقاس عليه أي مظهر من مظاهر التذكر, وذلك من المؤكد أفضل من أن يتعمد الناس نسيان هذا اليوم, مدعين أن هذا النسيان هو علامة الإيمان الحقيقي وأن التذكر والاحتفال هو مظهر من مظاهر الابتداع في الدين, فليتهم يعودون إلي صوابهم ويشاركون إخوانهم المؤمنين أو يسكتون عن مثل هذا الكلام علي أقل تقدير.
محاسبة النفس
ويضيف الدكتور طه أبو كريشة أن أفضل ما نقوم به ونحن نحتفل بهذه الذكري العظيمة التي تحتل قلوبنا جميعا أن نعد أنفسنا من خلال المحاسبة الدقيقة إلي منهج الرسول صلي الله عليه وسلم الذي جاءنا به من عند رب العالمين ليخرجنا من ظلمات هذه الحياة إلي أنوار الإيمان, كما قال تعالي: كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلي النور بإذن ربهم إلي صراط العزيز الحميد, فمن خلال هذه المراجعة نستطيع أن نتعرف علي أوجه القصور في كل مجالات الحياة عبادة وأخلاقا ومعاملات فنتدارك أنفسنا ونزيل هذا القصور الذي يعيدنا بعد ذلك إلي الصراط المستقيم الذي يمثل جوهرهذا الدين, وإذا وفقنا الالتزام فالواجب علينا أن نشكر الله عز وجل لنزداد ثباتا علي إيماننا, يقول تعالي: كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون, ولقد أنعم الله تعالي علي هذه الأمة باختياره نبيه منهم ليكون رسوله الخاتم ولتكون رسالته الخاتمة, يقول عز وجل: إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلل مبين.
احتفال تغيير وثورة
وحول أول احتفال للمولد النبوي الشريف بعد ثورة يناير يوضح الدكتور زكي عثمان- رئيس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية بكلية الدعوة جامعة الأزهر- أن احتفالنا بميلاد النبي عليه الصلاة والسلام هذا العام يجب ألا يكون مجرد احتفال وسمر وحكايات وقصة لها بداية ونهاية, بل إن احتفالنا بميلاد النبي عليه الصلاة والسلام يجب أن يكون احتفال تغيير وثورة, تغيير من الفساد إلي الإصلاح, ومن الضعف إلي القوة, ومن الظلام إلي النور, ومن الجمود إلي الحركة, ومن الفوضي إلي النظام, ومن القهر والاستبداد والعبودية إلي الحرية بكل أنواعها, الحرية الضابطة والمضبوطة بكل قواعد الانضباط.
ويؤكد الدكتور زكي عثمان أن ميلاد رسول الله صلي الله عليه وسلم كان بمثابة نقطة تحول للعالم بأسره, حيث الثورة علي الجهل, وعلي الباطل, وعلي الكراهية والحقد والبغض, ثورة ليست كأي ثورة, لأنها ليست برجماتية, ولكنها ثورة الحق, ولا يمكن للحق والباطل أن يكونا متصالحين مرتبطين, بل كل منهما له طريق, فطريق الباطل زائل, وطريق الحق قائم, ويتجلي ذلك حينما ننظر إلي النص القرآني هو الذي أرسل رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله.
ويضيف الدكتور عثمان أن التغيير والثورة متوافقان متوائمان, فالتغيير تغيير جماعي, والثورة ثورة انطلاق, والاثنان يحتاجان إلي بعضهم البعض, ولو لم يكن ميلاد النبي محمد عليه الصلاة والسلام وظهوره ما وجدنا هذين النصين في سورة الأنفال( ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها علي قوم حتي يغيروا ما بأنفسهم) والنص الثاني في سورة الرعد إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم.. والثورة المبنية علي الحق تجعل الحق محررا للنفس من كل الأغلال والقيود, وتجعل الحق مغيرا للأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والتعليمية حتي الإعلامية, فكان الكفار يستخدمون قوتهم الإعلامية لمحاربة الحق ويظهر هذا في سورة فصلت وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون.
ويشدد الدكتور عثمان علي أن احتفالنا بميلاد رسول الله صلي الله عليه وسلم يجب أن يكون احتفاء حقيقيا بالحرية والعدالة والكرامة والمساواة والإنسانية بكل معانيها, وحينما نحتفل يجب أن يكون احتفالا بإنسانيات رسول الله صلي الله عليه وسلم التي تعطي الإنسانية الدفاع عن نفسها بما فيها من منطق الرحمة والشوري والمحافظة علي حقوق الضعفاء ولم الشمل وإبراز العمل الذي يحرك قوة الإرادة وعجلة الإنتاج والتنمية من خلال هذه الثورة المباركة التي نأمل أن تستكمل مسيرتها بحب وإخاء وإصلاح ذات البين, ولا بد أن يكون لها التأصيل الحقيقي المبني علي الشرع والعقل وكلاهما يعطي للمجتمع حراكه وقوته ويعطي للشعب ثقته وإرادته ويعطي للحاكم مصداقيته, وأن يكون بين المحكومين مقسطا لا جائرا.
وحدة الصف
من جانبه يقول الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الاسلامية: إن الاحتفال بمولد النبي صلي الله عليه وسلم يقتضي من المسلمين جميعا أن يتذكروا ما كان عليه رسول الله في أفعاله وأقواله, والتعامل بالحكمة وكمال الاخلاق وتبن للقيم والمثل العليا, وصدق فيه قول الله تعالي: وما ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي, وكان ذلك تربية ربانية وإعدادا للمهمة العظمي والمسئولية الجليلة, والكفاح المرير لنشر تلك الرسالة السمحة للإسلام, وقد حددها النبي عليه السلام في قوله إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق, فكانت دعوته للقضاء علي الظلم والفساد والانحراف واعادة الكون كله الي عبادة الله الواحد, وأن الله سبحانه قد أرسل نبيه نموذجا وقدوة فقال عز وجل لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة وهي دعوة للمسلمين والناس جميعا للسير علي هدي النبي وسلوكه حتي يتحقق قول الله سبحانه كنتم خير أمة أخرجت للناس, وقد أوضح النبي ذلك حين قال الخير في وفي أمتي الي يوم القيامة.
ويري الشيخ محمود عاشور أن ذكري ميلاد النبي عليه السلام تلزم المسلمين باتباع ما جاء به رسول الله, وما اتبعه في سبيل جمع الأمة علي كلمة سواء, وتوحيد صفوفها, والتأليف بين قلوبهم وربطها بالاخاء والمحبة, فقد قضي علي الحرب الدائرة بين الأوس والخزرج وآخي بين المهاجرين والأنصار ليظل المجتمع وحدة متكاملة يسعي بأمورهم أدناهم وهم يد علي من سواهم.. وأقام عليه السلام من المتفرقين والمتحاربين والمتخاصمين أمة واحدة وصنع رجالا كانوا مضرب الأمثال, وتحقق فيهم قول الله سبحانه وأن هذه أمتكم أمة واحدة وقدم النبي صلي الله عليه وسلم نموذجا رائعا لدولة الاسلام التي تجتمع علي كلمة سواء, وتلتقي علي المحبة والاخلاص والايمان, ثم لم ينس رسول الله أهل الكتاب, فأقام ميثاق المدينة مع اليهود وغيرهم ليقيم بذلك أول وحدة وطنية في العالم بأسره, وطبق أول نظام تعرفه الدنيا للمواطنة الحقة التي لا زيف فيها علي أساس من الود والعلاقة الطيبة ليحقق لهم ما للمسلمين وعليهم ما علي المسلمين, وكانت دعوة النبي الذي نحتفل بذكري ميلاده رفضا للعنصرية البغيضة والتعصب المقيت, فكانت السماحة كلها والرحمة جميعها, كما قال عز وجل وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين, فكانت رسالة الإسلام للإنسانية كلها لتأصيل القيم والسلوكيات والتسامح والوفاء والعدل.
إحياء الجانب العملي
من جانبه يشير الدكتور محمد أبو زيد الفقي العميد الأسبق لكلية الدراسات العربية والإسلامية بطنطا إلي أن اننا يجب أن نركز علي الجانب العملي والعمراني في حياة النبي صلي الله عليه وسلم , كما يجب علي الدعاة والوعاظ والمتحدثين باسم الدين ألا يهملوا هذا الجانب علي حساب الجانب الروحي, فالنبي صلي الله عليه وسلم جاء برسالته الخالدة والباقية إلي نهاية العالم, وقد زوده الله تعالي فيها بكل شيء يوجه الإنسان إلي العلم والبحث والعلم والإنتاج, حتي تهيمن هذه الرسالة علي الدنيا إلي آخر الحياة.
وكانت رسالة الإسلام بحق بعثا لأمة العرب من الموت والفناء فبعثهم الله تعالي إلي الإيمان والعبادة والعمل في عمران الأرض وجعل لهم نورا يمشون به بين الناس, وقادهم النبي صلي الله عليه وسلم , قيادة لم تضيع لحظة من الزمن إلا وفيها عمل للدين والدنيا علي السواء, حتي أصبح العمل للسيطرة علي الدنيا, عملا للآخرة في وقت واحد.. وكان الرجل من المسلمين يقصر الصلاة, ويفطر في نهار رمضان إذا سافر لمنافعه الدنيوية مسافة القصر, وكان يجمع الدنيا وينفق منها الكثير ابتغاء وجه ربه الأعلي. وكذلك المرأة في كل ما تقدم. وهكذا لم تعد هناك مسافة فاصلة بين عمل الدنيا وعمل الآخرة, وبهذه الطريقة في فهم الإسلام استطاع المصطفي صلي الله عليه وسلم , أن يؤسس دولة, وأن يكون أمة, لها الكلمة الفاصلة في عالمها المعمور. وجاء الصحابة والتابعون بعد النبي صلي الله عليه وسلم فساروا علي دربه, ينهجون نهج الإسلام القويم, فاتسعت دولتهم حتي غطت رقعة كبيرة من الأرض, وأصبحوا المثل العليا في العدل والعبادة وتطوير الحياة, وظل الحال, كما كان في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي دانت لهم الأمم, وخضعت لهم الأرض, وأصبحوا هم القوة الوحيدة المهابة في العالم. محمد رسول الله...
مخطوطة فنية بريشة الفنان المبدع خضير البورسعيدي بالخط الثلث العادي غير أنه قام بكتابة..محمد بالخط الثلث الجلي لابراز مكانة رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم استخدم نوع جميل من الخط العربي وهو الحلبي الديواني في كتابة الجزء الأخير من الأية الكريمة وعد الله الذين الذين أمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما ثم كتب صدق الله العظيم بالخط النسخ لتكتمل المخطوطة في شكل جميل يشبه الحلية.
محمدالمغربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.