"حبيبة أحمد مصطفي" لم تكن تبكي وانما تقرأ القرآن.. أدخلت السكينة علي القلوب. وهي مثلهم مصابة بكسور ورضوض وألم شديد. لفتت نظر الطبيب في مستشفي أسيوط الجامعي الذي كان قدره أن يستقبل مع تباشير الصباح أطفال حادث القطار الرهيب. كان الجو متوتراً وعدد الأطباء محدودا والامكانيات كالعادة معدومة.. حتي حقن البيكربونات الضرورية في غرف العمليات مفقودة مع أن ثمن الواحدة لا يزيد علي جنيه واحد.. ومع أن المناشدة لا تفيد فقد نادوا علي من يملك حقنة أن يسرع بها إلي المستشفي!! "حبيبة" وسط المأساة تقرأ القرآن.. سورة "المؤمنون". "ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين". تلتقط "حبيبة" أنفاسها وتسأل عن "أروي" صديقتها.. بحث عنها الطبيب فلم يجد لها أثراً.. كانت الطفلة "أروي عبدالرحيم" قد دخلت المشرحة. يرحمها الله. بعد صمت حزين تُليت آيات القرآن من جديد.. هذه المرة سورة "النجم": "ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسني. ومع ترتيل القرآن تدخل "حبيبة" غرفة العمليات ادعو لها بالشفاء. وعلي قضبان السكة الحديد وفي بيوت الضحايا. وفي كل البيوت. مازالت تذرف الدموع. ولن تجف. وكلمات بسيطة نادمة تنطق بالشجن. ويقول الأب: "ضربت ابني بالقلم علشان يلحق الأتوبيس". ورسالة علي المحمول من الطفل إسلام: بابا أنا باموت تعالي الحقني. وينشر موقع "الحرية اساحبي" الالكتروني ان الجاموسة العُشر بإثني عشر ألف جنيه.. والآي فون الجديد بتسعة آلاف والعجل البتلو بستة الاف وفانوس المرسيدس بخمسة.. أما الطفل الشهيد فثمنه عند الحكومة أربعة آلاف.. شيخ الأزهر دفع عشرة آلاف.. ولا كنوز الدنيا تطفيء نار الحزن!