كثيرا ما نجد كتابا يجيدون الكتابة عن سيرتهم الذاتية ويتفننون فى اصدار الكتب التى تحكى قصة حياتهم، ولكن قليلا ما نجد من يقوم بكتابة قصة حياته بأسلوب ساخر معلنا امام العالم انه يتقبل نفسه ومتصالح معها كما هى حتى وان لم يتقبله الآخرون. واستطاع البراء اشرف " الكاتب الصحفى والمدون" ان يسرد نموذجا لما يواجهه الشخص البدين فى المجتمع فى كتابه "البدين" وهو صحفى شاب مصرى الجنسية له من المدونات ثلاث: (وانا مالى) , ( ضبة ومفتاح) , ( شطة وليمون) . وجاء كتابه "البدين" - الذي صدر الكتاب عن" دار دون للنشر و التوزيع" لعام 2011 - كسرد ذاتى لقصة حياته ومواقفه الشخصية كشخص بدين, وهوكتاب ذو غلاف بسيط يصور ظهر رجل ممتلىء الجسم عارى الظهر يرتدى بنطالا يظهر كبر حجم جسمه ومكتوبا على مؤخرته "البدين" , واستخدم الكاتب لمحة ساخرة على الغلاف من خلال إضافة عبارة "الكتاب ضار جدا بالصحة ويسبب الوفاة". ويقع الكتاب فى 239 صفحة تناول فيها الكاتب قصة حياته كشخص بدين فى سرد ذاتى ساخر ويصف نفسه فى مدوناته قائلا " تخين وبنضارة، بكتب عن حكاياتي الشخصية." يبدأ الكتاب بشرح ما تعرض له من مواقف بداية من هواجسه التى تنتابه من ان يصبح ثقيلا على اصدقائه عندما يحملونه بعد موته على اكتافهم فيقول " اخاف لحظة جنازتى من ان يحملنى الاصدقاء ويخبر كل منهم نفسه بأن صديقه الذى هو بداخل الصندوق ثقيل وانه كان من الافضل لو اتخذ لنفسه صديقا بوزن اخف" مرورا بخوف البدين بأن النساء لا يحببنه فيتساءل " من تلك التى تحب بدينا؟ من تلك التى تتخيل جسدها فى الفراش بجوار كتلتى الهائلة؟". فالكتاب سرد لتجاربه مع الحياة, تجاربه النفسية بداية من احساسه بالانانية والغرور الى احساسه بأن الله يحبه لأنه شخص بدين . وتجاربه الذاتية فى العمل والحياة, وتجاربه الجنسية منذ صغرة وحتى زواجه وتجاربه العاطفية, وأيضا ذكر تجارب اشخاص اخرين اعطاهم اسماء ليعرف القارىء بهم فيقول:" الفتاة ونطلق عليها سها تنزل الى الشارع فى انتظار وسيلة مواصلاتها المعتادة وهناك شاب فى الثلاثينيات ونطلق عليه سيد ويستدرك فى السرد بعد ذلك........." وشمل كتاب"البدين" تأملات الكاتب الشخصية وكلامه لذاته ولعقله الباطن وأحاسيسه المختلفة المستمرة على مدار حياته وانهى البراء أشرف بحديثه عن الموت وصداقته له منذ اول شخص رآه يموت فى حادثة على الطريق واتصلت هذه الصداقة فى كل من مات بعد ذلك من أصدقائه او معارفه ويقول"اعرف لماذا شعرت بأننى سأموت ليلة زفافى , افكر الان اننى اعتدت الشعور بالموت فى نهاية كل مرحلة من حياتى وفى بداية مرحلة أخرى" ويعد هذا الكتاب طريقة جديدة ساخرة لكتابة السرد الذاتى لكتاب يرى فى نفسه نموذجا لكل من يشعر مثله من البدناء وكل من يقرأ هذا الكتاب سيدرك ان كل شخص يعرف عيوبه ويعرف كيف ينظر الناس له ويدرك ردة فعل كل شخص يجلس امامه تجاه وجوده فى نفس المكان فيقول البراء" وراقبت بهدوء نظرات الخوف والترقب فى عيون صبية المقاهى لحظة وصولى, وسحبى لكرسى ضعيف بلاستيكى لونه أخضر,واستعداد جسدى لملء الفراغ بين ذراعيه, ...... وينهى هذا الفصل بجملة "ادركت انى بدين مجرد بدين" فكل منا يدرك ذاته جيدا وعليه ان يتقبلها اذا لم يستطع تغييرها ولكن علينا ان نتقبل بعضنا البعض.