«الذبح مجانا».. انتظام العمل بمجازر البحر الأحمر في أول أيام عيد الأضحى    رفع درجة الاستعداد القصوى ومتابعة محطات المياه خلال أيام العيد فى سوهاج    البنك المركزي وضرورة تطوير منظومة إدارة الاحتياطي النقدي    رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني: مقترح ويتكوف منحاز بشكل فاضح ضد حماس    مواعيد مواجهات العين الإماراتي في كأس العالم للأندية 2025    وزيرة العدل الأوكرانية: أمامنا عام واحد لتلبية شروط التمويل الأوروبي الكامل    حسين لبيب: تتويح الزمالك ببطولة كأس مصر نتاج عمل جماعى.. صور    «الصحة السعودية» تحذر الحجاج من التعرض لأشعة الشمس في هذه الأوقات    السعودية: 10 آلاف نشاط توعوى و34 مليون رسالة خلال يومي التروية وعرفة    مصرع طفل سقط من علو في أكتوبر    أيمن بهجت قمر يعلق على انضمام زيزو للنادي الأهلي "زيزو في الأهلي"    النجم العالمى جيمى فوكس يشارك في إنتاج فيلم happy birthday ل نيللى كريم    محافظ الإسماعيلية يتفقد المجمع الطبى بحى ثالث فى أول أيام عيد الأضحى    القناة 12 العبرية: مقتل جندي إسرائيلي في مواجهات بجنوب غزة    في ليلة العيد.. "المشروع X" يتربع على المركز الأول في شباك التذاكر    زيزو رقم 14.. ماذا قدم نجوم الزمالك بعد انتقالهم ل الأهلي؟    الهيئة الوطنية للإعلام تنعى الإذاعية هدى العجيمي مقدمة برنامجي مع الأدباء الشبان وإلى ربات البيوت    ياسر جلال يحتفل بالعيد مع الفنان مصطفى أبو سريع بفيديو كوميدي    السينما والمسرحيات.. أشهر أفلام عيد الأضحى التي لا غنى عنها في البيوت المصرية    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد سيدنا الإمام الحسين بالقاهرة    المجمعات الاستهلاكية تواصل عملها في أول أيام عيد الأضحى    نسب وأرقام.. أول تعليق من حزب الأغلبية على «القائمة الوطنية» المتداولة ل انتخابات مجلس الشيوخ    جاسمين طه زكي: نشأت في بيت سياسي ودخولي الإعلام قوبل باستهجان    من الصلاة والأضاحى للاحتفالات.. بلاد العرب تستقبل عيد الأضحى.. ألعاب نارية وكرنفالات.. زيارة المقابر فى الكويت.. المغرب بدون "النحر" للمرة الأولى و"الرومى" بديل الأضحية.. مشهد مهيب للصلاة بالمسجد الحرام    بالفيديو| مها الصغير تغني "علي صوتك" ومنى عبدالغني تشاركها الغناء    حمزة العيلي يكشف تأثير فيلم «إكس لارج» على الجمهور وأجره المتواضع في العمل    أمين "الجبهة الوطنية" يؤدي صلاة عيد الأضحي مع أهالي قريته بالغربية (صور)    رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر يلتقي نظيره البرازيلي في جنيف    الصحة: إجراء 2 مليون و728 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    مراسلة "القاهرة الإخبارية": المصريون يقبلون على الحدائق العامة للاحتفال بعيد الأضحى    باكستان تدين الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    السياحة تشكل غرفة عمليات لتلقي الشكاوى خلال إجازة عيد الأضحى    الرئيس النمساوي يهنئ المسلمين بعيد الأضحى المبارك    مظاهر احتفالات المواطنين بعيد الأضحى من حديقة الميريلاند    عيد الأضحى في حديقة الأزهر.. 15 صورة توثق بهجة العائلات والأطفال    طريقة تنظيف الممبار وتقديمه فى أيام العيد    صحة الأقصر تتابع سير أعمال مستشفى الحميات فى أول أيام اجازة العيد    أهالى بنى سويف يلتقطون الصور السيلفى مع المحافظ بالممشى السياحي أول أيام عيد الأضحى المبارك    جوزيه بيسيرو يهنئ الزمالك بعد الفوز بلقب كأس مصر    الهلال الأحمر المصري يشارك في تأمين احتفالات عيد الأضحى    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    محافظ القليوبية يتفقد حدائق القناطر الخيرية    محافظ دمياط يحتفل بمبادرة العيد أحلى بمركز شباب شط الملح    إيطاليا تلتقي النرويج في مباراة حاسمة بتصفيات كأس العالم 2026    لا تكدر صفو العيد بالمرض.. نصائح للتعامل مع اللحوم النيئة    روسيا: إسقاط 174 مُسيرة أوكرانية فيما يتبادل الجانبان القصف الثقيل    محافظ بني سويف يؤدي شعائر صلاة عيد الأضحى بساحة مسجد عمر بن عبدالعزيز    وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد لبنان: لا استقرار دون أمن لإسرائيل    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة العيد بشرم الشيخ ويوزع عيديات على الأطفال    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير.. صور    تعرف على سعر الدولار فى البنوك المصرية اليوم الجمعه 6-6-2025    مدح وإنشاد ديني بساحة الشيخ أحمد مرتضى بالأقصر احتفالا بعيد الأضحى    عاجل - موضوع خطبة الجمعة.. ماذا يتحدث الأئمة في يوم عيد الأضحى؟    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    بالفيديو.. استقبال خاص من لاعبي الأهلي للصفقات الجديدة    المثلوثي: جمهور الزمالك نمبر 1.. وناصر منسي: سنبني على تلك البطولة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في رسائل الإمام حسن البنا - الحزبية السياسية
نشر في جود نيوز يوم 10 - 03 - 2011

شن الإمام حسن البنا مؤسس جماعة "الإخوان المسلمون" في رسائله هجوما حادا على الحزبية السياسية مؤكدا أنها وسيلة للإنقسام والتفرقة بين الشعب الواحد في الوقت الذي يجب فيه أن تتوحد الأمة وتتضافر جهودها، مضيفا أن الإسلام "لا يقر بالحزبية" - وهي فتوى صريحة - ولكنه في نفس الوقت يكفل حرية الرأي للجميع.
وهذا ما جاء في رسائل الإمام تحت عنوان "الحزبية السياسية":
أيها الاخوة الكرام ..
بقي للسياسة معني آخر يؤسفني أن أقول أنه وحده هو المعني الذي يرادفها ويلازمها بغير حق في أذهان كثير منا ، ذلك هو (الحزبية).
أعتقد أيها السادة ، أن الحزبية السياسية إن جازت في بعض الظروف في بعض البلدان ، فهي لا تجوز في كلها ، وهي لا تجوز في مصر أبداً ، وخاصةً في هذا الوقت الذي نستفتح فيه عهداً جديداً ، ونريد أن نبني أمتنا بناء قوياً يستلزم تعاون الجهود وتوافر القوي والانتفاع بكل المواهب ، والاستقرار الكامل والتفرغ التام لنواحي الإصلاح. إن وراءنا في الإصلاح الداخلي منهاجاً واسعاً مطولاً ، يجب أن نصرف كل الجهود إلي تحقيقه ، لإنقاذ هذا الشعب الدائم الحيوية ، الجم النشاط ، المجهز بكل وسائل النشاط ، الذي لا ينقصه إلا القيادة الصالحة والتوجيه القويم ، حتى يتكون أصلح تكوين ، يقضي علي الضعف والفقر والجهل والرذيلة ، وهي معاول الهدم وسوس النهضات ، وليس هنا محل تفصيل هذا المنهاج فذلك له وقت آخر ، وأنا أعلم أننا جميعاً نشعر بثقل وطأة الأعباء ، وبالمجهودات العظيمة التي يجب أن تبذل في سبيل التنظيم الداخلي في كل مظاهر الحياة .
وبعد هذا كله أعتقد أيها السادة أن الإسلام وهو دين الوحدة في كل شئ , وهو دين سلامة الصدور , ونقاء القلوب , والإخاء الصحيح , والتعاون الصادق بين بني الإنسان جميعا فضلا عن الأمة الواحدة والشعب الواحد , لا يقر نظام الحزبية ولا يرضاه ولا يوافق عليه , والقرآن الكريم يقول :(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) (آل عمران:103) , ويقول رسول الله 5 (هل أدلكم على أفضل من درجة الصلاة والصوم ؟ قالوا بلى يا رسول الله قال إصلاح ذات البين , فإن فساد ذات البين هي الحالقة , لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين).
وكل ما يستتبعه هذا النظام الحزبي ,من تنابز وتقاطع , وتدابر وبغضاء , يمقته الإسلام أشد المقت , ويحذر منه في كثير من الأحاديث والآيات , وتفصيل ذلك يطول وكل حضراتكم به عليم.
أيها الإخوان لقد آن الأوان أن ترتفع الأصوات بالقضاء على نظام الحزبية في مصر , وأن يستبدل به نظام تجتمع به الكلمة وتتوحد به جهود الأمة حول منهاج إسلامي صالح تتوافر على وضعه وإنفاذه القوى والجهود.
ويقول الإمام تحت عنوان "طبيعة فكرتنا":
أيها الإخوان المسلمون ...
بل أيها الناس أجمعون ...
لسنا حزباً سياسياً , وإن كانت السياسة على قواعد الإسلام من صميم فكرتنا..
ولسنا جمعية خيرية إصلاحية ، وإن كان عمل الخير والإصلاح من أعظم مقاصدنا..
ولسنا فرقاً رياضية ، وإن كانت الرياضة البدنية والروحية من أهم وسائلنا..
لسنا شيئاً من هذه التشكيلات ، فإنها جميعاً تبررها غاية موضعية محدودة لمدة معدودة ، وقد لا يوحي بتأليفها إلا مجرد الرغبة في تأليف هيئة ، والتحلي بالألقاب الإدارية فيها.
ولكننا أيها الناس : فكرة وعقيدة ، ونظام ومنهاج ، لا يحدده موضع , ولا يقيده جنس ، ولا يقف دونه حاجز جغرافي ، ولا ينتهي بأمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها , ذلك لأنه نظام رب العالمين ، ومنهاج رسوله الأمين.
نحن أيها الناس ولا فخر أصحاب رسول الله ، وحملة رايته من بعده ، ورافعو لوائه كما رفعوه ، وناشرو لوائه كما نشروه ، وحافظو قرآنه كما حفظوه ، والمبشرون بدعوته كما بشروا ، ورحمة الله للعالمين (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) (صّ:88).
ويقول الإمام عند الحديث عن فساد النظام الاجتماعي المصري آنذاك مستشهدا بأرقام وإحصائيات هي خير دليل على صحة منهجه ثم يعرض لمرحلة العلاج:
أما وسائلنا العامة:
فالإقناع ونشر الدعوة بكل وسائل النشر حتى يفقهها الرأي العام ويناصرها عن عقيدة وإيمان.
ثم استخلاص العناصر الطيبة لتكون هي الدعائم الثابتة لفكرة الإصلاح.
ثم النضال الدستوري حتى يرتفع صوت هذه الدعوة في الأندية الرسمية وتناصرها وتنحاز إليها القوة التنفيذية، وعلى هذا الأساس سيتقدم مرشحو الإخوان المسلمين حين يجيء الوقت المناسب إلى الأمة ليمثلوها في الهيئات النيابية، ونحن واثقون بعون الله من النجاح مادمنا نبتغي بذلك وجه الله (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحج:40).
وقد يقول بعض الناس : وما للإخوان والبرلمان والإخوان جماعة دينية وهذه سبيل الهيئات السياسية؟ أليس هذا يؤيد ما يقول الناس من أن الإخوان المسلمين قوم سياسيون لا يقفون عند حد الدعوة للإسلام كما يدعون؟
وأقول لهذا القائل في صراحة ووضوح : أيها الأخ .. أما أنا سياسيون حزبيون نناصر حزبا ونناهض آخر فلسنا كذلك ولن نكونه , ولا يستطيع أحد أن يأتي على هذا بدليل أو شبه دليل.
وأما أننا سياسيون بمعنى أننا نهتم بشئون أمتنا ، ونعتقد أن القوة التنفيذية جزء من تعاليم الإسلام تدخل في نطاقه وتندرج تحت أحكامه ، وأن الحرية السياسية والعزة القومية ركن من أركانه وفريضة من فرائضه ، وأننا نعمل جاهدين لاستكمال الحرية ولإصلاح الأداة التنفيذية فنحن كذلك ، ونعتقد أننا لم نأت فيه بشيء جديد ، فهذا المعروف عن كل مسلم درس الإسلام دراسة صحيحة ونحن لا نعلم دعوتنا ولانتصور معنى لوجودنا إلا تحقيق هذه الأهداف. ولم نخرج بذلك قيد شعرة عن الدعوة إلى الإسلام ، والإسلام لا يكتفي من المسلم بالوعظ والإرشاد ولكنه يحدوه دائما إلى الكفاح والجهاد (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت:69).
وتحت عنوان "نحن والأحزاب" يقول الإمام:
وإذاً فلا خلاف بين الأحزاب المصرية إلا في مظاهر شكلية ، وشؤون شخصية ، لا يهتم لها الإخوان المسلمون ، ولهذا فهم ينظرون إلى هذه الأحزاب جميعاً نظرة واحدة ، ويرفعون دعوتهم وهي ميراث رسول الله فوق هذا المستوى الحزبي كله ، ويوجهونها واضحة مستنيرة إلى كل رجال هذه الأحزاب على السواء ، ويودّون أن لو أدرك حضراتهم هذه الحقيقة ، وقدّروا هذه الظروف الدقيقة ، ونزلوا على حكم الوطنية الصحيحة ، فتوحدت كلمتهم ، واجتمعوا على منهاج واحد ، تصلح به الأحوال وتتحقق الآمال ، وليس أمامهم إلا منهاج الإخوان المسلمين ، بل هدى رب العالمين (صِرَاطِ اللهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الأُمُورُ) (الشورى:53).
ورأى فضيلة الإمام أن خطوات الإصلاح العملي تبدأ بالحياة السياسية والقضائية والإدارية محدداً خطواتها بالتالي:
1 - القضاء على الحزبية وتوجيه قوى الأمة السياسية في وجهة واحدة وصفّ واحد.
2 - إصلاح القانون حتى يتفق مع التشريع الإسلامي في كل فروعه.
3 - تقوية الجيش والإكثار من فرق الشباب وإلهاب حماستها على أسس من الجهاد الإسلامي.
4 - تقوية الروابط بين الأقطار الإسلامية جميعا , وبخاصة العربية منها تمهيدا للتفكير الجدي العملي في شأن الخلافة الضائعة.
5 - بث الروح الإسلامي في دواوين الحكومة بحيث يشعر الموظفون جميعا بأنهم مطالبون بتعاليم الإسلام .
6 - مراقبة سلوك الموظفين الشخصي وعدم الفصل بين الناحية الشخصية والناحية العملية.
7 - تقديم مواعيد العمل في الدواوين صيفا وشتاء حتى يعين ذلك على الفرائض ويقضي على السهر الكثير.
8 - القضاء على الرشوة والمحسوبية والاعتماد على الكفاية والمسوغات القانونية فقط.
9 - أن توزن كل أعمال الحكومة بميزان الأحكام والتعاليم الإسلامية , فتكون نظم الحفلات والدعوات والاجتماعات الرسمية والسجون والمستشفيات بحيث لا تصطدم بقاعدة بتعاليم الإسلام , وتكون الدوريات في الأعمال على تقسيم لا يتضارب مع أوقات الصلاة.
10 - استخدام الأزهريين في الوظائف العسكرية والإدارية وتدريبهم.
وتحت عنوان "الإخوان المسلمون والأحزاب" يقول الإمام:
و الإخوان المسلمون يعتقدون أن الأحزاب السياسية المصرية جميعا قد وجدت في ظروف خاصة , و لدواع أكثرها شخصي لا مصلحي , و شرح ذلك تعلمونه حضراتكم جميعا.
ويعتقد الإخوان كذلك أن هذه الحزبية قد أفسدت على الناس كل مرافق حياتهم وعطلت مصالحهم , وأتلفت أخلاقهم , ومزقت روابطهم , وكان لها في حياتهم العامة والخاصة أسوأ الأثر.
ويعتقدون كذلك أن النظام النيابي , بل حتى البرلماني , في غنى عن نظام الأحزاب بصورتها الحاضرة في مصر , و إلا لما قامت الحكومات الائتلافية في البلاد الديمقراطية فالحجة القائلة بأن النظام البرلماني لا يتصور إلا بوجود الأحزاب حجة واهية وكثير من البلاد الدستورية البرلمانية تسير على نظام الحزب الواحد وذلك في الإمكان.
كما يعتقد الإخوان أن هناك فارقاً بين حرية الرأي والتفكير والإبانة والإفصاح والشورى والنصيحة ، وهو يوجبه الإسلام ، و بين التعصب للرأي و الخروج على الجماعة والعمل الدائب على توسيع هوة الانقسام في الأمة وزعزعة سلطان الحكام ، و هو ما تستلزمه الحزبية و يأباه الإسلام و يحرمه أشد التحريم ، و الإسلام في كل تشريعاته إنما يدعو إلى الوحدة و التعاون.
هذا مجمل نظرة الإخوان إلى قضية الحزبية و الأحزاب في مصر , و هم لهذا قد طلبوا إلى رؤساء الأحزاب , منذ عام تقريبا أن يطرحوا هذه الخصومة جانبا و ينضم بعضهم إلى بعض , كما اقترحوا التوسط في هذه القضية على صاحب السمو الأمير عمر طوسون .. كما طلبوا من جلالة الملك حل هذه الأحزاب القائمة حتى تندمج جميعا في هيئة شعبية واحدة تعمل لصالح الأمة على قواعد الإسلام.
و إذا كانت الظروف لم تساعد في الماضي على تحقيق هذه الفكرة , فإننا نعتقد أن هذا العام كان دليلا على صدق نظرة الإخوان , و كان مقنعا لمن كان في شك بأنه لا خير في بقاء هذه الأحزاب , و سيواصل الإخوان جهودهم في هذا السبيل , و سيصلون إلى ما يريدون بتوفيق الله و فضل يقظة الأمة , و بتوالي فشل رجال الأحزاب في ميادينها سيتحقق قطعا ناموس الله : (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ) (الرعد:17).
ويتعهد الإمام أن الجماعة لن تؤسس حزباً لأن دعوتهم إسلامية فحسب قائلاً:
أحب أن أقول لإخواننا من دعاة الأحزاب و رجالها : إن اليوم الذي يستخدم فيه الإخوان المسلمون لغير فكرتهم الإسلامية البحتة "لم يجئ و لن يجئ أبدا" , و إن الإخوان لا يضمرون لحزب من الأحزاب أيا كان خصومة خاصة به , و لكنهم يعتقدون من قرارة نفوسهم أن مصر لا يصلحها و لا ينقذها إلا أن تنحل هذه الأحزاب كلها , و تتألف هيئة وطنية عاملة تقود الأمة إلى الفوز وفق تعاليم القرآن الكريم.
و بهذه المناسبة أقول إن الإخوان المسلمين يعتقدون عقم فكرة الائتلاف بين الأحزاب , يعتقدون أنها مسكن لا علاج , و سرعان ما ينقض المؤتلفون بعضهم على بعض , فتعود الحرب بينهم جذعة على أشد ما كانت عليه قبل الائتلاف , و العلاج الحاسم الناجح أن تزول هذه الأحزاب مشكورة فقد أدت مهمتها وانتهت الظروف التي أوجدتها و لكل زمان دولة و رجال كما يقولون.
ويقول الإمام تحت عنوان "حزبية عمياء":
ولا شك أن نار الخصومة والحقد قد اضطرب في نفوس الحاكمين والمحكومين على السواء ، بفعل هذه الحزبية الخاطئة , التي لم نفهمها نحن في مصر في يوم من الأيام على أنها خلاف في الرأي لا يفسد للود قضية , بل فهمناها عداوة وبغضاء تتعدى النظر في المصالح العامة إلى المقاطعة في كل الشؤون عامة وخاصة , وإلى أن نرى الحق في جانب خصومنا الحزبيين باطلا , والباطل في جانب أنصارنا الحزبيين حقا , ونصدر من هذا الشعور في كل تصرفاتنا وصلاتنا , ويستفحل هذا الداء ويستشري حتى في أحرج المواقف , فلا نستطيع أن نوحد صفوفنا في أي موقف قومي مهما يكن يتوقف عليه إصلاح أمرنا ومستقبل بلادنا.
وهذا الشعور البغيض , والفهم الخاطئ للحزبية الذي تحول إلى عداوة متأصلة , قد كان من نتائجه : أن انصرفت معظم الجهود الفكرية والعملية إلى أمرين استغرقا كل اهتمام رجالنا , وهما : الإيقاع بالخصوم الحزبيين واتقاء مكائدهم , فالحاكم يصرف جل همه في هاتين الناحيتين , والمعارضة لا تقل عن الحاكم اهتماما بها , وفي سبيل ذلك تضيع الحقوق وتتعطل المصالح , ويرثى الأصدقاء ويشمت الأعداء , ويستفيد الخصم الجاثم على صدر البلاد.
هذه الحال قد أنتجت التحطم في المعنويات ، والفساد والاضطراب في الماديات وقد بلغ الأمر منتهاه ولم يعد قوس الصبر منزع ، ولابد من تغيير حازم حاسم سريع .. فأما أن يفقه أولو الأمر هذه الحقيقة ويقدروها ، فيبادروا في سرعة إلى إجراء التغيير الصالح برأيهم وعلى أيديهم ، وفي ذلك السلامة والاستقرار ، ومازال في الوقت متسع للإصلاح ، وإما أن يظلوا في هذا الانصراف فتسبقهم الحوادث ، ويفلت من يدهم الزمام ، ولا يدري عاقبة ذلك إلا الله.
يا أولى الأمر في هذا البلد ..
ويا دولة رئيس الحكومة ..
ويا رجال الأزهر ...
ويا زعماء الأحزاب والهيئات والجماعات ...
ويا ذوى الغيرة على هذا الوطن الأسيف :
تداركوا الأمر قبل الفوات .. وأمامكم سفينة النجاة بنظام الإسلام .. ولله عاقبة الأمور.
ألا قد بلغت ... اللهم فاشهد.
في النهاية
ربما تقول الجماعة إن رأي الإمام جاء وقت أن كانت مصر تحت الحماية البريطانية وهو ما استوجب الوحدة من أجل الاستقلال، أما الآن فالأمور تغيرت ولا مانع من الحزبية.
والرد بسيط يتلخص في نقطتين:
أولا: رسائل الإمام هي منهج يحدد طريقة عمل الجماعة على اختلاف العصور فلا يجب الخروج عليها أو تعديلها وفقاً لمتطلبات المرحلة، فضلاً عن أنه حرم الحزبية السياسية وحرمة الشيء لا تسقط بالوقت.
ثانيا: الأمة الإسلامية تمر حاليا بمرحلة مشابهة لتلك التي عاشها الإمام فالعراق وأفغانستان تحت الإحتلال الأمريكي وليبيا تقترب منهما وهي البوابة الغربية لمصر، بالإضافة إلى الإضطراب الذي تشهده كافة الدول العربية، ناهيك عن مخطط تهويد القدس، وهذه الظروف تتطلب وحدة الأمة وتنهى عن التفرقة داخل كيان الدولة الواحدة بالحزبية، وإذا ما رأت الجماعة أن الحزبية ليست أداة للفرقة فهو رأي يستحق الاحترام ولكنه في نفس الوقت مخالف لرأي إمامهم.
عندما دعا الإمام إلى حل الأحزاب استند إلى التالي:
1- الأحزاب كانت محاولة فاشلة للوصول إلى وحدة ولو مؤقتة.
2- وضع مصر لم يعد يحتمل أنصاف الحلول ولا مناص من تجمع قوى الأمة في حزب واحد.
وهذا ما أراه جلياً الآن، وإذا ما كانت الجماعة رأت خيرا في تأسيس حزب "العدالة والحرية" وتعتقد أن حزبها سيكون ممثل الأغلبية وجاء تأسيسه من أجل وحدة الشعب في حزب واحد، فهنا سؤال يطرح نفسه:
إذا ما أثبتت التجربة فشلها وأصبح الحزب طرفاً في صراع سياسي، هل ستتخذ الجماعة قراراً بحل حزبها أم ستواصل المشوار؟
رحم الله الإمام وهدى من حاد عن طريقه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.