• بلطجة واعتداءات الرصاص الحى والخرطوش والغاز على الطلاب لقمع الحركة الطلابية • الحرم الجامعى.. محارب العلم والثقافة "خط أحمر" لا يجب تجاوزه • طلاب الجامعات يؤكدون استمرار نضالهم السلمى حتى كسر الانقلاب الدموى • الحرم الجامعى هو الحصن الأول للطلاب على مدار تاريخ نشأة الجامعة • الانقلابيون فقدوا صوابهم أمام الحراك الطلابى الرافض لهم والمطالب بالشرعية • مصر موقعة على مواثيق دولية تمنع تواجد أى قوات عسكرية داخل الحرم الجامعى • لوائح وقوانين التعليم العالى تحرم أية ملاحقات أو إيذاء بدنى أو معنوى ضد الطلاب • ميليشيات الانقلاب لا تفرق بين الجامعة وأوكار البلطجية والمجرمين وتجار المخدرات • اعتلاء أسوار الجامعة وملاحقة الطلاب داخل المدرجات.. جرائم تضاف لسجل العسكر الأسود خبراء: ثورة الطلاب لن تهدأ إلا بإسقاط الانقلاب واستعادة الشرعية كاملة أحمد كمال: اقتحام الجامعات جريمة جديدة تضاف إلى سجل الانقلاب الإجرامى ضياء الصاوى: ستسهم فى استمرار موجة الغضب والتصعيد الطلابى ضد الانقلاب لم يشهد الحرم الجامعى على مدار 80 عامًا –هى عمر الحركة الطلابية فى مصر– انتهاكات وجرائم وحشية كالتى ترتكبها ميليشيات الانقلاب العسكرى الدموى، حيث لا تفرق ميليشيات الانقلاب بين اقتحامها لحرم جامعى اكتسب قدسيته ومكانته من كونه محرابا للعلم والثقافة وبين اقتحام أوكار البلطجية وتجار المخدرات، فنجدها تلاحق الطلاب وتستهدف قتلهم داخل الحرم الجامعى بنفس الطريقة التى تلاحق بها البلطجية ومعتادى الإجرام، المثير أن ذلك يأتى فى ظل مباركة من قيادات جامعية وإدارات متواطئة، مكنت هذه الميليشيات من اقتحام الحرم الجامعى وسمحت لها باعتلاء أبنيته واقتحام المدرجات الدراسية فى سابقة لم تحدث فى التاريخ. ولعل ما شهدته جامعة الأزهر مؤخرًا من حملات دهم واسعة واعتداءات وحشية بقنابل الغاز والرصاص الحى وطلقات الخرطوش وتمشيط للحرم الجامعى بنفس طريقة تمشيط البؤر الإرهابية كانت أبرز الشواهد على ذلك، فقد تم اعتقال الطلاب من داخل مدرجات الدراسة، كما استشهد طالبان بطلقات الخرطوش، وهو نفس الحال فى جامعة القاهرة وغيرها من الجامعات حيث تقتحم ميليشيات الانقلاب العسكرى الدموى الحرم الجامعى وتقوم بقتل الطلاب والاعتداء عليهم وإصابتهم إصابات خطيرة وتعتقل المئات منهم، وما تلبث أن تتبرأ داخلية الانقلاب من استخدام الأسلحة والرصاص الحى والخرطوش ضد الطلاب! سابقة تاريخية ظل الحرم الجامعى هو الحصن الأول للطلاب على مدار تاريخ نشأة الجامعة ولم تتجرأ أعتى الأنظمة الاستبدادية التى حكمت مصر على اقتحامه ومداهمته بهذه الصورة الوحشية التى تقوم بها ميليشيات الانقلاب الدموى، حيث كانت المواجهات الأمنية للحراك الطلابى تتم خارج أسوار الجامعة وليس داخلها، وشواهد ذلك متعددة. ففى انتفاضة 13نوفمبر الطلابية عام 1934 ضد الاستعمار البريطانى عندما تظاهر الآلاف من الطلاب داخل الجامعة لم يتعرضوا لأى مواجهات أمنية إلا بعد خروجهم من الحرم الجامعى فى مظاهرات حاشدة؛ حيث تصدى لهم أمن الاحتلال طالبًا منهم فض المظاهرة، وعندما رفضوا أطلق عليه الرصاص، ما أسفر عن وقوع إصابات تتنوع بين الخطيرة والطفيفة، وفى اليوم التالى (14 نوفمبر) أعاد طلبة الجامعة تنظيم صفوفهم وخرجوا فى مظاهرة كبرى صوب القاهرة، غير أن البوليس كان قد حشد قواته وحاصرهم فوق كوبرى عباس وأطلق عليهم النار فقتل طالب الزراعة محمد عبد المجيد مرسى، وجرح طالب الآداب محمد عبد الحكم جرحا بالغا مات على أثره فى اليوم التالى، كما ألقى القبض على عدد من الطلاب وأصدرت إدارة الجامعة قرارا بتعطيل الدراسة لمدة عشرة أيام تحاشيا لتطور الموقف. ولم يختلف الأمر فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر فعلى الرغم من الممارسات القمعية التى مارسها ضد الطلاب والتى تنوعت ما بين القتل والاعتقالات بعد خروجهم فى مظاهرات حاشدة فى مارس 1954 -وهى ما عرفت بأزمة مارس التى خرج فيها الطلاب لتأييد الرئيس محمد نجيب وكذلك بعد هزيمة 1967 والتى تعاظم دور الحراك الطلابى بعدها بشكل كبير- إلا أنه لم يسبق للأمن أن اقتحم الحرم الجامعى. ونفس الأمر فى عهد السادات حيث اعتمد فى مواجهته للحراك الطلابى الكبير خاصة فى انتفاضة الخبز عام 1977 وكذلك المظاهرات الطلابية بعد اتفاقية كامب ديفيد على محاولات التضييق على الطلاب، من خلال إصدار القرارات التعسفية والتى تمثلت فى لائحة 1979 والتى تحظر العمل السياسى داخل الجامعات بشكل كامل، وهو ما زاد موجة الغضب الطلابى داخل الجامعات والتى اعتقل على أثرها المئات من الطلاب، ولكن لم يذكر أن تمت أى مواجهات داخل الحرم الجامعى فى ذلك الوقت. وفى عهد المخلوع حسنى مبارك فقد استعاض النظام البائد عن الاقتحام والمداهمات للحرم الجامعى بتعظيم وجود أمن الدولة داخل الجامعات، بل وتجنيد بعض الطلاب والقيادات الجامعية لمراقبة أى نشاط سياسى للطلاب، وهو ما لعب دورًا كبيرًا فى تكميم الأفواه وتقييد الحريات، كما تم اعتقال مئات الطلاب بناءً على تقارير أمنية ملفقة، ولكنه أيضًا بالرغم من هذه الممارسات الوحشية لم يسبق لهذا النظام أن اقتحم الحرم الجامعى كما تفعل ميليشيات الانقلاب العسكرى اليوم. وكل ما تقوم به ميليشيات الانقلاب من جرائم داخل الحرم الجامعى يؤكد أن الانقلابيين فقدوا صوابهم أمام هذا الحراك الطلابى الكبير، ودفعتهم رغبتهم الانتقامية فى تجاوز كل الخطوط الحمراء، فلم يعترفوا بقدسية "الحرم الجامعى" هذا المفهوم الأخلاقى والأدبى المعمول به فى المنظومة التعليمية منذ عقود طويلة، والذى يكرس لحرمة ارتكاب عنف ضد الطلاب، أو مصادرة وقمع أفكارهم، وهو ما وقعت بمقتضاه مصر مواثيق دولية منها وثيقة العهد الدولى الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتى تعتبر مصر أحد أطرافه وملتزمة بأحكامه، والتى من أهم بنودها عدم شرعية تواجد أية قوات عسكرية داخل الحرم الجامعى أو قمع الرأى بالإضافة إلى القوانين المنظمة للجامعات والتى تحرم دخول أى قوات أمنية داخل الحرم الجامعى. كما أنه وفقا للوائح والقوانين المنظمة لمنظومة التعليم العالى "ليس من حق أية جهة تنفيذية فى مصر بما فيها السلطات الأمنية القيام بأية ملاحقات أو إيذاء بدنى أو معنوى فى قلب هذا الحرم الذى يصون حق الطلاب أيا كانت ولاءاتهم أو خلفياتهم الأيديولوجية" المتاجرة بالقضية وعلى الرغم من هذه الانتهاكات غير المسبوقة التى يشهدها الحرم الجامعى منذ بداية العام الدراسى بعد الانقلاب العسكرى الدموى وحتى الآن على يد قوات داخلية وجيش وبلطجية الانقلاب، إلا أن بعض ممن يجيدون تزوير الحقائق وتزيفها حاولوا المتاجرة بالقضية. فتحت دعوى قدسية الحرم الجامعى ظهرت دعوات تم وصفها بالشاذة وبأنها حق يراد به باطل من هذه الدعوات دعوة عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة، والتى قال فيها بضرورة فصل طلاب الإخوان من الجامعات باعتبار أنهم أهم مصادر تهديد قدسية الحرم الجامعى بسبب ممارستهم للعنف والشغب. وتحت نفس الهدف وهو احترام قدسية الحرم الجامعى بارك عدد كبير من الانقلابيين المتحولين إقرار منح الضبطية القضائية للحرس الجامعى.. معتبرين أنه السبيل الوحيد لحماية قدسية الحرم الجامعى من أعمال الشغب والعنف، كما باركوا أيضًا ما قامت به جامعة القاهرة من وضع كاميرات مراقبة على جميع منافذ الجامعة ومخارجها بهدف إحكام السيطرة على الطلاب، وهى خطوة غير مسبوقة فى تاريخ الجامعة، وعلى الرغم من الاعتراضات التى قوبلت بها هذه الفكرة من قبل بعض من اعتبروا أن هذه الكاميرات تمثل انتهاكا صريحا لقدسية الحرم الجامعى، وتسهيل مهمة اختراقه أمنيًا، إلا أن الفكرة تم تنفيذها فعليًا مع بداية العام الدراسى فى سبتمبر الماضى. سجل إجرامى فى هذا الإطار أكد الدكتور أحمد كمال -الخبير القانونى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية- أن استباحة الانقلابيين للحرم الجامعى هى سابقة لم تحدث من قبل فى تاريخ الجامعات حتى فى ظل الإحتلال الإنجليزى وفى ظل أعتى النظم الاستبدادية، معتبرًا أنها جريمة جديدة تضاف إلى سجل الانقلاب الإجرامى ضد طلاب الجامعة وضد القانون نفسه. وأضاف كمال أن هذه الممارسات والانتهاكات الأمنية التى ترتكب داخل الجامعات تعد مخالفة صريحة ل"قانون تنظيم الجامعات" الذى ينظم العلاقة بين طلبة الجامعة والإدارة ويضع حدودا واضحة للتدخل الأمنى، والتى بمقتضاها لا يجوز للأمن أن يتدخل بشئون الجامعة داخل الحرم الجامعى، فالجامعة محراب للعلم لها قدسيتها واحترامها، وهى بمثابة الحصن الأمين للطلاب المدنيين ليس من حق أى قوى اختراقه تحت أى مبرر. وتابع أن ما تمارسه ميليشيات الانقلاب داخل الحرم الجامعى، لم يتجاوز فقط حدود المخالفة القانونية لكونه يتعارض مع القوانين المنظمة للجامعات وإنما يتعارض مع الأبجديات الأخلاقية القيمية التى تربى عليها هذا المجتمع، معتبرًا أن ذلك ليس بالمستغرب على عقيدة الانقلاب التى لا تخضع تصرفاتها لأى قيود أخلاقية أو قانونية، لافتًا إلى أنه من سبق له وأن استباح حرمة المساجد لم يكن بمستغرب عليه أن يستبيح حرمة الحرم الجامعى. وأشار كمال أن الانقلاب تفوق بمراحل كثيرة فيما يرتكبه من جرائم ضد الحرم الجامعى عن نظرائه من الأنظمة الاستبدادية السابقة، والتى على الرغم من بطشها واستبدادها ظلت تتعامل مع الحرم الجامعى على كونه خطا أحمر لايجب تجاوزه ولكنها استعاضت عن ذلك بأمور أخرى ومتعددة كان أبرزها التضييق الأمنى، وتعزيز دور أمن الدولة داخل الجامعات، فضلا عن الممارسات القمعية الأخرى والتى تمثلت فى الاعتقال والتعذيب والملاحقات الأمنية للطلاب وغيرها من الممارسات الوحشية التى كانت تستهدف إخماد أى صوت طلابى معارض لها بسبب إدراكهم لخطورة الحراك الطلابى فى العصف بأنظمتهم. من جانبه أكد ضياء الصاوى -القيادى بحزب الاستقلاب- أن عقيدة الانقلابيين ليس لها مرجعيات أو ثوابت أخلاقية، ومن ثم فإن ما تقوم به من استباحة الحرم الجامعى والاعتداء على الطلاب داخل قاعات الدراسة وغيرها من الجرائم التى سيوثق لها التاريخ بأنها سوابق لنظام العسكر الاستبدادى، هى جزء من عقيدته. وأوضح الصاوى أن استمرار الممارسات الوحشية والإنتهاكات ضد الحرم الجامعى والطلاب على حد سواء ستسهم فى استمرار موجة الغضب والتصعيد الطلابى ضد الانقلاب وهو ما لا يستطيع إدراكه هؤلاء الانقلابيون إلى الآن. وأضاف أن استباحة الحرم الجامعى جريمة كبرى لم ترتكبها داخلية الانقلاب فحسب، بل إن كل الإدارات والقيادات الجامعية المتواطئة مع الانقلاب تمثل الشريك الأكبر فى الجريمة، معتبرا أنهم جزء أصيل من هذا الانقلاب الذى يثور ضده الطلاب ولن تخمد ثورتهم إلا بإسقاطه وإسقاط كل من سانده فى استباحة دماء الطلاب ومن قبله استباحة الحرم الجامعى.