فى ظل حكم العسكر، انتشرت القمامة فى شوارع مصر من أقصاها إلى أدناها بصورة لم تشهدها فى أى مرحلة من مراحلها التاريخية السابقة، وتحولت البلاد فى زمن الانقلاب إلى مقلب كبير ل"الزبالة"؛ بسبب تجاهل نظام السيسي– اللى قال بكره هتشوفوا مصر- لاحتياجات المواطنين، والتركيز فقط على استنزاف أموالهم والاستيلاء على ما فى جيوبهم بالرسوم والضرائب ورفع الأسعار. آخر تقرير صدر عن وزارة البيئة، قدَّر إجمالي كمية المخلفات الصلبة المتولدة سنويًا بنحو 88 مليون طن، وكمية المخلفات البلدية المتولدة يوميًا ب56 ألف طن، 47% منها متولدة عن 4 محافظات فقط هي القاهرة الكبرى (القاهرةوالجيزةوالقليوبية)، بالإضافة إلى الإسكندرية، و37% من محافظات الدلتا، و16% من 16 محافظة أخرى، وكانت أعلى نسبة من نصيب محافظة القاهرة بمقدار 15 ألف طن يوميًا، وأقل المحافظات الوادي الجديد بنسبة 100 طن يوميًا. فى التقرير التالى ترصد بوابة "الحرية والعدالة" أوضاع النظافة فى عدد من محافظات الجمهورية، والتى تكشف عن صورة ملطخة بالقمامة فى كثير من المدن التى يئن سكانها من الروائح الكريهة والبعوض والحشرات وانتشار الأوبئة والأمراض. القاهرة الكبرى تعانى محافظاتالقاهرة الكبرى "القاهرة- الجيزة- القليوبية"، حالة من الإهمال لا مثيل لها في مستوى النظافة، فتلال القمامة تملأ الشوارع والميادين، وعمال النظافة لا وجود لهم في الشوارع وسيارات رفع المخلفات اختفت وأصبح التلوث هو سيد الموقف. الجيزة الجيزة تغطى شوارعها المخلفات بداية من حي شمال وإمبابة والدقي والعجوزة، وحتى شارعي فيصل والهرم. وفى منطقة أرض اللواء تحاصر أكوام القمامة السكان، وهناك شوارع كثيرة منها الشارع الرئيسى وشارع الترعة المجاور لمحطة كهرباء أرض اللواء، مملوءة بالقمامة، وأصبحت مأوى للحشرات الضارة التى تهدد صحة المواطنين. يقول رجب سليمان، من سكان المنطقة، إنهم يعانون بسبب تراكم القمامة التى ملأت مدخل الشارع، والروائح الكريهة التى تنبعث منها، والحشرات والزواحف التى تهاجم الوحدات السكنية. وأشار جمعة السيد، أحد سكان الشارع، إلى أن الذباب يتسبب فى نقل العدوى للأطفال، خاصة أن الشارع به مركز شباب، ومجمع مدارس، ومؤسسات متعددة، ونحن فى فصل الصيف وانتشار الأمراض والعدوى واردة الحدوث، فضلًا عن انتشار الزواحف والثعابين والحشرات التى أصبحت تعيش أسفل الوحدات السكنية. وطالب هيئة النظافة والتجميل وحى العجوزة بمتابعة المشكلة وحلها. وفي إمبابة يقول أحد الأهالي: إن "الوضع في منطقة المنيرة الغربية لا يطاق، ونحن ندفع رسوم النظافة شهريا مع فواتير الكهرباء، ويجب أن نحصل على الخدمة بشكل آدمي، وأعرب عن أسفه لتدهور حالة النظافة. وقال طاهر مجدى، من سكان فيصل: إن شارع العشرين لا يمكن أن ترى نهايته بسبب تراكم القمامة، ويؤكد «علي محمد» أن شارع كعابيش بالطوابق لم يعد يتحمل القمامة المحترقة التى تتطاير أدخنتها على مدار اليوم، الأمر نفسه يشكو منه سكان شارع المنشية الجديدة بفيصل، الذى قال عنه محمد الحداد «شارعنا يحتضر بكل أنواع التلوث، حتى انتشرت به الأمراض والأوبئة وانفجار مواسير المجارى والعشوائيات فى هذا الشارع، الذى يبدأ من محطة الطوابق بفيصل ويمتد ليصل إلى الطريق الدائرى». القاهرة في القاهرة لا يختلف الحال كثيرا عن الجيزة.. حيث احتلت القمامة أرصفة الشوارع ووصلت إلى نهر الطريق، وتراكمت بالمطرية والزيتون والزاوية الحمراء ومدينة نصر، ويكفى أن «الوفاء والأمل»، و«الطوب الرملى» و«أم العرب»، ثلاثة مدافن للقمامة تحولت إلى «مدافن للأحياء». في الزاوية الحمراء، تلال القمامة تشارك المطبات في إعاقة حركة سير المواطن والسيارات.. وصناديق القمامة طفحت وطرحت ما بجوفها إلى الخارج. يقول "د.عادل. ا.ت"- صاحب صيدلية- إن صيدليته تطل على ناصية شارع إبراهيم عبد الرازق بعين شمس الشرقية، وإن أبواب الصيدلية من الصعب الوصول إليها بسبب تراكم القمامة أمامها. وأمام أحد المنازل بالزيتون، تجمعت الكلاب الضالة والقطط والحشرات والزواحف والقوارض على الآلاف من أكياس القمامة التي يلقيها المواطنون. يقول صاحب المنزل ويدعى محمد خليل: إن المواطنين يدفعون رسوم تحصيل جمع القمامة، ولا يجدون من يجمعها، فيضطرون إلى إلقائها في الشارع، لافتا إلى أن الصناديق المخصصة لجمع القمامة في الشوارع لا تكفي، وبالتالي ينتشر حولها أطنان من القمامة. ويضيف أنه منع أولاده الصغار من النزول إلى الشارع خوفا عليهم من الإصابة بالأمراض؛ نتيجة تراكم أكوام القمامة، أو تعرضهم لأذى نتيجة الكلاب الضالة والقطط التي تتغذى على القمامة. القليوبية فى منطقة المرج بالقليوبية، يشكو سكانها من تراكم القمامة فى أكثر الأماكن الحيوية، أمام محطة مترو المرج، وتمتد حتى عزبة النخل وصولا إلى الخصوص. ويعانى أهالى منطقة "الفلل" فى مدينة بنها من انتشار القمامة على كورنيش النيل، وسط تجاهل المسئولين بمجلس المدينة. يقول محمد السيد، أحد أهالى المدينة، إنهم ناشدوا مجلس المدينة برفع القمامة دون جدوى. وأعرب عن أسفه لأنهم يعانون من إهمال نظافة الشوارع، خصوصا كورنيش النيل, مشيرا إلى أن مجلس المدينة يمتلك أسطولا من سيارات النظافة، لكن للعرض فقط. وقال أحمد حسين: إن من أبسط حقوق أهالي المدينة، أن يعيشوا فى بيئة نظيفة، ولكن للأسف يوجد تقاعس شديد من مجلس المدينة ولا يريد المسئولون حل المشكلة. ويقول "علي مجاهد": إن منطقة شارع عرفة بمنشية النور بمدينة بنها تحولت إلى مقلب قمامة عمومي داخل الكتلة السكنية، مشيرا إلى أن المظهر العام للمنطقة أصبح "قبيحا"، فضلا عن انتشار الروائح الكريهة والحشرات نتيجة تراكمات القمامة، ويشير إلى أن الأهالي أخطروا مجلس المدينة أكثر من مرة دون جدوى. الإسكندرية لا يختلف الوضع فى عاصمة مصر الثانية عن بقية المحافظات، حيث تنتشر تلال القمامة فى شوارعها وميادينها، وتضاعفت المشكلة وأصبحت مستعصية على الحل، وتراكمت أكوام الزبالة لترتع عليها الحشرات الزاحفة والطائرة ما يهدد الإسكندرية بكارثة بيئية. ويؤكد خالد أبو طالب، من أهالى سموحة، تراكم القمامة بشوارع منطقة جليم، ما أدى إلى انتشار الروائح الكريهة والحشرات. وفى منطقة الهانوڤيل يعانى السكان من القمامة ومن الرائحة الكريهة، وهو ما دفعهم لتقديم عدة شكاوى فى حى العامرية دون استجابة. تقول منى محمود من سكان المنطقة: «بقالنا سنين على الحال ده، وكل الأراضى الفاضية اللى حوالينا الناس بيستغلوها أسوأ استغلال، اللى بيرمى فيها زبالته، واللى بيهد عمارة يرمى الرديم فى الأرض، وروحنا الحى واشتكينا لكن بلا جدوى للأسف» الشرقية فى مدينة الزقازيق تعد مشكلة القمامة المتراكمة والنباشين عنوان بعض الشوارع والأحياء والمناطق، وتزداد المشكلة سوءا يومًا بعد يوم، فالروائح الكريهة والحشرات أصبحت تقطن في الأحياء الراقية داخل الزقازيق. على سبيل المثال ميدان القومية الذي يعد أشهر الميادين داخل المدينة، والشوارع المتفرعة منه مليئة بأكوام القمامة على جانبي الطرق، وأصبحت مشهدا معتادا للأهالى. يعانى سكان مركز ومدينة ههيا من تراكم تلال القمامة بصورة مثيرة للاشمئزاز، حول قضبان السكة الحديد فى المدينة، والتى تمتد حتى وسط التجمعات السكنية، بالإضافة إلى النباشين الذين يثيرون الفوضى بالقمامة، ويضرمون النيران بها، والسكان فى حالة رعب من خطر التعرض للأمراض. يقول أحد المزارعين بالمنطقة: «الزبالة بقالها سنين على نفس الحال، واشتكينا كتير، كل اللى بيحصل، إن رئيس المدينة بيتغير ويمسك واحد غيره، والزبالة مابتترفعش من المكان. ويضيف: والله تعبنا ياريت حد يشوف حل للمشكلة دي، الزبالة كل يوم تتحرق من نفسها، جالنا أمراض صدرية واتخنقنا». الفيوم فى الفيوم "مقالب" الزبالة تصدم عيون المواطنين فى أنحاء متفرقة خاصة فى إبشواى وسنورس وإطسا وطامية، وهناك تلال قمامة بجوار المدارس وأمام المستشفيات وفى مداخل العمارات وبجوار المقابر والمواقف، وفى مناور العمارات وفى المجارى المائية، وبجوار أسوار الحدائق العامة، ووصل الأمر إلى إجراء عمليات حرق القمامة أمام مصنع تدوير القمامة المتوقف عن العمل. يقول روبى محمد، من المدينة الصناعية: "نحن كصنايعية نعيش فى بيئة لا ترضى أى أحد؛ بسبب (الزبالة) والمستنقعات الموجودة فى المدينة الصناعية لسوء حالة الصرف الصحى. وأضاف: "تقدمنا بشكاوى لكن بدون جدوى"، مشيرا إلى أن طفح المجارى مستمر، بالإضافة إلى وجود أكوام القمامة ولا توجد أى صناديق قمامة، ويضطر المواطنون لإلقائها على الأرض. سوهاج يعانى أهالى مدينة سوهاج من مقالب القمامة فى أغلب أحياء المدينة والحرق العشوائى والأدخنة المتصاعدة، خاصة فى حي الكوثر ومنطقة أبراج الأوقاف وشارع المرور وشارع الثورة الرئيسي. كما يعانى أهالى "أولاد نصير" من الروائح الكريهة التى يسببها مقلب قمامة بالقرية، إضافة إلى انتشار الأمراض والأوبئة خاصة بين الأطفال، وتقدم الأهالى بالعديد من الشكاوى لحل مشكلة مقلب القمامة، لكنَّ المسئولين "آخر طناش". ويطالب أهالى القرية بنقل مقلب القمامة المتواجد منذ سنوات طويلة، لوقف انتشار الأمراض التى تشعبت فى أجسادهم. أسوان شوارع أسوان خاصة الرئيسية مثل كورنيش النيل وأبطال التحرير، بالإضافة إلى سور حديقة درة النيل الذى يبعد عدة أمتار عن ديوان عام المحافظة، وسوق الشواربي، وحي العقاد، وشارع البوسطة، وأمام مدرسة الزخرفية بنات، تمتلأ بالقمامة، وهو ما يثير غضب واستياء المواطنين؛ خوفا من انتشار الحشرات والأمراض والأوبئة. يقول محمود نادر، من سكان منطقة المحمودية: "نعاني من وجود أرض حولتها المدينة لمقلب تحرق به القمامة مما يسبب لنا أزمة صحية". ويشير إلى أن الترع التي تشق شوارع المدينة تحوَّلت إلى مقالب عشوائية لتصبح مصدرًا للأمراض والأوبئة، ورغم كل ذلك تكتفى المدينة بتنظيف شارع الكورنيش الرئيسي، متغاضيةً عن "قلب المدينة". وتعد شوارع مدينة كوم أمبو الأكثر معاناةً من أزمة القمامة، والمقالب العشوائية، بالإضافة لتكدس شوارعها بالأسواق الشعبية والتي تلقي مخلفاتها بشكل مستمر. يقول صابر حسين، رئيس المجلس المحلي للمدينة، فى تصريحات صحفية: إنَّ المشكلة تكمن في عدم وجود مشروعات لتدوير وفرز قمامة المدينة، بالرغم من أنَّها ذات جدوى كبيرة، كما أنَّ المعدات بحاجة للتطوير. وفى مدينة إدفو، فشلت المحافظة فى السيطرة على أزمة القمامة خاصة بالمناطق العشوئية. ويعترف صبري محمود، رئيس المجلس المحلي لمدينة إدفو، فى تصريحات صحفية، بأن "المعدات التي نعتمد عليها متدهورة للغاية، كما أن كفاءتها قلت وهي في حاجة لتدخل فوري. ويقول إن وضع حاويات القمامة ليس أفضل من المعدات، فهي أولاً غير كافية لأنَّ أعدادها قليلة بالنسبة لمركز ضخم مثل إدفو، كما أنَّها تهالكت مع مرور الزمن وعدم صيانتها أو تجديدها.