عاصمة أي دولة هي عنوان لها تود إبرازه وتقديمه للعالم، وإذا كانت القاهرة تفاخر عواصم العالم كله بتاريخها القديم والحديث، فإن مستوي النظافة فيها لايبدو علي المستوي المطلوب الذي نفخر به، فالكثير من أحياء القاهرة تعاني من تراكم القمامة والمخلفات، وتنتشر مظاهر القبح حتي في الأحياء السياحية والتاريخية في المدينة التي يتطلع الملايين من كل انحاء العالم لزيارتها والتعرف علي تاريخها. الشكاوي من وجود مخلفات أصبحت صداعا يوميا في رأس سكان العاصمة التي كانت يوما ما أجمل وأنظف عواصم العالم، فإذا بشوارعها تتحول إلي دليل حي علي الإهمال وانتشار المخلفات في كل مكان. بدأنا جولتنا من بعض المناطق الاثرية بالقاهرة فبدلا من استغلال هذه المناطق الاثرية اقتصاديا كمزارات سياحية نرمي فيها قمامتنا لتتحول مع مرور الوقت الي تلال من القمامة.. ففي القاهرة التاريخية خاصة في مناطق السيدة عائشة والتونسي والاباجية ومنشأة ناصر تحولت كل هذه المناطق الي اوكار للقمامة والمساجد التاريخية العتيقة، والاضرحة والاسبلة التي يفوح منها عبق التاريخ، شوهتها القمامة التي حاصرتها من كل مكان .. واصبحت اوكارا للكلاب الضالة والبلطجية، بل اصبحت مقلباً لتجمع القمامة. وتحولت منطقة قايتباي بمساجدها المميزة الي مناطق موبوءة بالقمامة ويشكو عم حسن احد سكان المنطقة من تراكم القمامة بشكل بشع داخل المساجد الاثرية، حتي امتلأت بالقمامة عن اخرها ووصلت الي الخارج، وتزاحمت فوقها الكلاب والقطط الضالة والحشرات، واصيب اطفالنا بالامراض بسبب هذه الروائح الكريهة، وابلغنا الحي ومسئولي الاثار اكثر من مرة لازالة هذه القمامة، ولكن لا حياة لمن تنادي، مضيفا ان بلطجية المنطقة ينشطون اثناء الليل ويستغلون عدم وجود امن ويدخلون الي المسجد، ويفعلون به كل ما يخالف القانون. وفي منطقة السيدة زينب منطقة المدابغ تحولت فيها الشوارع الي قنوات صغيرة من مياه الصرف الصحي والقمامة منتشرة في كل مكان الروائح الكريهة هي السمة المميزة للمنطقة وتنتشر في كل مكان فضلات الجلود والشعر والغراء، ومخلفات الصباغة محمولة علي عربات كارو. وفي المطرية طفحت صناديق القمامة حتي طرحت ما بجوفها إلي الخارج ليكون الناتج تراكم أكوام وتلال من الزبالة والقمامة، وكما يقول حسين عبد الرحمن - صاحب محل ان القمامة في كل مكان وتضيف شادية عبد السلام من سكان المطرية أنها تدفع ثمن جمع القمامة مرتين، حيث يتم تحصيلها شهريا علي ايصال الكهرباء نظير قيام عمال شركات النظافة بجمع القمامة، كما يتم تحصيل 10جنيهات في نفس الشهر لعامل القمامة الذي يتعامل معه الأهالي بعد تقاعس شركات النظافة في أداء واجبها. وفي شبرا الخيمة التي تنتمي إداريا الي القاهرة الكبري توجد كميات كبيرة من القمامة التي يتم حرقها في الميادين العامة والشوارع الرئيسية مما يشوه المظهر ويسبب الامراض للاطفال والسكان فضلا عن تلف الأشجار وانتشار سحب الدخان الكثيف الذي يغطي السماء ولا عزاء للمسئولين بالحي وفي الشارع الجديد بشبرا الخيمة يمتلئ الشارع بكميات من القمامة تشوه المظهر العام وتتسبب في انتشار الحشرات والآفات الضارة التي تجلب الأمراض والأوبئة. وهناك ظاهرة جديدة بمنطقة المنشية الجديدة بشبرا الخيمة حيث انتشرت عربات الكارو التي تجمع القمامة من المنازل بجنيهين للكيس الواحد رغم تعاقد حي غرب شبرا الخيمة مع إحدي الشركات الخاصة لرفع القمامة من الشوارع. ويشير يوسف فرحات من سكان شبرا الخيمة أن جميع اهالي المنطقة يصرخون من المعاناة التي يعيشون فيها بسبب رائحة القمامة التي تحاصر منازلهم ليل نهار مشيراً إلي أنه يجب علي المسئولين أن يهتموا بنظافة الشوارع والبيوت ويحاولون حل مشكلة القمامة التي اصبحت مزمنة. وفي حي شرق شبرا الخيمة أصبحت القمامة جزءا من الحياة اليومية لسكان هذا الحي الذي بات يعاني من تقاعس الاجهزة المحلية، والتي فشلت فشلا ذريعا في اختبار القمامة، رغم ماتبذله من جهود يومية لرفع المخلفات، فاختفت صناديق القمامة من الشوارع، وتحولت الجزيرة الوسطي بشارع 15 مايو علي بعد خطوات من مقر حي شبرا الخيمة الي مقلب القمامة، وتكتفي اجهزة الحي برفع القمامة من الشارع العمومي فقط بينما تغرق الشوارع الجانبية ومنها شوارع كبيرة مثل شارع الشعراوي وشارع ترعة الشابوري في القمامة التي تتراكم لعدة أيام حتي تغلق الطريق وتتصاعد منها الحشرات والروائح الكريهة، فلا يجد المواطنون سوي استئجار عمال علي نفقتهم الخاصة لرفع تلك المخلفات لانقاذ انفسهم واطفالهم من هذا الوباء.