تتكاتف ثلاثة عوامل تهدد بقاء ثلاثة ملايين مصري يعملون في المملكة العربية السعودية، أهمها توجهات الحكومة هناك نحو سعودة الجهاز الإداري وترحيل الأجانب وتوظيف السعوديين، ثانيا قرارات فرض مزيد من الرسوم على العمالة الأجنبية والمرافقين، وثالثا ارتفاع الأسعار بعد فرض ضريبة القيمة المضافة؛ وسط توقعات مسئولين في اتحاد المصريين العاملين بالسعودية بمغادرة نصف مليون مصري أراضي المملكة خلال الشهور القليلة المقبلة. تأثيرات سلبية ويحذر الدكتور مصطفى شاهين، أستاذ الاقتصاد المساعد بجامعة أوكلاند الأمريكية، من التأثيرات السلبية على الاقتصاد المصري حال عودة مئات الآلاف من المصريين العاملين في السعودية، مؤكدا أن عودة عشرات الآلاف فقط، نتيجة تردي الأوضاع المعيشية هناك، بعد فرض العديد من الرسوم التي تثقل كاهلهم، لها العديد من الآثار السلبية، أهمها انخفاض التحويلات، وزيادة حجم البطالة، وبالتالي انخفاض أجور العمالة، مع زيادة معدلات الاستهلاك، وهو مؤشر سلبي لأننا نستورد أكثر ما ننتج. وأضاف شاهين- في تصريحات صحفية الأحد- أنه قد تكون هناك مؤشرات إيجابية في مثل هذه الأوضاع، حال قيام العمالة العائدة بعمل مشروعات تساهم في زيادة الناتج، لكن نتيجة السياسات الاقتصادية المتخبطة وتردى الأوضاع بشكل عام في مصر، تدفع الاقتصاد نحو الانكماش، وخاصة بعد تعويم الجنيه، مما يزيد من حجم مخاطر الاستثمار في الوقت الراهن، وبالتالي فإن العائدين لن يفكروا في استثمار مدخراتهم في أي مشاريع داخل مصر. وبخصوص تأثير خروج مئات الآلاف من العمالة الأجنبية على الأوضاع الاقتصادية السعودية، يشير الباحث الاقتصادي إلى أن هذا التأثير ستكون له آثار سريعة، فالسوق السعودية ستفقد الكثير من المهارات والخبرات التي يصعب تعويضها في الأجل القصير، كما أن معظم القطاعات ستصاب بحالة ركود، مع انخفاض في الأسعار، نتيجة لسياسة العرض والطلب، وبالتالي أصحاب المشاريع سيفقدون جزءا من دخولهم. توجهات نحو السعودة وتتجه الحكومة السعودية نحو توطين العديد من الوظائف أو ما يطلق عليه "السعودة"، لتوفير وظائف للمواطنين على حساب العمالة الوافدة وفي وظائف لم يكن يقبل عليها السعوديون من قبل، وهو ما سيؤثر على العمالة الوافدة، ومنها العمالة المصرية التي تبلغ عددها في المملكة 2.9 مليون مصري، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، حيث توقع مسئولون في اتحاد المصريين العاملين بالسعودية، مغادرة حوالي نصف مليون مصري أراضي المملكة خلال الشهور القليلة المقبلة. وبدأت وزارة العمل السعودية، اليوم الأحد، تطبيق قرار قصر العمل في منافذ تأجير السيارات في مناطق المملكة كافة على السعوديين، لتوفير 21 ألف وظيفة للمواطنين. وقالت الوزارة في بيان: إن "المهن المشمولة بقرار توطين منافذ تأجير السيارات هي: المحاسبة، والإشراف، والمبيعات، والاستلام والتسليم". ووفقا لاتحاد المصريين العاملين في السعودية, فإن المصريين يسيطرون على 80% من إجمالي العاملين بقطاع تأجير السيارات والبالغ عددهم 25 ألفا تقريبا. ولم يقتصر تأثر العمالة المصرية على "سعودة" تأجير السيارات فقط، بل يمتد إلى 12 مهنة أخرى تستهدف وزارة العمل السعودية توطينها، فضلا عن القرارات الأخرى التي طالت العمالة مثل رفع رسوم العمالة الوافدة وحالة الركود التي يشهدها قطاع التشييد والإنشاءات. رفع رسوم الإقامة وكانت السلطات السعودية فرضت اعتبارًا من يوليو الماضي رسوما بواقع 100 ريال شهريا على كل مرافق للعمالة الوافدة، ترتفع ل200 ريال في يوليو 2018، حتى تصل في 2020 إلى 400 ريال في الشهر، بالإضافة إلى فرض رسوم على العمالة الوافدة، بواقع 400 ريال شهريا، في 2018، ترتفع إلى 600 ريال 2019، ثم 800 ريال 2020. من جهته يؤكد مدير بإحدى شركات إلحاق العمالة بالخارج، وجود حالة ركود ضربت حركة أسواق العمل الخارجية، في كافة التخصصات، نتيجة الإجراءات التي اتخذتها بعض الدول الخليجية في الفترة الأخيرة وخاصة السعودية. ويضيف مدير الشركة الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن الطلب على العمالة المصرية انكمش بمعدل 80% هذا العام بالمقارنة بسنوات سابقة، نتيجة الأزمات الاقتصادية التي ضربت الأسواق الخليجية، موضحا أن آلاف العائدين سيمثلون ضغطا كبيرا على سوق العمل في مصر، إن لم يحصلوا على فرص عمل في أسواق خارجية أخرى، متوقعا عدم اتجاه العائدين للاستثمار في مصر نتيجة حالة الركود التي تضرب الاقتصاد المصري بشكل عام "الدنيا مش شغالة"، على حد قوله. وفي يناير الماضي أصدرت وزارة العمل والشئون الاجتماعية السعودية، قرارا بقصر العمل في 12 نشاطا على السعوديين فقط، تتضمن محلات: الملابس الجاهزة والأطفال، الأثاث المنزلي والمكتبي، الأواني المنزلية، السيارات، الدراجات النارية والمستلزمات الرجالية، الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، الساعات والنظارات، الأجهزة والمعدات الطبية، مواد الإعمار والبناء، قطع السيارات، الحلويات، السجاد بكافة أنواعه. وحددت الوزارة تطبيق القرار على 3 مراحل من أكتوبر 2018 وحتى يناير 2019. وتوقع تقرير للبنك السعودي الفرنسي بأن يصل عدد المرافقين الذين سيغادرون المملكة حتى عام 2020 إلى نحو 670 ألف شخص، بمعدل 167 ألف شخص سنويا، مشيرا إلى أن رسوم المرافقين ستوفر نحو 20 مليار ريال، حتى عام 2020.