ألقى تحذير جامعة الدول العربية من مخاطر السرقات الإسرائيلية للمياه العربية -التى تهدد الأمن القومى للمنطقة- الضوء على المخاطر التى أصبحت تهدد قيام الدولة الفلسطينية، مع تزايد التقارير التى تتحدث عن شح المياه فى المدن الفلسطينية، فى ظل استهلاك المستوطن الإسرائيلى لستة أضعاف ما يستهلكه الفلسطينى، وهو ما يهدد الحلم الفلسطينى بإقامة دولة مستقلة ذات سيادة؛ لأنه لا يمكن الحديث عن ذلك ومنابع المياه تحت سيطرة الاحتلال الذى يسعى إلى تهجير الفلسطينيين بسرقة مصدر الحياة. وقال د. نبيل العربى -الأمين العام للجامعة العربية، فى كلمة أمام أعمال الدورة الخامسة لمجلس وزراء المياه العرب التى اختتمت أعمالها الخميس الماضى-: "إن التحديات التى تواجه قطاع المياه فى الدول العربية عديدة ومتشعبة، خاصة فى ضوء التغيرات المناخية وظاهرة الجفاف التى تجتاح بعض المناطق فى العالم، منها المنطقة العربية؛ مما يحتم التعامل مع هذه المتغيرات فرديا وجماعيا بكل سرعة وجدية ومهنية". وبدأت إسرائيل سرقة المياه العربية منذ تأسيسها، حين عرض "تيودور هرتزل" مؤسس الصهيونية على الحكومة البريطانية فكرة توطين اليهود فى سيناء واستغلال ما فيها من مياه جوفية، والاستفادة من بعض مياه النيل، ورفضت الحكومتان المصرية والبريطانية هذا المشروع. وفى أعقاب حرب 1967 سيطرت إسرائيل على مصادر المياه العربية الرئيسية فى المنطقة، وهى حوض نهر الأردن الأعلى الذى ينبع من لبنان وسوريا، وحوض نهر اليرموك المشترك بين الأردن وسوريا، والخزانات الجوفية الضخمة تحت الضفة الغربيةبفلسطين والمعروفة بخزان الجبل وبئر الجبل. ولم ينصرف الاحتلال يوما عن البحث فى وضع مخططات ورسم السياسات للسيطرة على أكبر حجم ممكن من المياه العربية؛ الأمر الذى يفسر مسار جدار الفصل العنصرى؛ حيث سيمكن الإسرائيليين من سرقة أهم الأحواض المائية الفلسطينية فى الضفة الغربية، تاركا الفلسطينيين فى عجز وشح كبيرين، فى ظل زيادة سكانية عالية تزيد عن 3.5% سنويا، الأمر الذى سيؤدى إلى تعطيش الفلسطينيين واتساع ظاهرة التصحر، ومن ثم احتمالات طرد قسرى للآلاف منهم بطرق غير مباشرة. تهجير الفلسطينيين وتعد سرقة المياه وسيلة من وسائل الاحتلال لتهجير الفلسطينيين؛ لأنها تقضى على مصدر الحياة الرئيسى بالنسبة لهم، ومن ثم تنعدم الحياة فى مناطقهم وبلداتهم، فرغم ندرة المياه فى فلسطين بشكل عام مقارنة بالنمو السكانى المرتفع فإن أزمة المياه بين الفلسطينيين أخذت منحى خطيرا بعد عام 1967، واتسعت لتشمل عددا من الدول العربية، خاصة بعد سيطرة إسرائيل على مياه نهر الأردن والحاصبانى وغيرهما، وفى سوريا بانياس وجبل الشيخ، كما سيطرت على جميع الأحواض المائية فى فلسطين. واستطاعت إسرائيل السيطرة على 81% من حجم مصادر المياه الفلسطينية خلال الفترة (1967-2009)، حيث تشير الدراسات إلى أنه فى حين يحتاج فلسطينيو الضفة إلى 150 مليون متر مكعب سنويا من المياه، فلا يتوفر لهم سوى 50% فقط. ومع الارتفاع المستمر لسكان الضفة الذين وصلوا لأكثر من 5 ملايين فلسطينى عام 2012، يزداد الطلب على المياه، وأدت الأوضاع التى خلفتها سياسات الاحتلال إلى حدوث مشكلة صحية بسبب تلوث مصادر المياه نتيجة السحب الزائد للمياه، الذى يؤدى إلى دخول المياه العادمة للمياه المستعملة، وتشير الدراسات إلى أن إسرائيل تستهلك حاليا أكثر من 90% من المياه المتجددة سنويا لأغراض الاستهلاك المختلفة المنزلية والزراعية والصناعية. سياسات إسرائيل المائية إزاء الفلسطينيين تشير إلى قرب شبح العطش والجوع فى أفق الفلسطينيين، فهى تسعى إلى القضاء على الحلم الفلسطينى فى إقامة دولتهم المنتظرة بالسيطرة على مصادرهم الطبيعية وفى مقدمتها شريان الحياة.. المياه.