أنا أم لثلاثة أطفال فى المرحلة الابتدائية، وفى هذا التوقيت من كل عام أشعر بضغط نفسى رهيب بسبب قرب امتحانات آخر العام، ولأنى المسئولة عن المذاكرة مع أطفالى والحفاظ على تفوقهم الدراسى، يزيد على هذا العبء مع مسئوليات البيت والعمل أيضًا، مما يدخلنى فى حالة من التوتر والإرهاق المتكرر التى تستمر لمدة شهر كامل أكاد أفقد فيه أعصابى حتى تمر الامتحانات بسلام. فماذا افعل ؟ وجزاكم الله خيرا. تجيب عن هذه الاستشارة ،هدى سيد ،المستشارة الأسرية، فتقول: عزيزتى الأم الطيبة أهلا وسهلا بك على صفحتنا، وأدعو الله أن يعينك على ما تتحمليه، وأن يسعدك ويقر عينك بزوجك وأبنائك وتكونوا دومًا فى أفضل حال إن شاء الله. فى البداية أود منك يا أختى الكريمة أن تعلمى أن هذا حال آلاف الأسر والأمهات فى مثل هذا التوقيت من العام، فهم يمرون بفترة الامتحانات أيضًا ولكن ليس من المعقول أن نفقد أعصابنا وهدوءنا النفسى حتى ننهى الامتحانات بسلام. فعن أى سلام نتحدث وقد فقدنا نحن سلامنا النفسى لمجرد أن نعبر بأولادنا امتحانات مرحلة دراسية. فضلًا عن ضغوط البيت والعمل التى لا تنتهى، فمن أين لكى بكل هذه الدرجة من التحمل والهدوء الذى تعبرين به حياتك وهى ما زالت فى بدايتها؟ أختى الكريمة أود منك أن تبسطى الأمور على نفسك قدر المستطاع، وأن تواجهى كل الضغوط التى تحيط بك، وتؤكدى لنفسك دومًا أن كل شيء سينتهى، فالأيام تمر والعام الدراسى أوشك على الانقضاء، والامتحانات على الأبواب، فلا يمكن أن تستقبليها بهذا الكم من الضغط النفسى الذى لن يؤثر عليك أنت فقط، بل سيصيب زوجك وأولادك أيضًا. وإن كنت قرأت من بين سطور رسالتك أنك بحكم مسئوليتك عن الاستذكار مع الأولاد والحفاظ على مستواهم الدراسى المرتفع، تحملين نفسك هذا الضغط خوفًا من تغير مستوى الأبناء أو نزولهم عن درجة التفوق التى اعتدت منهم عليها. عزيزتى الحياة مليئة بالمشاكل والضغوط، ولا تتحمل أن نضيف إليها أعباء نفسية أخرى، ولا يعنى كلامى أن نهمل مسئوليات البيت والأبناء والعمل، ولكن هذه هى الحياة لا تخلو من المنغصات التى تصيب الجميع ولا تستثنى أحدًا، ولكن الإنسان العاقل المبصر بحقيقة الأمور يتقبلها بقدر كبير من الرضا والهدوء والصبر والاحتساب والدعاء لله عز وجل أن يعينه ويقويه على أداء ما عليه من تكاليف ومسئوليات. أختى الفاضلة حاولى أن تعملى بالنصائح التالية وأضيفى عليها من عندك ما يناسب ظروفك وأسرتك حتى تخففى من عبء هذه الضغوط، ولا تشعرى بكل هذا القدر من المعاناة: - استعينى بالله أولًا ليدبر لكى حالك، وعليكِ بكثرة الصلاة والذكر والاستغفار، والدعاء ففيها الراحة والسعادة والنجاة. - تحديد الهدف وتنظيم الوقت وتوزيع المسئوليات والمهام من أهم الوسائل التى تساعدك على النجاح، فلا تتركى نفسيك وبيتك فريسة للإهمال والفوضى وعدم تقدير قيمة الوقت، فرُب تركيز ساعة واحدة يكون أكثر خير وبركة وفائدة من يوم كامل. - أطلبى من زوجك أو من لديهم القدرة على الاستذكار مع أطفالك وتثقين فيهم من الناحية الأخلاقية والمهنية أن يساعدك فى مراجعة المواد الخاصة بكل مرحلة، فهذا من شأنه تخفيف الحمل عنك بشكل كبير. - من الطبيعى أن يكون الأولاد قد انتهوا من مذاكرة جميع المواد الدراسية، ولا يتبقى سوى المراجعة المركزة وحل الكثير من التدريبات والتمارين التى تفيد فى تجميع المعلومات فى أذهانهم بشكل أفضل. - عليك يا عزيزتى ألا تستسلمى لهذه الدوامة من الضغوطات حتى لا تخسرى صحتك النفسية والذهنية والجسدية على المدى القريب، وعليكِ أن تجاهدى نفسك بقدر الإمكان حتى تحتفظى بهدوئك واتزانك النفسى، فلا داعى للغضب والصراخ فى وجوه الأطفال والتهديد المستمر لهم إذا تقاعسوا عن المراجعة لأى سبب حقيقى كشعورهم بالتعب أو الملل أو النعاس. - دورك كأم حنون أن تضاعفى من رسائل الحب المرسلة إلى صغارك، بالكلام والضم والقبلات الحانية والربت على الكتف والحديث بصوت هادئ مع النظر مباشرة إلى وجه طفلك وأنت تتحدثى معه، مما يشعرهم بمدى حبك واحتوائك وحنوك عليهم. - احرصى أختى الكريمة على توفير جو هادئ ومناسب للمذاكرة، بعيدًا عن المؤثرات التى تشتت انتباه الصغار كالتليفزيون والإنترنت، وكذلك امنحيهم وقتا ً للراحة والترويح الخفيف حتى يقبلوا على المراجعة بنشاط وحماس. - اهتمى أيضًا بالطعام الصحى المفيد وعلى رأسه الأكل البيتى وخاصة الأسماك و المأكولات البحرية وتجنبى الوجبات الجاهزة والمشروبات الغازية والعصائر المعلبة التى تضر أكثر مما تفيد، وقدمى لصغارك الفاكهة والخضروات الطازجة وعصائرها الطبيعية التى تمدهم بالطاقة والحيوية مما يزيد من قدرتهم على التركيز ولا يشعرون بالتعب والإرهاق بسرعة. - يجب أن تعلى دومًا من قيمة طلب العلم النافع فى حياة أطفالك منذ الصغر، ولا تحصرى أهدافكم أنتِ ووالدهم فى تفوقهم الدراسى فقط، لأن عملية التربية السوية هى منظومة متكاملة ومتوازنة وشاملة لجوانب حياتية عديدة، كمنظومة الأخلاق والقيم التى يتعلمها الصغار والتفوق على المستوى الشخصى والعلاقات الإنسانية والاجتماعية، والتفوق الرياضى وإتقان هوايات نافعة وغيرها مما يجعل من أبنائك أشخاصا أسوياء ونافعين لأنفسهم ولأوطانهم. مع خالص دعواتى لكِ بتيسير الحال وراحة البال، والنجاح والتفوق لأبنائك فى كل مجالات الحياة، ولأسرتك بالسعادة فى الدنيا والآخرة إن شاء الله تعالى.