أرجع خبراء سياسيون تحالف بعض الأحزاب والقوى السياسية الليبرالية مع القوى المحسوبة على النظام البائد "الفلول" إلى أن هذه الأحزاب تعانى من الضعف الكبير فى كوادرها المؤهلة أو قواعدها الشعبية، فى ظل افتقارها للقدرات التنظيمية، والمادية أيضا، وهو ما دفعهم للبحث عن أى مؤيدين أو أنصار لهم، حتى يحاولوا جمع شتاتهم والعمل على إظهار أن لهم قوة ووجودا فعليا فى الشارع، إلا أن هذا الأمر فى حقيقته سيضعفهم وسيؤدى لتراجعهم، ويجعل مصداقيتهم على المحك، خاصة أنهم يضعون أنفسهم فى خانة أعداء التيار الإسلامى. وأوضحوا أن تلك الأحزاب التى تستعين بالفلول تعانى من نقص الخبرة الميدانية، وليس لها أرضية جماهيرية أو وجود حقيقى فى الشارع، وهو ما جعلها فى النهاية تتحالف مع قوى النظام السابق، حتى تعوض الفرق بين وزنها النسبى الضعيف والوزن النسبى القوى والكاسح للتيارات الإسلامية. "الحرية والعدالة" ترصد من خلال هذا التحقيق الأسباب الحقيقية لتحالف الليبراليين واليساريين مع فلول النظام السابق. فى البداية، أوضح مجدى أحمد حسين -رئيس حزب العمل الجديد- أن هناك الكثير من الأحزاب الليبرالية والعلمانية مخترَقة من قِبل القوى المحسوبة على النظام البائد، التى تعرف ب"الفلول"، مشيرا إلى أن ما تسمى بجبهة الإنقاذ الوطنى اعترفت على لسان منسقها العام الدكتور محمد البرادعى -رئيس حزب الدستور- بأن القوى العلمانية والفلول اختاروه قائدا لهم فى مواجهة الإسلاميين، ومن ثم فقد أصبح تحالفهم مع الفلول أمرا علنيا ويعدونه شرعيا، من وجهة نظرهم. وأرجع حسين تحالف بعض الأحزاب الليبرالية واليسارية مع الفلول إلى الضعف السياسى الكبير الذى تمر به تلك القوى، حيث إنهم يحاولون جمع شتاتهم والعمل على إظهار أن لهم قوة ووجودا على أرض الواقع، إلا أن هذا الأمر فى حقيقته سيضعفهم وسيؤدى لتراجعهم ويجعل مصداقيتهم على المحك، خاصة أنهم يضعون أنفسهم فى خانة أعداء التيار الإسلامى. أما الدكتور رفيق حبيب -المفكر القبطى- فيقول: إن القوى العلمانية تتجه إلى الاحتماء بمؤسسات الدولة، لتعويض الوزن النسبى لها مع القوى الإسلامية، وهو ما جعلها فى النهاية تتحالف مع قوى النظام السابق، حتى تعوض الفرق بين وزنها النسبى والوزن النسبى الكبير والكاسح للقوى الإسلامية. وقال حبيب: عندما وجدت القوى العلمانية أن حضورها الانتخابى متراجع عن حضور القوى الإسلامية، لجأت لمؤسسات الدولة غير المنتخبة، حيث لجأت أولا إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، حتى تستقوى به على القوى الإسلامية، ثم إلى مؤسسة القضاء، التى وجدت فيها حليفا حقيقيا بعد انتهاء دور المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وأشار إلى أن القوى العلمانية لجأت إلى مؤسسة الأزهر، لكبح القوى الإسلامية، وظلت تحتمى بوثائق الأزهر، وعندما تم تحكيم الأزهر فى تفسير مبادئ الشريعة الإسلامية، ووافقت القوى العلمانية والكنيسة على تفسير الأزهر، انسحب الجميع فجأة؛ لأنهم أدركوا أن تفسير الأزهر لمبادئ الشريعة الإسلامية، يمنع تفريغها من مضمونها. من جانبه، يرى الدكتور يسرى العزباوى -الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية- أن جبهة الإنقاذ مختلفة فيما بينها حول ضم فلول لتحالفها، فهناك قطاع رافض بينما هناك آخرون مؤيدون وبشدة، لافتا إلى اعتراف عبد الغفار شكر - رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراك- فى تصريحات له، أن شباب جبهة الإنقاذ رافضين لاستمرار عمرو موسى -رئيس حزب المؤتمر المصرى- والسيد البدوى -رئيس حزب الوفد- فى تحالف جبهة الإنقاذ؛ لأنهم محسوبان على ما يعرف إعلاميا ب"الفلول"، وهذا أحد الدلائل على أن الجبهة لن تظل متماسكة، وسوف تنقسم خلال الأيام المقبلة مع قدوم انتخابات مجلس النواب. وأضاف العزباوى أن هناك تباينا واختلافا كبيرا بين أعضاء الجبهة فى المواقف والرؤى، خاصة أنه من المعروف حينما يكون هناك أكثر من قائد لأى عمل فإنه يبوء بالفشل، مؤكدا أن الفلول أحد الأسباب الرئيسية التى قد تؤدى لإفشال تحالف جبهة الإنقاذ. وأوضح أن من بين الأسباب التى دفعت جبهة الإنقاذ أو بعض الأحزاب الأخرى للتحالف مع الفلول، خاصة فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، هو عدم وجود كوادر مؤهلة أو قواعد لتلك الأحزاب، إضافة إلى أنها تنقصها الخبرة بشكل كبير فى أى عمل جماهيرى، خاصة فى الانتخابات، فضلا عن ضعف تلك القوى التى تفتقد الكثير من القدرات التنظيمية والمادية أيضا فى وقت يبحثون فيه عن أى مؤيدين أو أنصار لهم. بدوره، أوضح الدكتور محمد مصطفى –منسق عام اتحاد ثوار مصر– أن المال السياسى الفاسد الذى جمعه أعضاء الحزب الوطنى المنحل فى عهد النظام البائد يستغلونه الآن لإفساد الحياة السياسية من خلال اختراق الأحزاب الضعيفة، مشيرا إلى أنه باستقراء نشأة الأحزاب الجديدة بعد الثورة وقراءة تاريخ الأحزاب القديمة، نجد أن هناك عددا كبيرا منها ليس له شعبية على الأرض أو قاعدة جماهيرية تقوّى موقفه. وأوضح مصطفى أن هناك أحزابا لها تاريخ طويل من النضال السياسى والحزبى منذ فترة طويلة، خسرت رصيدها فى الشارع المصرى من بعد الثورة، خاصة الفترة الأخيرة بعد سماحها لأعضاء من الحزب الوطنى المنحل ورجال أعمال النظام البائد باختراق الحزب من الداخل من أجل تحقيق مكاسب سياسية، موضحا أن هذه القيادات ارتدت رداء الثورة دون أن يكون لها أى دور فى الثورة. وأضاف أن فلول النظام البائد تسعى إلى إفساد الحياة السياسية من خلال اختراق عدد من الأحزاب السياسية الضعيفة، التى تفتقد لكوادر حزبية كبيرة، موضحا أن أعضاء النظام البائد يضعون شبه خطة من أجل إحكام سيطرتهم على هذه الأحزاب لإفشال الحياة السياسية، وتمرير مصالحهم، لافتا إلى أنهم أصحاب مشروعات استثمارية كبيرة وقنوات فضائية إعلامية يتم استخدامها من أجل ضمان وجود مصالحهم وإضعاف السلطة القائمة تحت راية مناصرة الثورة. وتمنى مصطفى فى الوقت ذاته وجود أحزاب سياسية شبابية جديدة تعمل على إثراء المشهد السياسى، مؤكدا أن تنمية مصر والارتقاء بها لن يكون دون نهضة حقيقية إلا بسواعد شبابها ودفع دماء جديدة تؤمن بحتمية التغيير فى سبيل تحقيق نهضة تنموية شاملة.