من حق الأحزاب والقوى السياسية والوطنية والثورية بل من حق أى مصرى تأييد أو معارضة الإعلان الدستورى الصادر من رئيس الجمهورية، أو أى قرار يصدر من أى جهة رسمية أو سياسية، والتعبير عن رأيه بالوسائل السلمية، فهذه هى الديمقراطية التى ننشدها جميعا، ونسعى لإرساء دعائمها وتوطيد أركانها بعد ستة عقود من القهر والظلم والاستبداد وقمع المعارضين وتلفيق القضايا لهم، ومحاكمتهم أمام محاكم عسكرية واستثنائية، والزج بهم فى السجون والمعتقلات، وسحلهم وممارسة كافة ألوان التعذيب والتنكيل بهم وأسرهم، وهناك الآلاف الذين قتلوا فى سلخانات أمن الدولة والسجون الحربية وطره وأبو زعبل والواحات وداخل مراكز الشرطة، وهناك من دفنت جثثهم فى الصحراء وأبلغ عنهم هروبا من السجون، وهناك من اختفوا ولم يعرف مصيرهم حتى الآن، وهذه ملفات يجب إعادة فتحها من قبل النيابة العامة والمنظمات الحقوقية الوطنية -لا الممولة من الخارج وتعمل وفق أجندات معروفة- لتكون شاهدة على عصور الظلم والقهر والاستبداد، ويقدم من تورطوا فى هذه الجرائم التى لا تسقط بالتقادم إلى محاكمات عادلة لنيل جزائهم، ولا أعرف مصير اللجنة الشعبية التى أعلن عن تشكيلها من بعض المحامين والنشطاء الحقوقيين لجمع بيانات ومعلومات موثقة وشهادات حية عن التعذيب وإهدار حقوق الإنسان فى عهد المخلوع وإعداد ملفات عنها وتقديمها إلى جهات التحقيق. ولكن ليس من حق أحد أن يفرض وصايته على الشعب المصري، وينصب نفسه متحدثا باسمه، ويوزع صكوك الوطنية والنزاهة على البعض ويرمى الآخرين بالخيانة وعدم الوطنية، هذه أساليب عقيمة ممقوتة مكشوفة، أسقطها الشعب المصرى من حساباته، وترتد هذه الاتهامات إلى من يتفوهون بها، وليس من حق أى قوى سياسية أو وطنية أن تتحدث باسم المصريين، أو الإعلان أنها تحتكر ميدان التحرير وكأنها اشترته "تمليك" أو وتعلق إعلانات ممنوع دخول هؤلاء أو "هؤلاء"، فمن أنتم حتى تمنعوا دخول أى مصرى مهما كان اتجاهه أو ميوله ميدان التحرير أو غيره من ميادين مصر؟ ومن نصَّبكم أوصياء على المصريين وأنتم فشلتم فى الحصول على ثقة الشعب فى انتخابات حرة شهد الجميع -داخليا وخارجيا- على نزاهتها وشفافيتها؟ ومن هذه القوى الثورية والوطنية المجاهدة المناضلة الشريفة التى تقبل أن تتعاون مع الفلول ومن شاركوا فى قتل الثوار ومن وضعوا أنفسهم فى خدمة النظام البائد وكانوا جواسيس ومخبرين وكتبة تقارير عن الرموز والقوى الوطنية والسياسية لمباحث أمن الدولة؟ لقد ارتكبت "بعض" القوى والشخصيات الوطنية التى نكن لها كل التقدير والاحترام خطأ جسيما وفادحا عندما قبلت أن تضع نفسها فى موقف واحد مع قوى معروفة بعدائها للثورة والثوار، ولم تخف حقدها وكراهيتها لثورة 25 يناير، وتدبر وتنفذ المخططات الإجرامية ضد أمن واستقرار مصر، لإعادة استنساخ نظام المخلوع من جديد، وظهرت مواقفها بجلاء عندما تكتلت خلف أحد أركان نظام مبارك فى انتخابات الرئاسة "أحمد شفيق"، وأنفقت الملايين لشراء الذمم والأصوات، واعتبرت أنها فرصتها السانحة للانقضاض على الثورة، وتمتلك الملايين بل المليارات التى تنفقها لشراء الذمم، وإطلاق الفضائيات وإصدار الصحف وتدشين المواقع الإلكترونية لإثارة البلبلة ونشر الأكاذيب والسب والقذف ليل نهار فى كل من يرونه حجر عثرة أمام مخططاتهم. إن ما حدث من عمليات اقتحام وحرق وسرقة واعتداءات إجرامية على منشآت ومبان عامة ومدارس ومقرات حزبية، سلسلة من هذه المخططات، تستهدف فى الأساس وقوع المزيد من الدماء والشهداء، وترويع الناس وإثارة القلق لديهم وتخويف المستثمرين، وتعطيل حركة الإنتاج، وقبل كل ذلك تعميق الفرقة بين أبناء الشعب الواحد. فلا يمكن أن يكون ثوريا أو مناضلا أو مجاهدا أو محبا لبلده من يعتدى على مرفق عام، أو يلقى بقنابل المولوتوف الحارقة على منشآت ملك للشعب أو الأفراد، أو يقطع طريقا أو يعطل مصالح العباد، أو يكون أداة هدم وتخريب، ولا يمكن أن يكون الثورى سبابا أو شتاما أو مرددا لألفاظ بذيئة تحقر من قدر الآخرين وتنال منهم، وتقدح فيهم، فالثورى هو الذى يخرج دفاعا عن دينه ووطنه وحماية حقوق الناس والتيسير عليهم وكسب ودهم، الثورى هو الذى يقول رأيه بكل قوة ولا يخاف فى الله لومة لائم، ولكن لا يعتدى ولا يخرب ولا يسكت على جرائم عدوان على الأنفس والأموال والأعراض. لقد وضعت بعض القوى والشخصيات السياسية المحترمة أنفسها فى مواقف غير مقبولة على الإطلاق عندما صمتت وسكتت على جرائم حرق بعض مقرات حزب الحرية والعدالة، والاعتداء عليها والسطو على ما فيها، وصمتت بعض هذه الشخصيات وهم يسمعون من يردد بجوارهم وفى مكان تجمعهم هتافات بذيئة وسب وشتم لرموز وطنية بل بعضهم انتشى وهو يسمع هذه البذاءات، وهناك من تورط فى أكثر من ذلك عندما طلب جهارا نهارا عبر حسابه الرسمى والمعتد على "تويتر" بتدخل أمريكى وغربى ضد الرئيس مرسى، بل قال إنه ينتظر تدخلا عاجلا من الخارج ضد الرئيس، وهناك من دعا على صفحته بمواقع التواصل الاجتماعى إلى النزول لحرق مقرات الإخوان وحزب الحرية والعدالة. فماذا ينتظر هؤلاء من تصرفاتهم غير المزيد من العنف الذى سيطالهم قبل غيرهم، وسيدفعون هم ثمنه قبل غيرهم، والتاريخ يشهد بذلك ويسجل هذه المواقف المخزية للبعض وسيكون حسابهم من الشعب المصرى؟ إن دم الشهيد إسلام فتحى مسعود، أحد شباب الإخوان، الذى قتل فى أثناء دفاعه عن مقر جماعة الإخوان بدمنهور على يد بلطجية مأجورين من فلول ومتعصبين حمقى من عناصر حزبية لن يذهب هدرا وسيقتص لإسلام من قتلته ومن حرضوا على اقتحام وحرق المقرات، وسيقتص من قتلة الشاب الشهيد جابر صلاح جابر الشهير "جيكا" ومن كل يد امتدت إلى مصرى وألحقت به ضررا أو أذى أو إصابة، وإذا كان "البعض" يراهنون على ردود أفعال عنيفة من شباب الإخوان عند اقتحام مقراتهم الحزبية فإنهم واهمون؛ لأن الإخوان وشبابهم وأعضاء الحرية والعدالة يعرفون جيدا هذه المخططات ويدركون أبعادها؛ لذلك يتعاملون مع هذه الأحداث بحكمة وحنكة ومن خلال الجهات المسئولة. من قتل "إسلام" و"جيكا" يا أستاذ حمدين صباحى ويا دكتور البرادعى ويا أستاذ عمرو موسى هم من سكتوا والتزموا الصمت على اقتحام مقرات الإخوان والحرية والعدالة وإضرام النار فيها، والدائرة قطعا ستدور على المعتدى والمحرض والساكت والصامت والشامت، وسينكشف كل من مول وحرض وحفز على هذه الجرائم.