لماذا نحلم؟ وهل لأحلامنا معنى؟ وهل يمكن تفسير الأحلام وربطها بالواقع؟ وهل للأحلام أى تأثير على الحالة النفسية للفرد؟ وهل يوجد بشر لا يحلمون؟ وما أسباب الكوابيس؟ وهل يمكن التخلص منها؟ وهل للأحلام تأثير على النوم؟ وغيرها من الأسئلة التى طرحها الفيلم الوثائقى "لماذا نحلم؟" وأجاب عنها. فقد بدأ الفيلم الذى أنتجته هيئة الإذاعة البريطانية"BBC" وتمت ترجمته للعربية فيما بعد بفتح باب غرفة داكنة اللون وكأنها مخ الإنسان، وبإغلاق الغرفة نفسها انتهت أحداثه، وما بين فتح الباب وإغلاقه طرح هذا الوثائقى العديد من الأسئلة ومنحنا الكثير من المعلومات التى قد تغير نظرتنا للأحلام إلى الأبد. كشف الفيلم أن كثيرا مما كنا نظن أننا نعرفه عن عالم الأحلام لم يعد صحيحا وأن الأحلام ليست مجرد تصورات أو خيالات، ولكنها تلعب دورا مهما فى حياتنا جميعا، لما لها من تأثير على ذاكرتنا، وقدرتنا على التعلم، وصحتنا النفسية، والأكثر غرابة أن تكون الكوابيس أيضا مفيدة لبقاء جنسنا البشرى. وذلك لأن العلم اكتشف أن الأحلام تمثل العديد من الأشياء؛ فهى تقوم بدور جهاز متطور ومهم بواسطة عقولنا لكى يساعدنا على تقوية وتعزيز ذكرياتنا وهى وسيلة لحل مشاكلنا وتساعدنا على الصمود والبقاء، فأثناء الليل الطويل عقولنا تعدنا لمواجهة النهار القادم وهنا يتم تدريبنا خلال الليل ونحن نائمون ونحصد ثمرة التدريب حتى إذا كنا لا نعلم ونحن مستيقظون أنه يتم تدريبنا طوال الليل، وتكمن قيمة هذه الأحلام فى أنها نوع مختلف من التفكير لأنها تكون أكثر بديهية ومرئية كنوع من التفكير. وفى ثقافتنا نضيع الكثير من الوقت فى هذا النوع من التفكير المنطقى المستقيم، ولذلك فالمنفعة الرئيسية تكمن فى تقديم وجهة نظر مختلفة فى كيفية التعامل عادة مع الأمور؛ فالمخ يعمل على توضيح أهمية ومعنى الأحداث التى نمر بها خلال اليوم، وكيف تتوافق هذه الأحداث مع أحداث قديمة من الماضى؟ وما الذى يمكن أن تعنيه هذه الأحلام بخصوص المستقبل، فإذا كان هذا النوع من معالجة الأمور فعالا -كما يجب أن يكون- فبذلك تخبرنا أحلامنا عما هو مهم بالنسبة لنا وبما قد تعنيه هذه الأحداث فى حياتنا فى تلك الليلة. وقد كشف الفيلم عن أن الأحلام هى عالم استثنائى وغريب ومذهل وملىء بالأسرار؛ فعلى مر التاريخ كانت الأحلام مصدر بعض الأفكار الضخمة، وظن الناس أن الأمر له علاقة بالأشياء الروحانية رغم أن الأحلام كانت سببا فى منح جائزتى نوبل واختراع اثنين من الأدوية الرئيسية والعديد من الاكتشافات العلمية الأخرى، ولم يبدأ اكتشاف ذلك العالم إلا منذ 55 عاما -على حسب ما جاء بالفيلم- بعد أن قام عالم النوم الأمريكى "ناثاننيل كليتمان" بدراسة العقل الحالم عبر سلسلة من التجارب المتطورة والاختبارات اللافتة للنظر والقصص الشخصية. فقد قام بقياس نشاط الموجات الدماغية للأشخاص محل التجربة وهم نائمون، وبدلا من رؤية الصورة السلبية التى توقعها العلماء وجدوا أن الموجات تبدو عالية ولكن بعد وقت ليس طويلا تصبح ذات سعة منخفضة وسريعة مرة أخرى، وكأنهم مستيقظون، ولذلك يبدو أنه وأنت نائم يقوم المخ بالتبديل بين حالات مختلفة ومراحل مختلفة من النوم وبعض هذه المراحل تبدو وكأن الإنسان مستيقظ تماما. حيث لا حظ "كليتمان" أن أعين النائمين ترمش خلال النوم وأسماها علميا بحركة العين السريعة ووجد الباحثون أنهم عندما يقومون بإيقاظ الشخص محل التجربة فوجئوا بقوله إنه كان يحلم، ومن هنا نجح العلماء فى تحديد ميعاد الحلم بالضبط ووجدوا أن تأثير النوم مع حركة العين يأتى بأثر عكسى على أجسادنا، فى الوقت الذى تهبط فيه حركة العضلات تماما إلى الصفر ليصبح النائم مشلولا وظيفيا، وقد استعانت فرق البحث بالعديد من القطط والكلاب لإجراء عمليات جراحية وتم تصويرها وعرضها فى الفيلم؛ حيث قاموا بإزالة الجزء المسئول عن التسبب فى شلل العضلات أثناء النوم وهو ما نتج عنه تجولهم أثناء النوم وكأنهم يقومون بسلوك طبيعى فى أوقات طبيعية مثل التربص بالفريسة وهكذا. وبالإضافة إلى كشف وتفسير أحلامنا فقد تطرق الفيلم أيضا إلى جوانب جديدة يمكن للعلماء إذا استمروا فى هذا الطريق أن يقدموا للبشرية نوعا من الكشف العلمى الكبير وهو خاص بكيفية استخدام الأحلام والكوابيس فى علاج بعض الحالات المرضية بواسطة التحفيز المعلوماتى، ولذا فإن هذا الفيلم المثير زاخر بالمفاجآت حول العلاقة بين الواقع والأحلام للوصول إلى أفضل الحالات الإنسانية وهى "الحلم الواعى" كما حدث مع "ستيفن لابرج" العالم الشهير.