د. وصفى عاشور أبو زيد رئيس مركز بناء للبحوث والدراسات كتبت يوم الثلاثاء قبل الماضى مقالى الأسبوعى بعنوان: "من بدّل دينه فاحترموه"، وهى عبارة أوردها كتاب التربية الوطنية للصف الثالث الثانوى ص 64، وطالبت بتصحيح هذا الخطأ وإصدار قرار بشأنه، وتنبيه الطلاب له، ومحاسبة من وقع فى هذا الخطأ المركب الذى بينتُ طبيعته فى المقال المشار إليه. وقد أثنيت على الكتاب لما فيه من مادة علمية غنية وقوية ومعاصرة رغم اتصالها أكثر بعلم السياسة منها للتربية الوطنية، غير أن هناك مشكلات أخرى فى الكتاب فى الصفحة المشار إليها وما بعدها، وغيرهما، تتصل بالاستدلال بالآيات القرآنية تجعلنى أعيد النظر فى مطالبتى السابقة بما هو أشد. وهى استدلالات خاطئة ومخطئة بالآيات القرآنية لفت نظرى إليها الأخ عصام عياد من خلال رسالة أرسلها لى مشكورا، ولا علاقة لهذه الآيات بما يستدل به عليه بعد أن تم تحريف أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودونكم بعض هذه الآيات: تحت عنوان حرية الرأى استدل الكاتب بقوله تعالى: "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون". وهذا استدلال خطأ ؛ لأن الآية لا علاقة لها بما سيقت من أجله، إنما تعنى الآية بيان واجب شرعى وهو فريضة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والدعوة إلى الخير. تحت عنوان حق العدالة استدل المؤلف بقوله تعالى: "فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول". واستخرج منها حق الفرد فى محاكمة عادلة، وعددا من القواعد الأخرى مثل: "أن البراءة هى الأصل، لا تجريم إلا بنص شرعى، عدم تجاوز العقوبة التى قدرتها الشريعة، مراعاة الظروف والملابسات التى وقعت فيها الجريمة درءًا للحدود"، ولا علاقة لما قيل بمعنى الآية، وإن كان بشكل غير مباشر لأن الآية نص فى المرجعية التشريعية للمسلمين، ولكن يمكن الاستدلال بقوله تعالى: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل...". تحت عنوان حق اللجوء فى الشريعة الإسلامية دلل على ذلك فقال: "مثال ذلك ما حدث مع هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الحبشة ثم المدينة"، وهل هاجر النبى إلى الحبشة؟ فهذا خطأ تاريخى شنيع، فضلا عن أن الاستدلال فيه نظر لأنه يحتاج لتحرير مصطلحات الهجرة واللجوء، وعلاقة كل منهما بالآخر ثم تنزيل النصوص عليه. من أجل هذا وغيره أطالب بسحب الكتاب وعدم الاكتفاء بالتصحيح لما فيه من أخطاء شرعية لا يمكن السكوت عنها سواء كان فى القرآن أم فى السنة، وكذلك أخطاء فى التاريخ.. ولأنه خيانة للأمانة التى يجب أن يقوم بها المؤلفون، وفى القرآن والسنة من النصوص الكثير مما يكفى ويشفى للاستدلال على ما ورد، وهو يدل على أننا ما زلنا نحتاج إلى ثقافة وضع الرجل المناسب فى المكان المناسب، وأننا بحاجة إلى احترام التخصص وتقدير أهله.