بعد رحلة حافلة من العطاء والصمود والثبات على طريق الحرية، نال المهندس عبدالعظيم أحمد أبوسيف أحمد الشرقاوى ما تمناه، وارتقى شهيدا اليوم؛ نتيجة الإهمال الطبى المتعمد الذى يتعرض له الآلاف من المعتقلين القابعين فى سجون الانقلاب. ولد شهيدنا البطل، الذى سطر تاريخًا من العطاء لهذا الوطن، في 16 أبريل من عام 1950 بقرية أشمنت بمركز ناصر بمحافظة بنى سويف، ونشأ فى أسرة ريفية استقى منها الأعراف المجتمعية والقيم الدينية، والتحق بمراحل التعليم المختلفة حتى حصل على بكالوريوس الزراعة عام 1973 بجامعة عين شمس، كما حصل على ليسانس أصول دين شعبة الحديث 1997م بتقدير جيد جدًا. على مدار السنين، حفل تاريخ الشهيد بالعمل والعطاء لخدمة أبناء المجتمع، من خلال عضوية العديد من الجمعيات الخيرية، والتى من بينها جمعية الدعوة الإسلامية ببنى سويف، وعمل رئيسا لفرع ناصر لمدة 8 سنوات. كما شغل الشرقاوى منصب الأمين العام لحزب العمل ببني سويف قبل أن يُجمَّد، وشارك فى الانتخابات النقابية لدعم مرشحي التيار الإسلامي، وكان مرشحا لعضوية مجلس الشورى 89/90، ومرشحا لعضوية مجلس الشعب مستقل (إخوان مسلمين) عام 90/ 95، ومرشحا لعضوية مجلس الشعب على قائمة حزب العمل عام 1997م، واعتقل عام 2000م، وهو ما أحال بينه وبين الترشح لانتخابات 2000، وفى عام 2005 استطاع الحصول على عضوية مجلس الشعب عن دائرة ناصر ببنى سويف . فى 6 أغسطس من عام 2011، التحق الشهيد بعضوية مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين عن مقعد شمال الصعيد، خلافا للدكتور سعد الكتاتني، أمين عام حزب الحرية والعدالة، والرئيس السابق للمكتب الإداري لمحافظة بني سويف، بعد الانتخابات التكميلية التى أجريت بشكل علنى لأول مرة في تاريخ الجماعة في فندق الإنتركونتيننتال بسيتي ستارز بمدينة نصر . واعتقل الشرقاوى في 2 يونيو 2015، بعد أن ظل مطلوبا لدى قوات أمن الانقلاب، عقب الانقلاب العسكرى الدموى الغاشم في 3 يوليو 2013، حيث وضع فى سجن العقرب قيد الحبس الانفرادى، فى ظروف احتجاز تتنافى مع أدنى معايير سلامة وصحة الإنسان. وفي 23 نوفمبر 2016، أصيب شهيدنا بجلطة دماغية في سجن العقرب، ورفضت إدارة "العقرب" في البداية عرضه على طبيب السجن أو نقله لإحدى المستشفيات لتلقي العلاج المناسب، إلا أنها قامت لاحقا بنقله للمستشفى بعد تدهور حالته الصحية. نقل الشرقاوى من سجن العقرب إلى سجن مديرية الأمن ببنى سويف، واحتجز خلال الأيام السابقة بمقر جهاز الأمن الوطنى، ومنع عنه العلاج والطعام الذى يتناسب مع حالته الصحية، ما تسبب فى تدهور حالته الصحية بشكل بالغ، لينقل إلى المستشفى وهو يصارع الموت، لتفيض روحه إلى بارئها وهى تشكو إلى الله ظلم العسكر. كانت العديد من منظمات حقوق الإنسان قد وثقت الانتهاكات التى تمارس بحق الشرقاوى، وحذرت من خطورتها على حياته، وطالبت بنقله إلى مستشفى تتوافر فيها الإمكانيات اللازمة لإنقاذ حياته والإفراج الصحى عنه، وهو ما لم يتم الاستجابه له. ووثقت العديد من منظمات حقوق الإنسان افتقاد مقار الاحتجاز في سجون الانقلاب إلى أدنى معايير سلامة وصحة الإنسان، وغياب مقومات الحفاظ على الصحة العامة للأصحاء من المعتقلين، فضلا عن أصحاب الأمراض المزمنة؛ حتى أصبحت السجون ومقار الاحتجاز مقابر للقتل البطيء نتيجة الإهمال الطبي المتعمد. كان مركز "النديم لمناهضة العنف والتعذيب" و"المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، قد أصدرا مؤخرا تقريرا مشتركاً عن الإهمال الطبي في السجون بعنوان "يا تعالجوهم يا تفرجوا عنهم: الإهمال الطبي في السجون جريمة"، أكدا فيه تدني مستوى الخدمات الطبية داخل السجون المصرية بالإضافة إلى غياب آليات المراقبة والمتابعة لأداء أطباء السجن، والنقص الحاد في أنواع كثيرة من الأدوية الضرورية داخل مستشفيات وعيادات السجون.