نشر موقع مجلة "فورين أفيرز" مقالا للكاتب أورين كيسلر، يبحث فيه عن أسباب تحمس قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسى لرئاسة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب. ويقول كيسلر: "ذلك قد يبدو غريبا على بلد غالبية سكانه من المسلمين، خاصة أن ترامب طرح فكرة منع هجرة المسلمين إلى أمريكا، وحتى فكرة تسجيل المسلمين الموجودين هناك في سجل خاص، ولفهم أسباب جاذبية ترامب للمصريين فإنه يجب النظر بعين الناقد للمرشح الذي فاز عليه ترامب". ويعلق الكاتب قائلا: "في الواقع، فإن سجل كلينتون بخصوص مصر يختلف كثيرا عن سمعتها بهذا الخصوص، وكما كتبت في مذكراتها (هارد تشويسيس)، في رواية لم يكذبها أحد من مسئولي الإدارة السابقين، فإنها كانت قد حذرت أوباما من نظرة الناس لتخلي أمريكا عن حليف لأمريكا لعدة عقود، بالإضافة إلى أنها قالت له: إن مصر فيها مؤسستان، الإخوان المسلمون والجيش، لدى كل منهما قاعدة يمكن أن تقودها، ولم تكن تؤيد تغييرا (مباشرا) مثل أوباما، لكنها كانت تؤيد تحولا (منظما)، وهي سياسة قد لا تبدو مناسبة للخطب الرنانة، لكن وبالنظر لما حصل فإنها تعكس سياسة أكثر ذكاء". ويقول كيسلر: "طبعا فإن هذه الاعتبارات في بلد يعج بنظريات المؤامرة مثل مصر، فإن هذه الحقائق ليست لها أهمية، وأهم ما يجعل لترامب جاذبية هو أنه ليس كلينتون، وهذا ليس كل شيء، بل إن نظرة إلى صفحة ترامب على (تويتر) تكشف سببا آخر يوضح لماذا يحظى الرئيس المنتخب بهذه الشعبية كلها في القاهرة". ويعلق كيسلر قائلا: إن "هذا كله يبدو وكأنه موسيقى للقاهرة، فغالبا ما تكون إدارة ترامب خالية من شجب انتهاكات حقوق الإنسان على عكس أوباما، وكذلك احتمال تعليق المساعدات بسبب تلك الانتهاكات، كما فعل أوباما، فذلك كله تبخر". ويلفت الكاتب إلى أنه "عندما قام أكثر من 140 حاكما بزيارة نيويورك في سبتمبر، لاجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وفر ترامب الوقت لمقابلة رئيس واحد على حدة، هو السيسي. (وكلينتون قابلت السيسي، لكنها غلفت تعليقاتها بانتقاد سجل مصر الحقوقي، كما أنها التقت زعيمين آخرين)، وبعد الاجتماع قام ترامب بكيل المديح للسيسي، ووصفه بأنه "شخص رائع.. أمسك بزمام الأمور في مصر، وهزم الإرهابيين، بل سحقهم". ويورد كيسلر أن "السيسي أكد ل"سي إن إن" قبل ذلك بيوم بأن اقتراح ترامب بمنع المسلمين كان مجرد كلام خطب، وأنه لم يكن لديه شك بأن رجل الأعمال سيكون رئيسا هائلا، وعندما بدأ خبر فوز ترامب بالانتشار كان السيسي أول رئيس أجنبي اتصل به لتهنئته، حتى قبل حلفائه الأقوياء من المملكة المتحدة وألمانيا، وزاد السيسي خلال الأسبوع الماضي من حديثه عن "الفهم العميق والرائع الذي يتمتع به ترامب لما يحصل في المنطقة كلها، وفي مصر بالذات"، وتوقع علاقات ثنائية متميزة مع الإدارة القادمة". ويقول الكاتب: "عندما زرت مصر قبيل الانتخابات في أمريكا، رأيت تعاطفا مشابها للمرشح الجمهوري، وليس فقط من المسئولين الحكوميين والداعمين". ويبين كيسلر أن "المصريين على مختلف مشاربهم، شككوا في الحكمة من تدخل إدارة أوباما في ليبيا، وهو الأمر الذي شجعت كلينتون عليه، والذي هاجمه ترامب على "تويتر"، وكان ملايين المصريين يعملون في ليبيا قبل سقوط القذافي، وكثير منهم يفضل نظاما مستقرا نسبيا، وإن كان فاسدا". ويفيد الكاتب أنه "فيما يتعلق بالشأن السوري، فإن كلينتون نادت بدعم أكبر للثوار، وهم الثوار أنفسهم الذين يشكك ترامب في جدوى الاعتماد عليهم، وركز على أنه سيهاجم تنظيم الدولة بدلا من ذلك، ولا تزال مصر تقاتل تنظيم الدولة لديها، وتقدم في سوريا القتال ضد التنظيم على أي محاولة لإسقاط النظام". ويخلص كيسلر إلى القول: "بالنسبة للقاهرة، كان انتخاب كلينتون سيعد تكميلا لسياسات أوباما، أما مواقف ترامب الظاهرة، عندما ينظر إليها بشكل كامل، فتجعله المرشح المثالي تقريبا، وهذا سيفرح صناع السياسة الأمريكيين، الذين يسعون إلى علاقات دبلوماسية وأمنية واستراتيجية سلسة مع مصر، ويخيب آمال الذين يأملون في أن يستمر البيت الأبيض بالضغط على مصر بخصوص الحقوق المدنية وحكم القانون".