لم تكن الصور المسربة من داخل قفص الاتهام لرئيس مجلس الشعب الشرعي د. سعد الكتاتني صادمة للمِصْريين، بقدر ما كانت كاشفة لواقع مرير يعكس ما آلت إليه حقوق الإنسان فى دولة العسكر، وكيف يخيم الموت البطيء على رموز الثورة المِصْرية داخل معتقلات الانقلاب، ويطرح تساؤلا يبدو منطقيا حول حال آلاف المجهولين خلف أسوار سجون السيسي إذا كان تلك الحالة الرثة هى التى فُرضت على قيادات العمل الوطني؟ وعلى الفور اكتست الساحة بالمقارنات بين مشاهد عصابة نظام المخلوع مبارك وفلول الحزب المنحل، وقيادات العمل الثوري وكوادر التيار الإسلامي، لتعكس الفارق بين النُزل الفندقية التى استوعبت الفسدة ومقبرة العقرب والسجون شديدة الحراسة التى ضاقت بالأحرار، فى مشهد أعاد الوطن إلى حدود 24 يناير 2011، وفضح فاشية العسكر وجرائم مليشيات الداخلية بحق المعتقلين. شبكة "الجزيرة" الإخبارية، رصدت فى تقرير لها الوضع المأساوي خلف أسوار السجون شديدة الحراسة من خلال قراءة فى صورة رئيس مجلس الشعب السابق المسربة وعقد مقارنة مع آخري للرجل الأكاديمي أثناء توليه المنصب الثاني دستوريا فى الدولة. وعلى وقع المقارنة بين طلة الرجل بين عامين الأولي تمثل الثورة والأخري تجسد الانقلاب، قال التقرير: "هكذا كان الكتاتني رئيس مجلس الشعب المصري، وهكذا أضحي الرجل بعد أكثر من عامين قضاهما في سجون النظام المصري"، إلا أن تلك الابتسامة الصلبة والصمود البطولي جسد روح الثورة فى نفوس الأحرار وكسر دولة السيسي. وأوضح: "تسربت الصورة إلي مواقع التواصل الاجتماعي لتشعل ساحاتها بالجدل والأسئلة حول ما آلت إليه أوضاع حقوق الإنسان في مصر بعد الانقلاب"، لتكتسي الصفحات بعبارات لا تخلو من المرارة عن مصير آلاف الشباب فى الداخل بينما ينهشهم البرد وسوء التغذية والحرمان من العلاج والأوضاع غير الآدمية فى زنازين لا تعرف الإنسانية. وتابع: "اعتقل الكتاتني مع مئات من قياديي جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة عقب انقلاب الثالث من يوليو عام 2013، ليبدأ توجيه التهم إليهم الواحدة تلو الآخري، حيث وجد نفسه مثل آخرين يتنقل بين أقفاص الاتهام في أكثر من قضية، ثم بدأت الأحكام بالسجن والإعدام تصدر بحقه". وشدد التقرير على أن حالة الرجل ساءت في سجن العقرب سئ السمعة، ولا يتعلق الأمر بما فقد من وزن وما غزا وجهه من تجاعيد وإجهاد، ولا حتي ما ينتظره من مصير إذا تغير الطريقة التى يعامل بها الانقلاب خصومه ورافضيه، وإنما الأمر يتعلق بتعمد الانقلاب كسر شوكة رافضيه وإذلالهم. محمد سعد توفيق مصطفي الكتاتني، ولد عام 1952 في محافظة المنيا بصعيد مصر، ويحمل درجة الدكتوراه في علم النبات حيث عمل أستاذا بجامعة المنيا، ترأس مجلس الشعب المصري الذي حُل بقرار من المحكمة الدستورية العليا وهو وكيل المؤسسين، وأمين عام سابق لحزب الحرية والعدالة وعضو سابق بمكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين. انتخب الكتاتني رئيسا لمجلس الشعب في يناير 2012، وبعد حل المجلس، انتخب رئيسا لحزب "الحرية والعدالة"، والمفارقة أنه تلقي دعوة لحضور خطاب السيسي الذي أعلن فيه الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي، قبل أن يرفض ليدفع ضريبة الصمود فى وجه الفسدة. وختم التقرير بالتحذير من مصير ينتظر الشرفاء سبقهم إليه الكثير من الرموز وعشرات الشباب، ليدق ناقوس الخطر حول مصير ينتظر الكتاتني والآلاف من رافضي الانقلاب، خصوصا أن أعداد لا يستهان بها منهم قيادات ونشطاء بارزون قضوا جراء التعذيب والإهمال الطبي أبرزهم عضو مكتب الإرشاد فريد إسماعيل وعصام دربالة ومحمد الفلاحجي.