تسبب تأخر حكومة الانقلاب في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية الذي كان مقررا تنفيذه في بداية النصف الثاني من العام الجاري، لتنشيط السيولة وجذب شرائح متنوعة من المستثمرين في حالة من القلق والترقب في أسواق البورصة. وأعرب خبراء الاقتصاد و أسواق المال عن انتقادهم لحالة التخبط التي تشهدها حكومة الانقلاب، مؤكدين أن هذا التخبط يرجع إلى محاولات نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي لتنفيذ إملاءات صندوق النقد الدولي من ناحية، بجانب عدم كفاية عائد الشركات المطروحة لسداد أقساط وفوائد الديون المطلوب سدادها خلال العام الحالي . وطالب الخبراء حكومة الانقلاب بتبني سياسات اقتصادية واضحة ومشجعة للشركات والإنتاج وجاذبة للمستثمرين، حتى تتمكن من توفير عائدات دولارية تكفي لسداد الديون التي ورط السيسي فيها البلاد . برنامج الطروحات كانت حكومة الانقلاب قد أعلنت أن المستهدف من برنامج الطروحات نحو 2 مليار دولار قبل نهاية شهر يونيو الماضي، وزعمت أن ذلك يأتي ضمن جهود تمكين القطاع الخاص وتوفير تدفقات دولارية من أجل العمل على مواجهة نقص العملات الأجنبية. وقال مصطفى مدبولي، رئيس وزراء الانقلاب في بداية العام الجاري: إنه "من المقرر طرح 32 شركة مملوكة لدولة العسكر في البورصة أو لمستثمر استراتيجي على مدار عام، ينتهي خلال الربع الأول من العام المقبل 2024، تشمل 18 قطاعا ونشاطا اقتصاديا". وأضاف «مدبولي» في تصريحات صحفية أن حكومة الانقلاب تسهدف طرح 25% من تلك الشركات خلال 6 أشهر، مشيرا إلى أنه جارٍ العمل مع بنوك الاستثمار والشركات المتخصصة وفق تعبيره. وأشار إلى أنه سيتم طرح الشركة الوطنية للمنتجات البترولية وشركة صافي لتعبئة المياه المملوكتين للقوات المسلحة. وزعم «مدبولي» أن الطرح يشمل قطاعات تُطرح لأول مرة، مثل قطاع التأمين وقطاع الكهرباء والطاقة، وقطاع البترول، إضافة إلى طرح شركات لأول مرة في قطاع النقل وتداول الحاويات.
ورغم هذه التصريحات، إلا أن حكومة الانقلاب باعت فقط خلال الشهرين الماضيين، حصة تصل إلى 10% من شركة المصرية للاتصالات الحكومية، في حين لم يتم طرح أي شركات حكومية جديدة حتى الآن في البورصة . وأرجع خبراء أسواق المال سبب ذلك إلى وجود سعرين للعملة في مصر، وهو ما يثير مخاوف المستثمرين. أزمة الدولار من جانبه قال إيهاب سعيد، عضو مجلس إدارة البورصة المصرية السابق: إن "برنامح الطروحات الخاص بحكومة الانقلاب قيل أكثر من مرة إنه على وشك الإعلان عنه وبدء تنفيذه، لكن لم يحدث ذلك حتى الآن". وأضاف «سعيد» في تصريحات صحفية أن أسباب التأجيل غير واضحة حتى الآن، متسائلا، هل المشكلة في استيعاب البورصة أم في تجهيز تلك الشركات للطروحات؟. وأشار إلى أن وجود سعرين للعملة لن يؤثر على فكرة طرح الشركات الحكومية في البورصة، لأنه يحدث اتفاق مع المستثمر الاستراتيجي والشركات المطروحة على فرق سعر الدولار بين الطرفين. وأوضح «سعيد» أن تحرير سعر الصرف لن يكون عائقا أمام الطروحات التي ستتم للمستثمر الاستراتيجي، ولكن الطروحات العامة سيكون سعر العملة لها تأثير سلبي لأنه سيكون للمستثمرين داخل البورصة واختلاف السعر يمثل عائقا لنجاح الطرح. وتابع: سيكون هناك طرح للشركات الحكومية في البورصة، وهذا اتجاه دولة العسكر ولكن التوقيت لا أحد يعلمه، مؤكدا أن هناك شركات جاهزة للطرح مثل بنك القاهرة لكن الطرح توقف بشكل مفاجئ، في الوقت الذي يصل فيه استيعاب البورصة إلى 3 أو 4 طروحات حتى آخر العام . وأكد «سعيد» أن الطروحات الحكومية في البورصة ستساعد في حل أزمة الدولار في مصر، ولكن في نفس الوقت يجب أن يكون لدى دولة العسكر مخزون من العملة، لافتا إلى ضرورة دخول مستثمرين استراتيجيين بالفعل للمساعدة في إتاحة الدولار، وتحقيق التوازن بين سعر الدولار في السوق الموازي والبنوك. ولفت إلى أن ال32 شركة المقرر طرحهم في البورصة معظهم لمستثمرين استراتيجيين، والباقي سيكون الجزء الأقل لطروحات عامة مثل المصرية للاتصالات وأموك. تحديات كبيرة وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى أبو زيد أن المتغيرات الاقتصادية العالمية فرضت تحديات كبيرة على الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى تأثر الاقتصاد المصري بتلك التحديات نظرا لارتباط الاقتصاد المصري بالعديد من التشابكات والعلاقات بالعديد من دول العالم. وقال أبوزيد في تصريحات صحفية: إن "القوانين المتعلقة بالاستثمار والمعاملات الضريبية، والتي أصدرتها دولة العسكر بزعم تهيئة البيئة الاستثمارية وزيادة جذب التدفقات الدولارية في الاقتصاد المصري عبر إتاحة العديد من الحوافز والتيسيرات، التي تساهم في زيادة مشاركة القطاع الخاص المحلي والأجنبي خلال ال8 سنوات الماضية لم تنجح في تهيئة المناخ الاستثماري". وأشار إلى أن حدوث الأزمة الروسية الأوكرانية شكلت ضغوطا كبيرة على الاقتصاد المصري، فيما يتعلق بالتضخم وعدم استقرار سعر الصرف، ولذلك لجأت دولة العسكر إلى إصدار ما أسمته وثيقة سياسة ملكية الدولة بزعم الحفاظ على المكتسبات التي تم تحقيقها في المرحلة الأولى لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والمضي قدما في زيادة مساحة المشاركة من جانب القطاع الخاص لزيادة مساهمته في عملية النمو الاقتصادي، ولزيادة معدل الاستثمار لتحقيق زيادة في الناتج المحلي الإجمالي وتوفير فرص عمل تساهم في تراجع معدلات البطالة، مؤكدا أنه لم يتحقق شيء من ذلك كله . وأوضح أبوزيد أن حكومة الانقلاب أعلنت عن طرح" 32 شركة" قابلة للزيادة في البورصة أو على مستثمر إستراتيجي، بجانب قيام حكومة الانقلاب بتطبيق عدة إجراءات لضمان تحقيق المستهدفات التي جاءت بالوثيقة في التعاون مع مؤسسة التمويل الدولية التابعة لمجموعة البنك الدولي لتكون استشاري لحكومة الانقلاب، لتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية عبر تقديم الدعم الفني والتسويقي لهذا البرنامج، إلى جانب تعيين مستشار لرئيس وزراء الانقلاب منوط به إدارة عملية الطروحات لتحقيق أفضل عائد لعملية الطرح الخاصة بالشركات، وهذا ما تم الإعلان عنه في المؤتمر الصحفي لرئيس وزراء الانقلاب عن وصول عدد الشركات التي تم طرحها حتى الآن 7 شركات من إجمالي 32 شركة المعلن عنهم سابقا؛ حيث تم الإعلان عن طرح 3 شركات بإجمالي 1.9 مليار دولار. وأعرب عن أسفه أن حكومة الانقلاب لم تلتزم بتنفيذ أي شيء مما أعلنت عنه، ما يكشف أن هناك من يدير الاقتصاد المصري "تحت الطرابيزة" وفي الغالب صندوق النقد والبنك الدولي اللذان أصبحا يهمينان على كل كبيرة وصغيرة في مصر في زمن الانقلاب .