بيع الشركات وتصفية القطاع العام آخر كوارث نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي، من أجل سداد أقساط وفوائد الديون التي ورط مصر فيها منذ انقلابه على أول رئيس مدني منتخب في التاريخ المصري الشهيد محمد مرسي . وتزعم حكومة الانقلاب، أن تخارج دولة العسكر من حصصها في الشركات خطة محددة تم الإعلان عنها منذ فترة في العديد من القطاعات، معتبرة أن ذلك فرصة لجذب المستثمرين الأجانب . واعترفت أنها طرحت 7 شركات مؤخرا من نحو32 شركة مزمع طرحها خلال الفترة المقبلة، زاعمة أن تخارج حكومة الانقلاب من الشركات سواء لصالح مستثمر استراتيجي محلي أو أجنبي لا يمثل اختلافا، لأنها في حاجة للعملة الصعبة، وتحقيق ذلك لن يكون إلا من خلال تخارجها، والأولوية أن تكون للمستثمر الأجنبي القدرة على توفير العملة الصعبة، وللمستثمر المحلي القدرة على توفير الدولار مثلما حدث في صفقة عز الدخيلة . كما زعمت حكومة الانقلاب أن برنامج الطروحات يعد رسالة جيدة، للقطاع الخاص المحلي الذي يتوسع في استثماراته، مثلما حدث في قيام طلعت مصطفى بالاستحواذ على مجموعة من الفنادق الحكومية وفق تعبيرها. أضرار مضاعفة في المقابل قال الدكتور عبد النبي عبد المطلب كيل وزارة التجارة والصناعة الأسبق: إن "قرار حكومة الانقلاب بإبرام عقود لبيع أصول حكومية للشركات الخاصة هو رسالة موجهة لصندوق النقد الدولي وللمستثمر المصري الذي ارتأت اللجوء إليه كحل وسط في ظل المشاكل الاقتصادية التي تواجهها". وأضاف عبد المطلب في تصريحات صحفية "حكومة الانقلاب تريد أن تقول للمستثمر المصري إنها ملتزمة بتطبيق القرارات التي اتخذتها مؤخرا والمتعلقة بالمساواة بين الشركات الحكومية وشركات القطاع الخاص في الالتزامات والواجبات" وفق تعبيرها. وأعرب عن تخوفه من حدوث أضرار مضاعفة على المواطن المصري جراء قرار حكومة الانقلاب ببيع الأصول والشركات الحكومية للشركات الخاصة. وأوضح عبد المطلب أن الشروط الخليجية للاستثمار في مصر تتعلق بمسألة وضوح سياسات سعر الصرف، وأن من حق المستثمر الخليجي أن يطالب بالوصول لسعر صرف عادل يضمن له حساب الأرباح والخسائر. وأشار إلى أن من ضمن شروط دول الخليج الأخرى تحسين مناخ الاستثمار وأن تكون المعاملة الضريبية والجمركية والقضائية على حد سواء ما بين المستثمر المصري والعربي والأجنبي والاستثمارات المملوكة للحكومة وللجهات السيادية، وهي ليست شروطا بل أساسيات من أجل تشجيع الاستثمار في مصر. معدلات الفقر وأكد الباحث في التمويل الدولي والدراسات الاقتصادية، الدكتور مصطفى يوسف أن قرار حكومة الانقلاب يرتبط بالأزمة الاقتصادية الحالية، لعدة أسباب منها، أن رئيس وزراء الانقلاب مصطفى مدبولي صرح قبل 30 يونيو الماضي بأنه سيتم بيع أصول بأكثر من ملياري دولار، لكن لم يتم بيع سوى 7%. وقال يوسف في تصريحات صحفية: إنه "لا يمانع في بيع الأصول للمستثمرين المصريين سواء في الداخل من قبل رجال الأعمال أو في الخارج، حيث إن أكثر من 11 مليون مصري في الخارج كانوا يحوّلون أكثر 35 مليار دولار سنويا، ولكن هذه النسبة تراجعت كثيرا بسبب خوف هؤلاء على ودائعهم". وحذر من الوضع الاقتصادي الصعب، مشيرا إلى أن مصر تستورد منذ الانقلاب الدموي في 3 يوليو 2013 أكثر من 70% من احتياجاتها الغذائية أو السلع الوسيطة، بالإضافة إلى زيادة القروض الخارجية من 43 مليار دولار إلى أكثر من 165 مليارا، كما زادت الديون الداخلية والصادرات غير البترولية. وأشار يوسف إلى أن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي حذّرا منذ عام 2019 من المشكلة الكبيرة التي تواجه مصر، حيث إن أكثر من 60% من المصريين فقراء أو تحت خط الفقر، وبعد جائحة كورونا وحرب روسيا على أوكرانيا ارتفع الرقم إلى أكثر من 70%، وذلك طبقا لتقارير غير رسمية. وعن انعكاسات قرار بيع الأصول المملوكة لدولة العسكر على المواطنين، أوضح أن المواطن المصري يعاني بسبب غياب أي مصادر للعملة الأجنبية، متوقعا زيادة التضخم ومعدلات الفقر، ولن يتحسن الأمر إلا بوجود خطة تنمية حقيقية ومواجهة المشاكل. تحديات كبيرة وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى أبو زيد أن المتغيرات الاقتصادية العالمية فرضت تحديات كبيرة على الاقتصاد المصري نظرا لارتباط الاقتصاد المصري بالعديد من التشابكات والعلاقات بالعديد من الدول المتقدمة . وقال أبو زيد في تصريحات صحفية : "رغم مزاعم حكومة الانقلاب بتهيئة المناخ الاستثماري بإصدار عدد من القوانين المتعلقة بالاستثمار والمعاملات الضريبية، لزيادة جذب التدفقات الدولارية عبر إتاحة العديد من الحوافز والتيسيرات، التي تساهم في زيادة مشاركة القطاع الخاص المحلي والأجنبي إلا أن ذلك لم يحقق أي نتائج" . وأشار إلى أن الأزمة الروسية الأوكرانية شكلت ضغوطا كبيرة على الاقتصاد المصري، فيما يتعلق بالتضخم وعدم استقرار سعر الصرف، واضطرت دولة العسكر إلى إصدار ما يسمى بوثيقة سياسة ملكية الدولة بزعم زيادة مساحة المشاركة من جانب القطاع الخاص لزيادة مساهمته في عملية النمو الاقتصادي، ولزيادة معدل الاستثمار لتحقيق زيادة في الناتج المحلي الإجمالي وتوفير فرص عمل تساهم في تراجع معدلات البطالة بحسب رؤيتها وأوضح أبو زيد أنه في هذا السياق أعلنت حكومة الانقلاب عن طرح" 32 شركة" قابلة للزيادة للطرح في البورصة أو على مستثمر إستراتيجي، مشيرا إلى أن حكومة الانقلاب لجأت إلى هذا الاجراء لضمان التعاون مع مؤسسة التمويل الدولية التابعة لمجموعة البنك الدولي لتكون استشاري لحكومة الانقلاب لتنفيذ برنامج "الطروحات الحكومية" عبر تقديم الدعم الفني والتسويقي لهذا البرنامج إلى جانب تعيين مستشار لرئيس وزراء الانقلاب منوط به إدارة عملية الطروحات بزعم تحقيق أفضل عائد لعملية الطرح الخاصة بالشركات
إصلاحات اقتصادية
وعن الشروط الخليجية للاستثمار المباشر في مصر، شدد الباحث والمستشار الاقتصادي، علي العنيزي على ضرورة أن تكون هناك إصلاحات اقتصادية واضحة من أبرزها، خصخصة القطاعات والشفافية، ودخول القطاع الخاص كإدارة، بالإضافة إلى توفير حرية المنافسة الكاملة وإصلاح تعثر سعر الجنيه، مشيرا إلى أن الدول الخليجية لا تستثمر في مصر من أجل المنفعة المادية فقط، بل إنها تريد أيضا مساعدة الانقلاب. وأكد العنيزي في تصريحات صحفية أن المشاكل الاقتصادية الطارئة والاستثنائية خلقت جوا غير صحي للاستثمار في مصر، مشيرا إلى أن تراجع صرف الجنيه كان سببا في إحجام الدول التي كانت تقدم مساعدة لمصر عن طريق الودائع أو شراء السندات الحكومية.