رغم أن الديون الخارجية ارتفعت من 43 مليار دولار في يونيو 2013 إلى 145 مليارا في ديسمبر 2021م وفقا لبيانات البنك المركزي، بزيادة نسبتها 250% في ثمان سنوات فقط، إلا أن شراهة الجنرال عبدالفتاح السيسي في الاقتراض لا تتوقف بل تزداد سعارا بشكل جنوني يفوق الوصف. وخلال الشهور الخمسة الماضية من سنة 2022م، حصل السيسي على نحو 19 مليار دولار من الدول الخليجية على شكل قروض أو ودائع من أجل دعم النظام ومساندته ومنعه من السقوط والتداعي التلقائي بفعل الفشل في إدارة موارد الدولة على نحوصحيح. هذا بخلاف القروض من جهات دولية أخرى؛ ما يعني أن حجم الدين الخارجي حاليا في منتصف 2022 يزيد على 170 مليار دولار. بخلاف القروض التي اقترضتها جهات تابعة للدولة ولم تدرج في الديون التي يعلنها البنك المركزي. والجمعة 3 يونيو ، شهد رئيس وزارء بحكومة الانقلاب مصطفى مدبولي مراسم توقيع الاتفاقية الإطارية المعدلة لتمويل استيراد بلاده السلع الأساسية مثل القمح والبترول، و"المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة"، بحد ائتماني مقداره 6 مليارات دولار، وذلك على هامش الاجتماعات السنوية للبنك الإسلامي للتنمية، المنعقدة في مدينة شرم الشيخ، جنوبي سيناء.وزادت المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة، وهي عضو في مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، تمويلها في محاولة لمساعدة مصر على شراء قمح باهظ الثمن من الخارج، في ظل أزمة الحبوب التي تعيشها مصر على ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا، بحسب وزير التموين بحكومة الانقلاب على المصيلحي. وكان فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في "غولدمان ساكس"، قد كشف أن مصر تلقت ما يقرب من 13 مليار دولار من الدعم المالي حتى منتصف مايو 2022 من الخليج، مما أدى إلى تجنب الحاجة إلى تعديل اقتصادي أكثر حدة لصدمة ميزان المدفوعات التي مرت بها في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا. واعتبر سوسة في حديث مع موقع "فوكوس إيكونوميكس" المتخصص بالأبحاث الدولية، أن هذا الدعم وفر متنفساً للتفاوض بشأن برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي. الدعم الخليجي لنظام السيسي قبل اتفاق الستة مليار دولار من "المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة"، تمثل في ودائع واستثمارات توزعت بين 5 مليارات دولار من المملكة العربية السعودية، و5 مليارات من الإمارات العربية المتحدة، إلى جانب 3 مليارات أخرى من دولة قطر. وتسعى حكومة السيسي حاليًا لجولة جديدة من المساعدات من صندوق النقد الدولي، وقد قدمت مشروع ميزانية للبرلمان يتوقع عجزاً بقيمة 30.5 مليار دولار. ويعاني الاقتصاد المصري من أزمة غير مسبوقة دفعت الخبير الأمريكي المتخصص في الشأن المصري روبرت سبرينجبورج إلى وصف مصر في الدراسة التي أعدها في يناير2022 بالدولة المتسولة تحت حكم الجنرال عبدالفتاح السيسي. ويؤكد أن مصر باتت تعيش على المعونات والقروض الخارجية سواء من حلفائها الإقليميين أو الدوليين، وذلك حتى وصلت ديونها الخارجية إلى معدلات غير مسبوقة، وفقا لبيانات البنك المركزي. الوضع في مصر وفقا لدراسة سبرينجبورج التي نشرها موقع مؤسسة مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط (يوميد) بعنوان: «تتبع مسار المال لتعرف حقيقة مصر السيسي» لا يمكن أن يستمر على هذا النحو، والحل الوحيد أمام السيسي لمواجهة ذلك مزيد من الاقتراض الأجنبي، وهو مجرد حل مؤقت. ويرى "سبرينجبورج" وهو أستاذ دراسات دولية مرموق في جامعة سيمون فريزر، ومستشار سابق في إدارة وسياسة الشرق الأوسط لصالح الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ووزارة الخارجية الأمريكية، وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي، أن السيسي يدير مصر كما لو كانت واحدة من الدول الريعية الغنية بالنفط كالسعودية، أو دولة تجارية ناجحة تحت حكم أوتوقراطي، على غرار الصين. لكن الحقيقة أن الاقتصاد المصري بات يعتمد على الدعم الخارجي والقروض أكثر من أي وقت مضى". من جانب آخر وفقا للدراسة فإن السيسي، الذي جاء إلى السلطة عبر انقلاب على الحكومة الشرعية، يضغط على المواطنين من خلال التخفيض المستمر للدعم وفرض المزيد من الضرائب وزيادة رسوم الخدمات العامة، بالرغم من الدعم الأجنبي الهائل الذي تلقاه والاقتراض الكثيف لنظامه من الداخل والخارج حتى وصل حجم الدين القومي لمصر 370 مليار دولار. في الوقت الذي يضغط فيه السيسي على القطاع الخاص بطرق شتى ليس أقلها "استحواذ الجيش على العديد من المؤسسات الخاصة المربحة". وتحذر الدراسة من شراهة نظام السيسي في إنفاق المال على نحو كبير، لكن الكماليات، وليست الضروريات الأساسية، هي التي تلتهم الجزء الأكبر من إيرادات الدولة، بالرغم من تزايد عدد السكان.. حيث يعتمد السيسي، الذي وصل إلى السلطة عبر انقلاب، على عامل "الإبهار" من خلال المشاريع الضخمة وشراء الأسلحة بهدف تعزيز شرعيته. وحتى تتمكن مصر من سداد تكاليف هذا السَّرَف في الإنفاق (على تلك المشاريع الضخمة وشراء الأسلحة)، تضغط الحكومة على المواطنين من خلال خفض الدعم، والضرائب التنازلية (حيث تمثل الضريبة التنازلية عبئاً أكبر على الفقراء، بالنظر إلى مواردهم مقارنة بالأثرياء)، وزيادة رسوم الخدمات "العامة". حيث يعاني المصريون من ركود الأجور وارتفاع الأسعار وارتفاع معدل البطالة، إذ يبلغ دخل حوالي 30 مليون مواطن أقل من 3.20 دولار في اليوم». وفقا للأرقام الرسمية رغم الشكوك التي تحوم حول صحتها.