واصل نظام الانقلاب الدموى بقيادة عبد الفتاح السيسي سياسة الاقتراض من الخارج ما يهدد بإغراق البلاد فى مستنقع الديون وإعلان إفلاسها وتدمير مستقبل الأجيال القادمة. كان نظام الانقلاب قد أعلن عن طرح أول سندات سيادية خضراء بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الأسواق العالمية غدا الثلاثاء. والسندات الخضراء هي صكوك استدانة حكومية يتم إصدارها للحصول على قروض مخصصة لتمويل مشروعات متصلة بالمناخ أو البيئة؛ بهدف توفير التمويل المستدام للمشروعات الصديقة للبيئة. ومن المقرر أن ترتب بنوك كريدي أجريكول وسيتي واتش.اس.بي.سي ودويتشه بنك مكالمات مع مستثمرين قبيل الصفقة المزمعة، التي ستكون بالحجم القياسي وبأجل خمس سنوات للسندات ويعني الحجم القياسي أنها لن تقل عن 500 مليون دولار. وتزعم حكومة الانقلاب أن تلك السندات هي خطوة نحو تنويع أدوات الدين، وخفض تكلفته، لكن خبراء الاقتصاد شككوا في حقيقة استخدامه لأغراض خضراء. وأكدوا أن هذه السندات تعكس استمرار اعتماد نظام الانقلاب على سياسة الاقتراض تحت مسميات مختلفة، موضحين أن نظام السيسي يسعى لتقليل تكلفة الاقتراض التي ارتفعت لأرقام قياسية من الخارج، ويظن أن السندات قد تساعده فى تقليل سعر الفائدة على القرض. وقال الخبراء إن تحجج حكومة الانقلاب بموضوع البيئة هو مدخل جديد لتلوين أشكال الاستدانة، متسائلين منذ متى يهتم نظام الانقلاب بالبيئة؟. صندوق النقد يشار إلى أن الديون الخارجية، قفزت إلى 119.6 مليار دولار بنهاية السنة المالية 2019-2020 التي انتهت، في آخر يونيو الماضي، وفق بيانات صادرة عن صندوق النقد الدولي. وتوقع صندوق النقد الدولى، ارتفاع الديون الخارجية المصرية إلى 126.7 مليار دولار بنهاية العام المالي الجاري، ثم إلى 127.3 مليار دولار في نهاية يونيو 2022، بينما كانت تبلغ قبل انقلارب السيسي نحو 43 مليار دولار. كما تظهر أحدث بيانات البنك المركزي ارتفاع الديون المحلية إلى نحو 4.18 تريليونات جنيه، بنهاية سبتمبر 2019، بينما كانت تبلغ نحو 1.8 تريليون جنيه قبل انقلاب السيسي. مرحلة الخطر من جانبه حذر الكاتب الاقتصادي ممدوح الولي من خطورة استمرار ارتفاع الديون المحلية والخارجية، موضحا أن ذلك سيترك أثرا سلبيا لدى المؤسسات الدولية التي تعتبر تجاوز الدين نسبة 60% من الناتج المحلي دليلا على دخول مرحلة الخطر. وقال الولي في تصريحات صحفية إن زيادة الديون سيدفع الموردين الأجانب إلى التشدد في شروطهم مع المستوردين المصريين، كما ستؤدي ضخامة الدين إلى رفع فائدة الاقتراض من الخارج وزيادة هامش التأمين على الاقتراض. وأشار إلى أن زيادة نسبة تكلفة الدين من الإنفاق بالموازنة ستدفع حكومة الانقلاب لتقليل مخصصات الاستثمارات وخفض الدعم وإنقاص مخصصات شراء السلع والخدمات لإدارة دولاب العمل الحكومي، مؤكدا ان هذا الوقع يصعب عليها رفع أجور الموظفين لديها. ولفت الولي إلى أن ارتفاع نسبة التضخم سيدفع المودع إلى طلب فائدة تزيد عن ذلك حتى يحافظ على القيمة الشرائية لنقوده، موضحا أنه في ضوء عدم وجود وعاء ادخاري مصرفي يعطي النسبة المطلوبة حاليا، فإن جانبا من المودعين سيفضل الاتجاه إلى سوق العقار والأراضي التي تحقق لهم عوائد تزيد عن معدل التضخم. وأشار إلى أنه إذا كانت حكومة الانقلاب تبرر التوسع في الاقتراض بسد عجز الموازنة المتزايد، فإنها المسئولة عن تزايد ذلك العجز في ضوء عدم الرشد في الإنفاق على مشروعات غير مدروسة، إلى جانب النفقات السيادية والتوسع في مشتريات السلاح وحاملات الطائرات رغم العلاقة الدافئة لنظام الانقلاب مع الصهاينة. ارتفاع الأسعار ويرى مصطفى عبد السلام خبير اقتصادي أن هناك ارتباطا قويا بين زيادة الديون المحلية والخارجية وتحركات الأسعار داخل الأسواق، موضحا ان ارتفاع الدين الخارجي سيترتب عليه عدة أمور سلبية تنعكس كلها على معدلات التضخم. وأوضح عبد السلام فى تصريحات صحفية أن مما سيترتب على ارتفاع الدين الخارجي الضغط على سوق الصرف الأجنبي وعلى تصنيف البلاد الخارجي، وكذا على موارد البلاد من النقد الأجنبي والاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي، وهو ما يؤدي في النهاية لارتفاع سعر الدولار وبالتالي زيادة الأسعار لكل ما يتم استيراده من الخارج. وأكد أن زيادة الدين المحلي ستضعف قدرة حكومة الانقلاب على الوفاء بالتزاماتها في تمويل الخدمات الضرورية أو المشروعات الاستثمارية للبنى التحتية، مشيرا الى أن هذه الزيادة تلعب دورا كبيرا في زيادة عجز الموازنة العامة وهو ما يدفع حكومة الانقلاب نحو فرض مزيد من الضرائب والجمارك والرسوم وخفض الدعم المقدم للخدمات الأساسية. نفق الإفلاس وقال الدكتور أشرف دوابة أستاذ التمويل والصيرفة الإسلامية ان شراهة نظام السيسي فى الاقتراض أدت الى ارتفاع الدين المحلي والخارجى إلى هذا الحد، مؤكدا أن نظام الانقلاب اعتمد سياسة الديون داخليا وخارجيا دون أى محاولة لمعالجة مشاكل موارد الدولة المختلفة. وحذر دوابة في تصريحات صحفية من كارثة حتمية قريبة في حال استمرار نظام الانقلاب في اللجوء للدين المحلي والخارجي في المرحلة المقبلة. وأكد أن هذه السياسة ستدخل مصر نفق الإفلاس الذي بدت مؤشراته واضحة وسيعلن عنه عاجلا أم آجلا، ومن ثم تتم جدولة الديون وتتحمل الأجيال القادمة آثار هذا الفشل الاقتصادي الذريع لسلطات العسكر.