أسعار الذهب اليوم الخميس 9 مايو 2024..وهذه قيمة عيار 21|فيديو    السياحة: ضبط 104 كيانات غير شرعية يمارس نشاط بيع برامج العمرة والحج    قانون التصالح.. 3 محظورات لا ناقش فيها وهذه قصة شهادة القيد المؤمنة    زعيم المعارضة الإسرائيلي يطالب بطرد بن غفير من حكومة الاحتلال    شوبير يحذر الأهلي من الخداع بهذا الأمر قبل النهائي الافريقي.. تفاصيل    الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم وتحذر من هذه الظاهرة    السكة الحديد: تشغيل قطارات نوم وأخرى مكيفة لمحافظتي الإسكندرية ومرسى مطروح    نشرة مرور "الفجر".. انتظام حركة شوارع القاهرة والجيزة    24 عرضا مسرحيا بالمهرجان الختامي لنوادي المسرح    طرح فيلم السرب بالسينمات السعودية .. اليوم    ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا.. "FLiRT" تشكل 25% من حالات الإصابة    تعرف علي الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالرمد الربيعي    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    طلاب صفوف النقل يواصلون أداء امتحانات نهاية العام    «التعليم» توفر فرص عمل في المدارس الدولية للتكنولوجيا التطبيقية.. اعرف الشروط    مصادر: الغارة الإسرائيلية على لبنان استهدفت عناصر من قوة الرضوان لحزب الله    جماعة الحوثي اليمنية تعلن استهداف سفينتين إسرائيليتين في خليج عدن    رسالة دنيا سمير غانم إلى كريم عبد العزيز بعد وفاة والدته.. تعزية ودعاء    الشيخ محمد رفعت.. قيثارة السماء ورائد مدرسة التلاوة (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 9-5-2024    طلب برلماني بوقف "تكوين".. تحذير من خطر الإلحاد والتطرف    أسعار بورصة الدواجن اليوم الخميس 9-5-2024.. «إليك آخر تحديث»    «الإحصاء»: تراجع معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية إلى 31.8% خلال إبريل    موعد مباراة الإسماعيلي والداخلية اليوم الخميس بالدوري    قراراتها محسوبة وطموحها عالٍ.. 7 صفات لامرأة برج الجدي تعكسها ياسمين عبدالعزيز    ثقافة الأقصر تحتفى بتوقيع ومناقشة كتاب " ديكود"    91282 بالصف الثاني الثانوي بالقاهرة يؤدون امتحان نهاية العام    مصدر مطلع: حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية منفتحون نحو إنجاح الجهد المصري وصولا للاتفاق    علي جمعة: القلب له بابان.. وعلى كل مسلم بدء صفحة جديدة مع الله    مصدر مطلع: مصر تواصل جهودها لوقف إطلاق النار وهناك إشارات لنضوج الاتفاق    الرئاسة الفلسطينية: وحدة الأراضي خط أحمر ونلتزم بالقانون الدولي ومبادرة السلام العربية    الأهلي يخطف صفقة الزمالك.. والحسم بعد موقعة الترجي (تفاصيل)    محمد فضل يفجر مفاجأة: إمام عاشور وقع للأهلي قبل انتقاله للزمالك    حكم الحج لمن يسافر إلى السعودية بعقد عمل.. الإفتاء تجيب    طقس اليوم: شديد الحرارة على القاهرة الكبرى نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالعاصمة 36    تامر حسني يقدم العزاء ل كريم عبدالعزيز في وفاة والدته    أحمد عيد عبدالملك: تكاتف ودعم الإدارة والجماهير وراء صعود غزل المحلة للممتاز    جدول مواعيد قطع الكهرباء الجديدة في الإسكندرية (صور)    الغندور يطرح سؤالا ناريا للجمهور عقب صعود غزل المحلة للدوري الممتاز    ممثلة أفلام إباحية تروى تفاصيل علاقتها مع «ترامب»    قائد المنطقة الجنوبية العسكرية يلتقي شيوخ وعواقل «حلايب وشلاتين»    إبراهيم عيسى: السلفيين عكروا العقل المصري لدرجة منع تهنئة المسيحيين في أعيادهم    ناقد رياضي يصدم الزمالك حول قرار اعتراضه على حكام نهائي الكونفدرالية    بعد غياب 10 سنوات.. رئيس «المحاسبات» يشارك فى الجلسة العامة ل«النواب»    مصطفى خاطر يروج للحلقتين الأجدد من "البيت بيتي 2"    «أسترازينيكا» تبدأ سحب لقاح كورونا عالميًا    انتخاب أحمد أبو هشيمة عضوا بمجلس أمناء التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    زعيمان بالكونجرس ينتقدان تعليق شحنات مساعدات عسكرية لإسرائيل    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 9 مايو في محافظات مصر    الزمالك يشكر وزيرا الطيران المدني و الشباب والرياضة لدعم رحلة الفريق إلى المغرب    "الفجر" تنشر التقرير الطبي للطالبة "كارولين" ضحية تشويه جسدها داخل مدرسة في فيصل    رئيس هيئة المحطات النووية يهدي لوزير الكهرباء هدية رمزية من العملات التذكارية    أحمد موسى: محدش يقدر يعتدي على أمننا.. ومصر لن تفرط في أي منطقة    ارتفاع ضحايا حادث «صحراوي المنيا».. مصرع شخص وإصابة 13 آخرين    استشاري مناعة يقدم نصيحة للوقاية من الأعراض الجانبية للقاح استرازينكا    وزير الصحة التونسي يثمن الجهود الإفريقية لمكافحة الأمراض المعدية    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لنا في كل أمر يسراً وفي كل رزق بركة    محافظ الإسكندرية يشيد بدور الصحافة القومية في التصدي للشائعات المغرضة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار السيسي المرتقب مع العلمانيين.. لماذا يتجاهلون الأصول والقواعد؟

الحوار هو وسيلة الشعوب الراقية لحل المشكلات سواء كان ذلك داخل الأسرة أو المؤسسات الحكومية والخاصة وصولا إلى مؤسسات الحكم والإدارة داخل الدولة. والأصل في الحوار أن يتسم بالديمومة والمرونة والشمول من أجل تعزيز وحدة المجتمع وتماسكه من خلال تدفق الثقة صعودا وهبوطا بين السلطة والمجتمع. والمجتمعات التي تشهد انسدادا في أطر الحوار ووسائله وآلياته تعاني من الجمود والتآكل التلقائي وتتجه بقوة نحو التفكك والتمزق والانهيار. إزاء ذلك كيف يمكن تفسير دعوة الدكتاتور عبدالفتاح السيسي للحوار خلال حفل إفطار الأسرة المصرية في 25 رمضان الماضي الموافق 26 إبريل 2022م؟ وهل يتسق هذا الحوار المرتقب مع الأصول والقواعد؟
الأصل في الحوار ثلاثة أمور:
الأول، أنه أحد ثوابت إدارة الدول؛ فلا تخلو من الحوار الدائم والمستمر أي دولة ديمقراطية بين الحكومة من جهة والأحزاب والقوى السياسية والاجتماعية من جهة أخرى، وفق آليات ثابتة ومحددة داخل مؤسسات الدولة السياسية والتشريعية والمهنية كالنقابات ومنظمات المجتمع المدني؛ فالأصل أن كل مؤسسات الدولة تتشكل بناء على انتخابات حرة تتنافس فيها كل القوى السياسية في المجتمع؛ فمن يحصل على الأغلبية يحكم، والخاسرون يبقون في صفوف المعارضة، وكلا الفريقين (الحزب الحاكم والأحزاب الأخرى) له كتلته السياسية داخل البرلمان والمجالس المحلية وهي الأدوات الديمقراطية والمؤسسات السياسية الرسمية داخل الدولة التي تدير الحوار حول كافة مشاكل المجتمع وفق آليات الديمقراطية بشكل يتسم بالدوام ويلتزم باللوائح والقوانين، ولا يتم حسم الخلاف إلا عبر التصويت داخل البرلمان والمؤسسات المنتخبة المعبرة عن أطياف المجتمع. والمجتمع عبر الانتخابات الحرة النزيهة هو من يحدد الوزن النسبي لكل حزب داخل البرلمان، والشعب هو من يمنح الثقة للحزب الحاكم وهو من ينزعها في انتخابات لاحقة إذا لم يحقق الفائزون آمال وتطلعات الشعب، ويمنحها لحزب آخر، وهذا هو عين التداول السلمي للسلطة. والبديل لذلك هو حسم الخلاف بين الأحزاب والبرامج والأفكار عبر الاقتتال الأهلي بالسلاح وأدوات العنف والإرهاب أو بالانقلابات العسكرية وقهر المخالفين بقوة السلاح؛ وهذا هو عين الدكتاتورية والطغيان. وبالتالي فإن أحد ثوابت الأمن القومي لأي دولة هو الإجماع على آلية الاحتكام إلى الشعب عبر صناديق الانتخابات النزيهة والشفافة لتفويض من يحكم أو نزع الثقة من الحاكم إذا فشل في تحقيق البرنامج الذي انتخب على أساسة. وبالتالي فإن نسف هذه الآلية (الديمقراطية والاحتكام إلى الشعب عبر صناديق الاقتراع) أو التلاعب بها وتحويلها إلى ديكور وشكل بلا جوهر، هو تهديد مباشر للأمن القومي لهذه الدولة. وبالتالي يتحول حكام مثل هذه الدولة والمسئولون بها من حماة وحراس لها كما هو مفترض إلى أكبر تهديد لوجودها وأمنها القومي. فالاستبداد والطغيان هما عدو الشعوب والسبب الرئيس في تخلف الدول وتراجعها ودمارها.
الثاني، أن الحوار لا يكون بين قوى وأحزاب متفقة، بل يكون بين المختلفين في الرؤى والتصورات حول تسوية الأمور لتكون محل أكبر إجماع أو توافق وطني، وسبل مواجهة التحديات؛ لذلك الحوار في الدول الديمقراطية يتم بشكل طبيعي ودائم كل يوم، بين الأفكار والبرامج والأحزاب المختلفة الممثلة في البرلمان والمجالس المنتخبة بإرادة الشعب الحرة. لأن الأصل في فلسفة الانتخابات في النظم الديمقراطية أنها أداة لحسم الصراع على السلطة بين البرامج والأفكار والأحزاب بأداة سلمية راقية ومتحضرة؛ فصناديق الاقتراع والاحتكام إلى الجماهير لكسب ثقتها هو المسار الرشيد لضمان وحدة الأمة وتماسك المجتمع وتحصينه من التفكك والتمزق؛ وهذا هو جوهر حماية الأمن القومي وصيانة الدولة والحفاظ عليها من التآكل والفوضى. لذلك فإن الدول الغربية تتشبث بهذه القواعد ولا تقبل مطلقا بانتهاكها والخروج عليها لأن ذلك سيكون كفيلا بدمارها وخرابها؛ لذلك تقدمت وتخلفنا.
الثالث، أن الحوار بحد ذاته هو أداة للتواصل الجيد مع الآخرين، ومن أهداف الحوار لا سيما في المسائل النسبية التوصل إلى أرضية مشتركة بين الفرقاء أو على الأقل الإيمان بوجاهة الآراء والتفسيرات الأخرى في المسائل والقضايا ذات الأبعاد المختلفة والمتنوعة. فالحوار ليس وسيلة لإفحام الآخرين (يتحول في هذه الحالة إلى جدال مذموم) بقدر ما هو وسيلة للتقارب والتوصل إلى أرضية مشتركة وصيغة متوازنة لتحقيق مصالح مشتركة للأطراف المشاركة في الحوار. وبالتالي لكي ينجح يحتاج أولا، إلى المساواة المطلقة بين المشتركين فى الحوار، فلا يملك أى منهم امتيازات خاصة فى مواجهة الآخرين. وثانيا، أن يدخل الجميع الحوار بروح منفتحة، فلا يدعى أى منهم احتكار الحقيقة، كما يكونون مستعدين للتخلى عن وجهات نظرهم إذا ثبت من خلال الحوار أن حجج الآخرين أكثر صحة. وثالثا، أن تكون الحجج الراجحة فى الحوار هى الحجج الأقدر على الإقناع بسبب إمكانية أن تكون الأقدر على تحقيق المصلحة العامة. رابعا، ألا ينفرد أى طرف بتحديد من يشارك فى الحوار، وبفرض جدول أعماله، فالحوار يجب أن يكون مفتوحا لكل الأطراف، كما أن كل القضايا العامة هى مقبولة للمناقشة. خامسا، أن يكون كل أطياف المجتمع ممثلين في الحوار تمثيلا عادلا لا متساويا وفق الوزن النسبي لكل فريق وهذا لا يكون إلا عبر انتخابات نزيهة تحدد الأوزان النسبية للأحزاب والقوى السياسية بناء على وجودها في الشارع وإلا ادعى كل طرف أنه الأكثر حضورا وتعبيرا عن الجماهير دون دليل يدعم هذه المزاعم. سادسا، أن يكون هناك معايير محل اتفاق يتم الاحتكام إليها عند الخلاف؛ وبالتالي يخضع الجميع عند تحكيم هذه المعايير المرجعية، وإذا تواصل الخلاف يحتكم الجميع إلى الشعب ليكون هو مرجعية حسم الخلاف مع التسليم الكامل لنتائج اللجوء إلى الشعب عبر صناديق الاقتراع، فإذا استنكف فريق عن التسليم بنتائج الاحتكام إلى الشعب وفق أدوات الديمقراطية النزيهة والشفافة دون إقصاء أحد من حق المشاركة، يكون من حق المجتمع في هذه الحالة إلزام هذا الفريق الذي يخالف الإجماع بما تم التوصل إليه بأدوات دستورية وقانونية.
وبناء على هذه القواعد، فإن دعوة السيسي للحوار هي برهان على فشل مؤسسات الدولة؛ فالبرلمان لا يقوم بدوره ووظيفته؛ لأنه غير منتخب من الشعب بل صممته الأجهزة الأمنية وأشرفت على تشكيله بعيدا عن إرادة الجماهير في انتخابات صورية معلومة النتائج مسبقا، لذلك هو لا يعبر مطلقا عن الشعب ولا عن القوى والأحزاب السياسية الحقيقية في الشارع، فهو برلمان صوري يعبر عن السلطة لا الجماهير، دوره هو البصم على قرارات الحكومة ومشروعات القوانين التي ترسلها السلطة. كما أن دعوة السيسي للحوار برهان على أن هناك قوى وأحزاب في الشارع لها تأثير لكنها غير ممثلة في البرلمان؛ معنى ذلك أن الدولة حاليا ومنذ منتصف 2013م ينعدم فيها الحوار داخل مؤسساتها السياسية لانعدام التنوع والاختلاف؛ فالحوار يجب أن يكون متدفقا كالنيل وتلقائيا كحركة الكائنات والأجرام في السماء، وأحد ثوابت الدولة داخل مؤسساتها المنتخبة (برلمان محليات نقابات)، لكن النظام أقصى الإسلاميين وهم الفصيل الشعبي الأكبر في البلاد، وحوَّل الانتخابات إلى مسرحيات والبرلمان إلى ديكور، وفرض وصايته على مفاصل الدولة بالبطش والإرهاب. فهل ينجح مثل هذا الحوار الشكلي الذي يستهدفون به تبييص صورة النظام ومنحه تفويضا جديدا وتعزيز موقفه أمام جهات التمويل الدولية للموافقة على القرض الرابع من صندوق النقد؟ هيهات هيهات!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.