نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا استعرض تأثر الاقتصاد المصري بشدة بآثار الحرب الروسية الأوكرانية، التي دمرت مصادر العملة الأجنبية في البلاد وتسببت في هروب مليارات الدولارات من السوق المصرية. وقالت حكومة الانقلاب إنها "تخطط لسيناريو أسوأ الحالات، وتجري محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن الأموال المحتملة ، بالإضافة إلى الدعم الفني للتحوط من الآثار الاقتصادية للصراع الأوكراني إذا طال أمده". على الرغم من الانخفاض الحاد الأخير في صافي الأصول الأجنبية المصرية (NFAs)، هناك شعور بالتفاؤل حيث تلجأ القاهرة إلى الدول العربية المجاورة للحصول على الدعم لإعادة اقتصادها إلى المسار الصحيح.
اعتبارات جديدة وأشار التقرير إلى أنه بعد أيام فقط من الغزو الروسي لأوكرانيا، باع المستثمرون الأجانب الفارون من الأسواق الناشئة حوالي 1.19 مليار دولار من سندات الخزانة المصرية. تركت الحرب في أوكرانيا مصر تواجه تكاليف أعلى لاحتياجاتها الكبيرة من استيراد القمح ، بالإضافة إلى خسارة في عائدات السياحة من الزوار الروس والأوكرانيين لمنتجعات البحر الأحمر. يشكل السياح من روسياوأوكرانيا الجزء الأكبر من زوار الدولة العربية، ويشكلون تقليديا ما يقرب من ثلث 12 مليون سائح زاروا مصر في سنوات الذروة، يذهب جزء كبير من الصادرات الزراعية للبلاد، بما في ذلك البطاطس، إلى روسياوأوكرانيا. وقال خالد الشافعي، رئيس مركز الأبحاث المحلي كابيتال للدراسات الاقتصادية، ل Middle East Eye «نحتاج إلى البحث عن أسواق جديدة وإعادة النظر أيضا في الظروف السياسية في جميع أنحاء العالم لتجنب الإضرار بالاقتصاد من أي أزمات محتملة». في فبراير، انخفض صافي الأصول الأجنبية في مصر بشكل حاد بمقدار 3.29 مليار دولار، كان هذا الانخفاض هو الأحدث في سلسلة والأعلى في سبعة أشهر، مما رفع إجمالي NFAs إلى 2.9 مليار دولار، وفقا للبنك المركزي المصري. وقال محللون إن "أي حركة في NFAs يمكن أن تمثل تغييرات في تدفقات الاستيراد أو التصدير، أو تدفقات المحافظ الأجنبية إلى الخارج، أو سداد الديون الخارجية، أو تغييرات في تدفق تحويلات العمال أو تباطؤ السياحة". هذا تطور مقلق، خاصة في سياق دولة مثل مصر حيث الاعتماد على الأموال الساخنة والودائع من قبل الدول الأخرى لسداد الديون مرتفع. والدولار الأمريكي هو العملة الرئيسية للاستيراد والتصدير في مصر. وقال أحد المحللين إنه "في حين أن البنك المركزي ربما يكون قد اتخذ الإجراءات اللازمة لضمان قدرته على احترام الالتزامات المالية الوطنية تجاه الأطراف الأخرى، يجب عمل المزيد". وقالت هدى الملح، رئيس مركز أبحاث، المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، ل MEE «نحن بحاجة إلى العمل الجاد حقا لجذب الاستثمارات وتحريك قطاع السياحة ، للتعويض عن الخسائر التي تكبدها القطاع نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية».
خطة العمل واستطرد التقرير: اتخذت سلطات الانقلاب في الأسابيع الأخيرة عدة خطوات لمنع إضعاف العملة الوطنية مقابل هروب رأس المال والحفاظ على الاستثمارات القادمة إلى البلاد. وشملت الإجراءات خفض قيمة الجنيه المصري بنسبة 14 في المائة ورفع سعر الفائدة بنسبة 1 في المائة. بعد دقائق من ارتفاع سعر الفائدة، عرض أكبر بنكين مملوكين للدولة شهادات ادخار مدتها عام واحد وسعر فائدة 18 في المائة ، منذ ذلك الحين جمع البنكان بالفعل مئات المليارات من الجنيهات من الناس العاديين. كما تسبب انخفاض قيمة العملة الوطنية بالفعل في ارتفاع أسعار السلع الأساسية في جميع المجالات، مما زاد من معاناة عشرات الملايين من الناس في بلد يعتمد فيه أكثر من 70 في المائة من السكان على حصص الإعاشة الغذائية. ويحذر الاقتصاديون من أن هذه الخطوة قد يكون لها تداعيات خطيرة على الاستثمار وأنشطة السوق ومعدل البطالة في البلاد. وقالت يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، ل MEE إن "خفض سعر صرف الجنيه سيؤثر بالضرورة على المستهلكين العاديين ، وقد بدأنا نرى ذلك بالفعل في ارتفاع أسعار السلع". وأضافت «تحتاج الحكومة إلى زيادة السلع المعروضة لكبح جماح الأسعار». كما ورد أن حكومة الانقلاب مستعدة لتقديم حزمة تقشف جديدة، والتي ستطلب من الوزارات المختلفة مراجعة إنفاقها والحد بشكل صارم من ميزانيات المشاريع الجديدة. علاوة على ذلك، تقدمت حكومة الانقلاب بطلب للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي والذي قد يأتي بشروط جديدة مثل إجراءات التقشف والتعديلات الهيكلية، على الرغم من أن وزير المالية محمد معيط، في حكومة السيسي قال إن "الصفقة لا تتضمن أي أعباء إضافية على المواطنين المصريين".
الاستثمارات العربية وأوضح تقرير "ميدل إيست آي" أنه سارع بعض جيران مصر لمساعدتها للمساعدة في استقرار سعر صرف الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية. في الأسبوع الماضي فقط، أودعت المملكة العربية السعودية 5 مليارات دولار في البنك المركزي المصري ومن المتوقع أن تستثمر أكثر مع زيادة الحرب الأوكرانية للضغط على الاقتصاد المصري. وتعد دول عربية أخرى باستثمارات بمليارات الدولارات، بما في ذلك قطر التي تعهدت باستثمار 5 مليارات دولار في السنوات القليلة المقبلة، إضافة إلى مليارات الدولارات التي استثمرتها الدوحة بالفعل. وقال محمد عبد الحميد، عضو اللجنة الاقتصادية في برلمان السيسي، إن "الدعم الاقتصادي من الدول العربية لمصر أمر بالغ الأهمية خاصة الآن، بالنظر إلى أهمية مصر كدولة مركزية في المنطقة العربية". وقال عبد الحميد ل MEE «هذه الودائع والاستثمارات ستزيد من احتياطيات العملات الأجنبية ، وبالتالي ستساهم في استقرار سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي». كما يفتح الوضع الاقتصادي الحساس في مصر الباب أمام المنافسة بين الدول العربية على الاستحواذ على أصول الدولة. لعدة سنوات، تعمل الإمارات بنشاط من أجل تأمين قدمها في مختلف قطاعات الاقتصاد المصري، وهي تخطط الآن لشراء اثنتين من أهم شركات الأسمدة في البلاد. كما يضع الإماراتيون أعينهم على حصص مملوكة لحكومة السيسي في البنوك الكبرى. وتخطط المملكة العربية السعودية أيضا لشراء العديد من أصول الدولة، ضمن حزمة استثمارات بقيمة 10 مليارات دولار في الفترة المقبلة. ونقلت وسائل إعلام محلية عن عصام بن سعيد، عضو مجلس الوزراء السعودي، قوله «لا نعتزم الاستثمار في مجال واحد، بل نعتزم تنويع الاستثمارات بطريقة تفيد الشعبين، ولا تحقق فقط الفائدة للمستثمر». كشف رئيس الصندوق السيادي المصري مؤخرا أن بعض دول الخليج أبدت اهتماما أيضا بشراء أسهم مملوكة للجيش المصري في بعض محطات الكهرباء في البلاد.
الآمال والمخاوف واختتم التقرير: بمساعدة مالية من الدول العربية، من خلال الودائع في البنك المركزي والاستثمارات الموعودة، تشعر القاهرة بالأمل، على الرغم من توقع بعض المراقبين أن مثل هذا الدعم لن يؤتي ثماره حتى بداية العام المقبل. ومع ذلك، فإن بيع أصول الدولة يثير غضب المحللين المحليين، حيث اتهم أحدهم الحكومة بالسماح للشركات التي تقدم مساهمات كبيرة للاقتصاد المصري بالوقوع في أيدي الأجانب. ويحذر آخرون من التداعيات السياسية للسماح لدول المنطقة بالسيطرة على الاقتصاد المصري، خاصة بالنظر إلى المصالح المتباينة الحالية بين مصر وهذه الدول. ومع ذلك، قللت مصادر مصرية مطلعة مثل عبد الحميد، عضو برلمان الانقلاب، من شأن هذه المخاوف. وقال "هذه مجرد استثمارات ستجلب العملات الأجنبية وتخلق فرص عمل، ويعكس جذب الاستثمارات قوة الاقتصاد الوطني وهناك قوانين صارمة تنظم هذه الاستثمارات ".